المقالات والبحوث

لؤلؤة مكنونة

لؤلؤة مكنونة

 المجمع العلمي لجامعة الزهراء 

بقلم صفية الجيزاني

انشق ضوء النهار.. استيقظت زهراء على صوت تسبيحات العصافير وهي تردد يا رحمن يارحيم يا مقلوب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.. 

انه اول يوم لها في الجامعة، يوم ليس كباقي الايام. 

نعم، تتحدث زهراء في خلجات نفسها.. ياترى كيف ستكون الاجواء هناك.. انه عالم غريب ومخيف مليء بالذئاب، بل هي غابة موحشة.. انتبهت زهراء الى نفسها.. يالهي ما هذه الافكار السيئة، لماذا هذا التشاؤم؟!. لابد ان اكون اقوى من ذلك. كلا بل هي قاعة امتحان او لنقل هو اختبار لي ولأمثالي من ابناء جنسي.. الانتصار او الهزيمة.. 

ياالهي اعني على نفسي بما تعين الصالحين على انفسهم.. تقدمت زهراء نحو خزانة ملابسها.. ماذا سترتدي في اول يوم لها في الجامعة؟ ومن هنا يبدأ الامتحان.. مدت يدها الى ملابسها فأرتدت ثوب الطهر والعفاف.. وضعت عباءتها على راسها، بسم الله نبتدأ الرحلة.. قبل خروجها من المنزل طلبت من امها ان تدعو لها بالتوفيق.. 

أم زهراء:بنيتي لا تنسي ما أوصيتك به، اذهبي وتوكلي على الله.. 

خرجت زهراء من المنزل وهي غارقة بالحياء والعفة، لم يتوقف لسانها عن الذكر طول الطريق، وصلت الجامعة و تبدأ المرحلة الثانية من الامتحان.. دخلت الجامعة، ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا.. 

لاحظت زهراء العيون تتجه نحوها وكأنها كائن من كوكب آخر.. لم تهزها هذه النظرات.. امسكت عباءتها بقوة وهي تسير بكل ثقة امام تلك النظرات المستهزئة.. تذكرت كلام والدتها وما أوصتها به، بأنها سوف تصادف العديد من الافكار والقيم التي قد تخالف مبادئها وقيم دينها، فلابد لها من ان تواجه هذه الافكار بكل حكمة وان تكون قوية في مواجهتها ولا تتأثر بأي منها. وأن تثبت أحقية مبادئها بطريقة عملية ومقنعة دون جرح اوخدش مشاعر الاخرين.. لان دين الاسلام هو دين المحبة والالفة وان الائمة عليهم السلام أوصونا ان نكون دعاة لهم بأفعالنا الصالحة وأن نكون زينا لهم لا شين عليهم.. 

ولأن زهراء فتاة مؤمنة وحكيمة وكانت واثقة من انها على صواب بل انها بأخلاقها وحجابها وحيائهاتمثل مرآة عاكسة لمبادئ دينها الحنيف.. بقيت محافظة على مبادئها ولم تتأثر قدر أنملة بما حولها من المغريات.. 

وفي احد الايام تقدمت نحوها أحدى طالبات الجامعة وكانت فتاة مغرورة تستهزئ بمن حولها.. وقد اطلقت على زهراء لقب (المتخلفة) لانها ترتدي العباءة.. وقد وجهت سؤالا لزهراء ظنا منها انها سوف تحرجها امام صديقاتها.. لماذا انت هكذا غارقة في الملابس ونحن الآن في عصر التقدم والحضارة وعصر الموضا .. اليس هذا تخلف؟! 

حان الوقت لزهراء ان ترد على -منى-الفتاة المغرورة. انتصارا لدينها ودفاعا عن عقيدتها ولكن بكل ادب واحترام.. 

عزيزتي منى اذا قدم احدهم لك قطعتين من الحلوى أحدهما مغلفة بغلاف والاخرى مكشوفة ملوثة بذرات التراب فأيهما تختارين؟ أجابت منى طبعا اختار المغلفة. وهل انا غبية حتى آخذ المكشوفة؟!! 

وسؤال آخر عزيزتي، صائغ المجوهرات يضع قطع المجوهرات داخل صندوق محكم بعيدا عن الايدي.. هل تعلمين لماذا يفعل ذلك؟ أجابت منى:طبعا كي يحافظ عليها من السراق.. ابتسمت زهراء وقالت:يا عزيزتي الفتاة مثل هذه الحلوى المغلفة اذا كشفت تعرضت للتلوث ومثل هذه الجوهرة اذا لم تحفظ كما يجب تعرضت للسرقة.. والفتاة كلؤلؤة خلقها الله تعالى داخل المحارة وفي اعماق البحار كي تكون بعيدة عن ايدي السراق والطامعين.. والآن عرفت لماذا انا غارقة في الملابس؟!! 

عندها بقيت منى مذهولة لهذه الاجابة ولم تجب بأي كلمة وأندهشت لمدى قوة وثقة زهراء بنفسها.. وهكذا يجب ان تكون كل فتاة مؤمنة كنخلة باسقة لا تهزها اي ريح عاتية لانها تمثل مولاتها الزهراء بحجابها وعفتها وثقتها بنفسها وما ادراك ما الزهراء؟ ْْ!

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار