المقالات والبحوث

اشراقات مهدوية: العلة المانعة لصاحب الامر(عليه السلام) من الظهور.

 اشراقات مهدوية: العلة المانعة لصاحب الامر(عليه السلام) من الظهور.

 

      لاعلة تمنع من ظهوره إلا خوفه على نفسه من القتل ، لانه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار ، وكان يتحمل المشاق والاذى ، فإن منازل الائمة وكذلك الانبياء عليهم السلام إنما تعظم لتحملهم المشاق العظيمة في ذات الله.

      فإن قيل: هلا منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله؟.

     قلنا: المنع الذي لاينافي التكليف هو النهي عن خلافه والامر بوجوب اتباعه ونصرته والالتزام والانقياد له ، وكل ذلك فعله تعالى، وأما الحيلولة بينهم وبينه فإنه ينافي التكليف وينقض الغرض به، لان الغرض بالتكليف استحقاق الثواب ، والحيلولة ينافي ذلك ، وربما كان في الحيلولة والمنع قتله بالقهر مفسدة للخلق ، فلا يحسن من الله فعلها.

     وليس هذا كما قال بعض أصحابنا : إنه لايمتنع أن يكون في ظهوره مفسدة وفي استتاره مصلحة ، لان الذي قاله يفسد طريق وجوب الرسالة في كل حال وتطرق القول بأنها تجري مجرى الالطاف التي تتغير بالازمان والاوقات ، والقهر.

      إن قيل: أليس آباؤه عليهم السلام كانوا ظاهرين ولم يخافوا ولاصاروا بحيث لايصل إليهم أحد؟.

       قلنا: آباؤه عليهم السلام حالهم بخلاف حاله ، لانه كان المعلوم من حال آبائه لسلاطين الوقت وغيرهم أنهم لايرون الخروج عليهم ، ولايعتقدون أنهم يقومون بالسيف ويزيلون الدول ، بل كان المعلوم من حالهم انهم ينتظرون مهديا لهم ، وليس يضر السلطان اعتقاد من يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم على مملكتهم (ولم يخافوا جانبهم) وليس كذلك صاحب الزمان عليه السلام ، لان المعلوم منه انه يقوم بالسيف ويزيل الممالك ويقهر كل سلطان ويبسط العدل ويميت الجور ، فمن هذه صفته يخاف جانبه ويتقي فورته ، فيتبع ويرصد ، ويوضع العيون عليه ، ويعنى به خوفا من وثبته وريبة من تمكنه فيخاف حينئذ ويحوج إلى التحرز والاستظهار ، بأن يخفي شخصه عن كل من لايأمنه من ولي وعدو إلى وقت خروجه.

      وأيضا فأبآؤه عليهم السلام إنما ظهروا لانه كان المعلوم أنه لو حدث بهم حادث لكان هناك من يقوم مقامه ويسد مسده من أولادهم ، وليس كذلك صاحب الزمان عليه السلام ، لان المعلوم أنه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور وقت قيامه بالسيف ، فلذلك وجب استتاره وغيبته ، وفارق حاله عن حال آبائه عليهم السلام ، وهذا واضح بحمد الله.

       فإن قيل: بأي شىء يعلم زوال الخوف وقت ظهوره أبوحي من الله؟ فالامام لايوحى اليه ، أو بعلم ضروري ؟ فذلك ينافي التكليف ، أو بأمارة توجب عليه الظن ؟ ففي ذلك تغرير بالنفس .

       قلنا : عن ذلك جوابان: 

      احدهما/ ان الله تعالى اعلمه على لسان نبيه صلى الله عليه وآله، واوقفه عليه من جهة آبائه عليهم السلام زمان غيبته المخوفة ، وزمان زوال الخوف عنه ، فهو يتبع في ذلك ماشرع له وأوقف عليه ، وإنما أخفي ذلك عنا لما فيه المصلحة ، فأما هو فهو عالم به لايرجع فيه الى الظن.

      الثاني/ أنه لايمتنع ان يغلب على ظنه بقوة الامارات بحسب العادة قوة سلطانه ، فيظهر عند ذلك ويكون قد اعلم أعلم أنه متى غلب في ظنه كذلك وجب عليه، ويكون الظن شرطا والعمل عنده معلوما ، كما نقوله في تنفيذ الحكم عند شهادة الشهود ، والعمل على جهات القبلة بحسب الامارات والظنون ، وإن كان وجوب التنفيذ للحكم والتوجه الى القبلة معلومين ، وهذا واضح.

      وقد ورد بهذه الجملة التي ذكرناها أيضا أخبار تعضد ماقلناه ، نذكر طرفا منها : 

    روى زرارة عن الامام الصادق عليه السلام : إن للقائم غيبة قبل ظهوره، قلت ولم ؟ قال: يخاف القتل.

       وروي ان في صاحب الامر عليه السلام سنة من موسى عليه السلام ، قلت وماهي؟ قال: دام خوفه وغيبته مع الولاة إلى أن أذن الله تعالى بنصره.

      ولمثل ذلك اختفى رسول الله صلى الله عليه وآله في الشعب تارة ، وأخرى في الغار ، وقعد أمير المؤمنين عليه السلام عن المطالبته بحقه.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار