المقالات والبحوث

وهل يُغلق باب التوبة !؟ بقلم فضيلة الشيخ ميثم الفريجي

وهل يُغلق باب التوبة !؟    بقلم فضيلة الشيخ ميثم الفريجي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

وهل يُغلق باب التوبة !؟  

بقلم فضيلة الشيخ ميثم الفريجي 

 

بسمه تعالى 

ينبغي للانسان العاصي أن يُعلن توبته الصادقة ، ويستغفر لذنبه ، ويعزم على عدم العود إلى المعصية - على كل حال وفي كل آن - ، فإذا فعل ذلك ، فسيتوب الله عليه ، ويتقبّل توبته لأنه تعالى قد وعد بذلك وقال : ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ ﴾ (طه / 82)

 

وإنه تعالى ليفرح بتوبة عبده ويجعله محبوباً لديه

 قال تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ (البقرة /222)

 

وأن رحمة الله قد وسعت كلَّ شيء ، وفاضت على مخلوقاته لذا ترك باب التوبة مفتوحاً لعباده ، كما جاء في مناجاة التائبين للإمام زين العابدين وسيد الساجدين عليه السلام  : (( إلـهي اَنْتَ الَّذي فَتَحْتَ لِعِبادِكَ بابا اِلى عَفْوِكَ سَمَّيْتَهُ التَّوْبَةَ ، فَقُلْتَ تُوبُوا اِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ، فَما عُذْرُ مَنْ اَغْفَلَ  دُخُولَ الْبابِ بَعْدَ فَتْحِهِ  ))

وإنما العبد هو الذي يُغلق هذا الباب على نفسه ، وذلك بأحد أمرين :

 

 الأول : أن يصرَّ  على الذنب ، ولا يصدقُ في التوبة أمام الله تعالى ، فيذنب ويترآى له أنه قد تاب ثم يرجع للذنب مرةً أخرى فضلاً عن ذاك الذي لا يدنوا من فيض التوبة أبداً ، فهذا هو الذي قد سد الباب على نفسه فتراكمت الذنوب والآثام على قلبه ، فلا يوفّق للتوبة أبدا 

 قال تعالى : ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون ﴾(المطففين/ 14)

 

وكذلك قول الإمام الصادق (عليه السلام) : ﴿ مَا مِنْ شَيءٍ أفْسَدُ للقَلْبِ مِن خَطِيئة ، إنَّ القَلْبَ  لَيوَاقِعُ الخَطِيئَةَ فَمَا تَزَالُ بِهِ حَتَّى تَغْلبُ عَليه فَيَصيرُ أعْلاهُ أسفَلَه ُ﴾.

 

 

وفي الحديث عن الباقر (عليه السلام) : مَا مِنْ عَبْد مُؤْمِن إلاّ وَفي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، فَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً خَرَجُ فِي تِلْكَ النُّكْتَةِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا تَابَ ذَهَبَ ذَلِكَ السَّوَادُ ، فَإِنْ تَمَادى في الذُّنُوبِ زَادَ ذَلِكَ السَّوَادُ حَتّى يُغَطِّيَ الْبَيَاضَ ، فَإِذَا غُطّيَ الْبَيَاضُ لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُهُ إِلَى خَيْر أبَدَاً ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( كَلاّ بَلْ رَانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُون )

 

الأمر الثاني : أن يبقى مداوماً على ذنبهِ حتى يداهمهٌ الموت ، بمعنى أنه لا يصدق التوبة مع الله تبارك وتعالى حتى يعاين فإن عاين لم يعد مجال للتوبة  فقد خرج من عالم التكليف إلى عالم الحساب 

قال تعالى : ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُون ﴾ (سبأ / ٥٧)

وقوله تعالى : ﴿ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ﴾ (النساء / ٧٨ )

 

وكذلك في الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال : إن آدم عليه السلام قال : ( يا رب سلّطت علي الشيطان ، وأجريته مني مجرى الدم فاجعل لي شيئا ، فقال : يا آدم جعلت لك انّ من هَمَّ من ذريتك بسيئة لم تكتب عليه ، فإن عملها كتبت عليه سيئة ، ومن هَمَّ منهم بحسنة فان لم يعملها كتبت له حسنة فان هو عملها كتبت له عشرا ، قال : يا رب زدني ، قال : جعلت لك إن من عمل منهم سيئة ثم إستغفر  غفرت له ، قال : يا رب زدني ، قال : جعلت لهم التوبة ـ او قال بسطت لهم التوبة ـ حتى تبلغ النفس هذه ، قال : يا رب 

حسبي ) .

 

وبعد كلّ ذلك ، فَما عُذْرُ مَنْ اَغْفَلَ دُخُولَ الْبابِ بَعْدَ فَتْحِهِ

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار