المقالات والبحوث

ظلامة الزهراء (عليها السلام ) بقلم /المبلغة وسن فوزي العتبي

 ظلامة الزهراء (عليها السلام )    بقلم /المبلغة  وسن فوزي العتبي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

ظلامة الزهراء (عليها السلام ) 

 بقلم /المبلغة  وسن فوزي العتبي

_______

 

- ان من الاصول معرفة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام فمن عرفها حق معرفتها فقد ادرك ليلة القدر التي خير من الف شهر إلا انها سميت فاطمة لان الخلق فطموا عن معرفتها ومما يدل على مقامها الشامخ وعظمتها الذاتية والكلية كما في الانبياء والاوصياء - ع - ان الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها كما ورد عند الفريقين السنة والشيعة .

- فهي الكوثر وهي بضعة المصطفى من اذاها فقد آذى رسول الله ومن آذى رسول الله فقد آذى الله ومن آذى الله ورسوله عليه لعنة الله ابد الآبدين ..

- فكان لابد لنا في هذا المقام ان نبحث ونقف على ظلامة الزهراء لنعرف على من غضبت وماتت وهي واجدة عليهم ..

ولمعرفة الظلم الذي جرى عليها بداية لنأخذ فكرة عامة عن الظلم واسبابه وعقابة في القران والسنة… 

- لنجد من خلال استقراء القرآن الكريم ان اكثر الايات القرآنية الواردة في كتاب الله صريحة وواضحة في تحريم الظلم سواء كان بذكر لفظة الظلم بصورة مباشرة او عن طريق نقيضه  (

 العدل) 

والظلم معناه عرفاً بخس الناس اشياءهم وحقوقهم والاعتداء عليهم سواء كان قولا او عملاً 

اما مفهوم الظلم شرعاً  وهو وضع الشيء في غير موضعه الشرعي واصله الجور ومجاوزة الحد… 

 ولان النفس البشرية فيها نوازغ الخير ونوازغ الشر ظهرت الحاجة لتعاليم الدين الاسلامي وتنمية النفس نحو الاخلاق والفضائل التي هي الميزان الذي يبرز ذلك النوع من البشر والظلم من عوامل الشر التي تسيطر عليها القوى الغضبية والكراهيه والحسد وهو مرض من امراض النفس المتوغلة بالشر ..

- ولهذا جاءت الكثير من الايات القرآنية الكريمة حاملة بين طياتها التأكيد على هذا الامر المهم 

والضروري لتكامل البشرية وحرمة الظلم وعدم معونة الظالمين ..

- حيث جاء في قوله تعالى ( ان الله لا يظلم مثقال ذرة ) ليؤكد حقيقة ان الله حرم على نفسه الظلم فلا يظلم عباده كما ورد في الحديث القدسي ( يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) 

لذلك حذر الله من الظلم وحذر ايضا من الركون الى الظالمين وذلك في قوله تعالى(  ومأواه النار وما للظالمين من انصار ) ليذكر البشرية بان الظالمين ليس لهم نصير ولا تنصرهم السماء وان الله اعد للظالمين عذاب اليم قال تعالى

( ذلك بما قدمت ايديكم وان الله ليس بظلام للعبيد ) ..

- وعن الامام الباقر عليه السلام ( الظلم ثلاثة ظلم يغفره الله تعالى وظلم لا يغفره الله تعالى وظلم لا يدعه الله . فأما الظلم الذي لا يغفره الله عز وجل . فالشرك ، واما الظلم الذي يغفره الله عز وجل فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله عز وجل ، واما الظلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد ) ..

وعلى هذا الحديث  ينقسم الظلم الى ثلاث

ظلم لا يغفره الله ابدا الا بالتوبة لانه اشد انواع الظلم واخطره وهو الشرك قال تعالى ( ان الشرك لظلم عظيم ) 

- وظلم يغفره الله تعالى فهو ما بين العبد وربه واغلبها الذنوب والمعاصي كالنظر الحرام وسماعه او اقتراف معصية وترك الطاعة وغيرها وهذا الظلم يغفره الله اذا اعقب الذنب استغفار قال تعالى ( ومن يعمل سوءً او يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) .

- واما الظلم الذي لا يتركه الله تعالى فهو ظلم العبد اخيه المسلم وهذا النوع من الظلم يقتص الله من المسيء الى المظلوم يوم القيامة بقدر ظلمه واساءته .

عن رسول الله صلى الله عليه واله ( اتقوا الظلم  فانه ظلمات يوم القيامة )

وعن اي ظلمات نبهنا الرسول الكريم وهل يوجد اقسى واشد من ظلمات يوم القيامة تلك الظلمات التي لا يتركها الله الا ويسأل عنها ويقتص من الظالمين .

اذن لماذا لا يتدارك الانسان ظلمة ويرد ما بذمته من حقوق للاخرين لكي يتقي ظلمات يوم القيامة - وما ورد في ثواب رد المظالم عن رسول الله صل الله عليه واله ( درهم يرده العبد الى الخصماء خير له من عبادة الف سنة وخير له من عتق الف رقبة وخير له من الف حجة وعمره ) 

- هذا الدرهم له كل ذلك الاجر من الله لكن ماذا عن ظلم بحجم ظلامة الزهراء عليها السلام من غصب حقها من فدك واحراق بابها وكسر ضلعها واسقاط جنينها وغير ذلك كيف يقتص الله من ظالميها وهي التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها. 

- وبيان مظلومية فاطمة الزهراء  -ع بداية من رسول الله صلى الله عليه واله هل كان يعلم بما يجري على اهل بيته ام لا 

- والجواب نجده واضحا من خلال مطالعة كتب التأريخ ان الرسول - ص كان يعلم ما سيجري على بضعته الطاهرة وكان في اكثر من مره يوصي الزهراء وامير المؤمنين - ع بالصبر وخصوصا عند قرب وفاته حيث اخبرها بأنها ستظلم من بعده وانها اول الناس لحوقاً به من اهل بيته 

وتظافرت الرويات الكثيرة في اثبات هذه المأساة بعد ابيها اما من الذي يظلمها حقها فهذا ما ترويه سقيفة بني ساعده والتي كانت مفتاح الظلم الذي سنه الخليفة الاول والثاني على اهل البيت عليهم السلام.. -

وهذا ما اشارت اليه عليها السلام في خطبتها في مسجد ابيها حيث قالت ( والجرح لما لم يندمل والرسول لما يقبر ابتداراً زعمتم خوف الفتنة   إلا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين ) اي ان الجرح لما يندمل بفقد النبي ولم يدفن بعد ادعيتم واظهرتم للناس كذبا وخديعة ،انا اجتمعنا في السقيفة دفعاً للفتنة مع ان الغرض الحقيقي غصب الخلافة عن اهلها وهو عين الفتنة ..

- وفعلاً بعد وفاة الرسول عصفت بعترته الطيبة الاحداث المؤلمة والظروف العصيبة في اقل من اسبوع بدأت المصائب تنهال على الزهراء وكأني بها تقف خلف بابها ذاك الباب الذي كان الرسول الاكرم يستأذن للدخول عليها ويقول ( ان الله امر بذلك ) وذلك لحرمة بيت علي وفاطمة عليهما السلام فلم يرع عمر وابو بكر حرمته حينما امر بأن يكشف بيت الزهراء فلما هجم القوم لاذت السيدة خلف الباب لتستر نفسها عن اولئك الرجال فعصروها عصره شديده كسرت ضلعها واسقطت جنينها وبسبب تلك الاعمال الشنيعة والافعال الفضيعة التي ارتكبها القوم مرضت سيدة نساء العالمين فماتت وهي ساخطة على ابي بكر وعمر وعلى كل من اذاها ..

- وقد يُشكل البعض على هذا وينكر هذه الاحداث برغم من انه اشار اليها المحدثون والمؤرخون في الاخبار والبعض صرحوا به  وشرحوه بالتفصيل بحيث لم يبق لأحد مجال للانكار وهذا بعض من كتبهم المعتبرة ومصادرهم المشتهرة 

- ذكر المسعودي صاحب تأريخ مروج الذهب قال في كتابة عن شرح قضايا السقيفة والخلافة : فهجموا علي واحرقوا بابه واستخرجوه كرها وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى اسقطت محسنا ً..

وفي تأريخ الطبري ج /٣ ص ١٩٨ والامامة والسياسة ج / ١ص١٣  وشرح ابن ابي الحديد ج/ ا ص ١٣٤  وري الشهرستاني في الملل والنحل ص٨٣ عن النظام قال ان عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى القت الجنين من بطنها وكان يصيح احرقوا الدار بمن فيها وما كان في الدار غير علي وفاطمة وحسن وحسين… 

- اما عن غصب حقها من فدك فما ذكره المحدثون في تفسير قوله تعالى ( وآت ذا القربى حقه ) ان المقصود في القربى هم اقرباء الرسول وهم علي وفاطمة وحسن وحسين عليهم السلام وان النبي صلوات الله عليه واله اعطى فاطمة فدكاً وكانت فدك خالصة لرسول الله لانه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب فمنحها اياها وتصرفت فيها واخذت حاصلها فكانت تنفقها على المساكين ..ولكن بعد وفاة الرسول الكريم أرسل ابو بكر جماعة فأخرجوا عمال فاطمة من فدك وغصبوها وتصرفوا فيها لان ابو بكر سمع من النبي صلوات الله عليه واله قوله ( نحن معاشر الانبياء لا نورث وما تركناه صدقة ) .

 - ان  فاطمة الزهراء ع- احتجت على ابي بكر وردته وردت حديثه بالاستناد الى القرآن الحكيم فأنه اقوى حجه وادل دليل واكبر برهان ..

-واثبتت ايضا في خطبها وكلامها وبإقامة الشهود ان فدك لها وليست فيئا للمسلمين وانها نحلة من رسول الله  صلى الله عليه واله..حيث قالت ( يابن ابي قحافة ! أفي كتاب الله أن ترث انت أباك ولا أرث ابي ..لقد جئت شيئا فريّا ) واستدلت سلام الله عليها بالقران حيث ذكرت قول الله تعالى ( وورث سليمان داوود ) وفي قوله تعالى ( فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من ءال يعقوب واجعله رب رضيا ) وفي قوله تعالى ( يوصيكم الله في اولدكم للذكر مثل حظ الانثيين ) ..وبعد كل ما تبين ينقدح السؤال ما السبب وراء غصب فدك واستهداف الزهراء - ع من مطالبتها الحثيثة بفدك والجواب على  ذلك مطالبتها بفدك ليس من اجل هدف  مادي كما يعتقد البعض لان الكل يعلم ما كانت تتمتع به السيدة الزهراء ع- من علو النفس وسمو المقام والزهد لكن هذا لا يمنع من ان تطالب بحقها وذلك لفسح المجال امامها للمطالبة بحق زوجها امير المؤمنين والواقع ان فدك صارت تتماشى مع الخلافة جنبا الى جنب فلم تبق فدك قرية زراعية محدودة بل صارت معناها الخلافة والرقعة الاسلامية بأكملها وما يدل على هذا تحديد الائمة لفدك فقد حدها الامام علي عليه السلام في زمانه بقوله ( حدٌ منها حبل احد وحدٌ منها عريش مصر وحدٌ منها دومة الجندل وهذه الحدود التقريبية للعالم الاسلامي آنذاك .

- ولذلك كان هدف الخليفة الاول في غصب فدك ليضعف الجانب المادي لاهل البيت - ع لانهم كانوا يعلمون ان علياً - ع- غني بالمعنويات وكفته راجحة في الدين والايمان والعلم والفضائل وما الى ذلك ، فلو ملك الجانب المادي بإلاضافة الى الجانب المعنوي التفَّ الناس حوله ولم يرضوا بغيره فذلك كان السبب الرئيسي وراء غصب فدك .. 

وبعد كل ما ذكر عن ظلامتها رحلت السيدة الزهراء عن الدنيا في جو من الكتمان ليكون تشييع جنازتها سراً تعبيرا عن سخطها على السلطة وعلى كل من ايدها وتعاون معها ليبين لنا مدى تألمها من ذلك المجتمع ومدى تذمرها من الجفاة القساة وليكون اسمها رمزا للمظلومية والحرمان… ..

 

 بقلم /المبلغة  وسن فوزي العتبي

مجمع المبلغات فرع الرصافة الثانية 

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار