المقالات والبحوث

الامام الحسن (ع) في خضم الصعاب والمحن بقلم صفية الجيزاني

الامام الحسن (ع) في خضم الصعاب والمحن      بقلم صفية الجيزاني
المصدر: المجمع العلمي لجامعة الزهراء (ع)

 

 المجمع العلمي لجامعة الزهراء 

 

 الامام الحسن (ع) في خضم الصعاب والمحن 

 

 بقلم صفية الجيزاني

 

الامام الحسن عليه السلام هو اول اولاد امير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وفاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) ولد في الخامس عشر من شهر رمضان في السنة الثالثة للهجرة. 

لقد اشتهر الامام الحسن بالعطاء والجود والكرم حتى  سمي بكريم اهل البيت عليهم السلام. وهو اشبه الناس بجده رسول الله (صلى الله عليه واله) فأذا رأوه الناس تذكروا سجايا واخلاق نبيهم. 

كان الامام الحسن المرجع الاول للمسلمين بعد ابيه الامام علي عليه السلام في كل ما كان يعترضهم من المشاكل والامور المستعصية. ولقد استلم زمام السلطه بعد ابيه وقام بأفضل مايمكن القيام به خلال فترة خلافته القصيرة والتي استمرت ستة اشهر وثلاثة ايام في جو مليء بالمصاعب والفتن فمضى على نهج ابيه امير المؤمنين عليه السلام وسيرته وسياسته فطالما كان يتعامل مع الامور بحكمة وتروي. 

تولى الامام الحسن عليه السلام زمام مجتمع موزع الاهواء، بالاضافة إلى احاطته بمجموعة من المنافقين والطامعين في الحصول على حطام الدنيا. اما المؤمنون والموالون له فكانوا قلة. 

لقد عانى امامنا عليه السلام من العديد من المضايقات والعقليات التي لا تتمتع ببعد النظر ودقة الرأي حتى وصل الامر من بعض الجهال بحيث رفع السيف بوجه الامام (ع)ومنهم من وصفه بمذل المؤمنين. هذه من جهة ومن جهة اخرى كانت هناك العديد من المشاكل التي تؤرق الامام عليه السلام ومنها اهتمامه بعوائل شهداء صفين والجمل والنهروان واطفالهم ولذلك كانت احدى بنود عقد الصلح الذي عقده مع معاوية ان يصرف الامام خراج دار أبجرد لتمويل عوائل الشهداء *1ومنها مشكلة الضغط والجور الذي مارسه معاوية ضد الشيعة حيث اصدر حكما بقتل الشيعة على التهمة والظنة . وكتب الى جميع عماله في جميع الامصار ان لاتجيزوا لاحد من شيعة علي واهل بيته شهادة*2فكان الامام الحسن عليه السلام يشهد كل ذلك ويتجرع الآمه في كل لحظة وكان لزاما عليه المحافظة على هؤلاء المؤمنين. 

كما ان الدهاء والحيلة التي كان يتمتع بها معاوية والطرق الشيطانية التي استخدمها لزعزعة الصفوف وما قدمه من اغراءات مالية ومكانة اجتماعية لرؤساء القبائل على  ان يتخلوا عن الامام الحسن ويلتحقوا به. وكان يقول :والله لاستميلن بالدنيا ثقاة علي ولأقسمن منهم الاموال حتى تغلب دنياي آخرته*3.وفعلا استطاع ان يستميل اليه اكبر عدد من جند امير المؤمنين عليه السلام وقادته ومنهم القائد عبيد الله بن العباس ويدعي اكثر المؤرخين ان عبيد الله انسل من قاعدته ودخل معسكر معاوية فلم يبقى مع الامام الا الصفوة من القادة والجند وهم قلة.. فكان لغدر بن العباس قد أثر في نفس الأمام لانه فتح الباب لغيره للتسلل والخيانة. فلما رأى الامام الحسن عليه السلام بنظرته الثاقبة للامور بأن هكذا مجتمع عاجز عن القيام بتبعات القتال وان الحرب ستكلفه القضاء على المخلصين من اتباعه رأى من الحكمة الجنوح الى الصلح المشروط. فكان هذا هو الطريق الاصوب الذي تبعه الامام في مثل هذه الظروف الصعبة للمحافظة على الرسالة والامة من الانحراف وايضا ليكشف بذلك انحراف ودهاء الخط المقابل وكذبه وقد حصل ذلك فعلا حينما نقض معاوية كل شرط شرطه الامام الحسن عليه السلام. وقد صرح معاوية بذلك حيث قال:(اني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا، انكم لتفعلون ذلك وانما قاتلتكم لأتأمر عليكم وقد أعطاني الله ذلك وانتم كارهون واني منيت الحسن وأعطيته أشياء،وجميعها تحت قدمي ولا أفي بشيء منها) *4.

عن ابي سعيد عقيصا قال:قلت للحسن بن علي بن ابي طالب :ياابن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته، وقد علمت ان الحق لك دونه، وان معاوية ضال باغ؟! فقال :يا ابا سعيد، الست حجة الله تعالى ذكره على خلقه واماما عليهم بعد ابي عليه السلام) 

قلت :بلى.. قال:الست الذي قال رسول الله (ص) لي ولاخي، الحسن والحسين امامان قاما او قعدا؟.. قلت :بلى.. قال :فانا اذن امام لوقمت وانا امام اذا قعدت، ياابا سعيد، علة مصالحتي لمعاوية، علة مصالحة رسول الله لبني ضمرة، وبني اشجع، ولاهل مكة حين انصرف من الحديبية اؤلئك كفار بالتنزيل ومعاوية واصحابه كفار بالتأويل. يا ابا سعيد، اذا كنت اماما من قبل الله تعالى ذكره، لم يجب ان يسفه رأيي فيما اتيته من مهادنة او محاربة، وان كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا، الاترى الخضر عليه السلام لما خرق السفينة، وقتل الغلام، واقام الجدار، سخط موسى لفعله، لاشتباه وجه الحكمه عليه حتى اخبره فرضي، هكذا أنا سخطتم علي بجهلكم بوجه الحكمه فيه، ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الارض احد الا قتل) *5.

 

وهكذا بدأت النوايا السيئة لنظام معاوية تنكشف امام الناس يوم بعد يوم ولم تعد حقيقته خافية عليهم خاصة بعد ان سيطر ابنه يزيد على الحكم وأخذ يتجاهر بالفسق والفجور. فحينذاك بدأ الناس يشعرون بضرورة الثورة على هذا الحكم المتعسف وتهيأت الارضية لثورة الامام الحسين عليه السلام . تلك الثورة التي اح

 

يت معالم الدين الاسلامي بعد ماكاد ان يقضي عليها بنو امية. وهكذا يكون كل من الامامين الهمامين عليهما السلام قد ادى ما عليه مما فيه رضا الله عز وجل ومصلحة الدين والامة المحمدية. 

.................................... 

1ـصلح الامام الحسن للسيد محمد الشيرازي

2ـبحار الانوار ح44ص125

3ـسيرة الائمة الاثني عشر (هاشم معروف الحسيني) ج1ص513

4ـالمناقب ج4ص35

5-بحار الانوار ج44ص2

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار