أخبار اسلامية

شرح فقرات دعاء الافتتاح

شرح فقرات دعاء الافتتاح
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

شرح فقرات دعاء الافتتاح 

 

????(وَلَا ظَهِيرٌ يُعَاضِدُهُ) 

 

الظهير هو النصير او المساعد وحاشى لله سبحانه ان يكون له نصير يسانده ويساعده لضعف فيه أو احتياج منه لغيره فمن كان محتاجا لغيره كان مخلوقا ولا يكون خالقا تنتهي اليه الاسباب كلها.

 

العزّة هي القوة والمنعة والسمو والغلبة، ومن هنا يكون التمييز بين عزة الخالق والمخلوق، فان عزة لله تختلف عن عزة غيره لأن الله سبحانه غني بذاته عن العالمين من دون حاجة الى شيء من غيره، اما عزة من سواه من المخلوقين فهي مكتسبة من شيء اخر يضاف اليه، كالكثرة في المال او المقام في السلطة او الشرف في النسب او الارتفاع بالعلم او غير ذلك مما يضاف الى شخص الانسان، ولذا فالعزة للمخلوق هي عزة نسبية مؤقته تزول بعد مدة، اما العزة لله تبارك وتعالى فإنها عزة دائمة لا يحتاج فيها لشيء من غيره، كما في قوله تعالى:[إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا]، فمن يريد العزة لنفسه فليطلبها من ربه من خلال طاعته وصدق التوجه اليه ليرفع الله من شأنه ومنزلته، فمن اعتز بالمخلوق اذله الخالق، ومن اعتز بالله اتاه الله اسباب العزة كما في قوله:[مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ]، فمن عرف مقام الله وعظيم قدرته فانه يخضع له اذ لا اله في الكون غيره وهو الذي جعل العظماء الذين يرون العظمة في انفسهم يتواضعون لله عند علمهم بعظمته.

 

????(الحَمدُ للهِ الَّذِي يُجِيبُنِي حِينَ أُنادِيهِ).

 

من طبيعة الإنسان المغرور حينما يكون له شيء من القدرة والسُلطة والـمُلك ان ينسـي أصدقاءه السابقين وكل من كان يرتبط بهم اذا لم يخضعوا له في سُلطانه ونفوذه، في حين ان خالق الخلق كله ورازقه ومدبره لا ينسى أحداً من خلقه، بل يستجيب لمن دعاه مهما كان شأنه، ضعيفاً أو قوياً، صغيراً أم كبيراً، فقيرا او غنيا، سيّما عباده المطيعين والذاكرين له، وهي من نعم الله الكبيرة على العباد ان يستجيب الخالق العظيم للمخلوق الضعيف تحننا منه ورحمة .

 

????(وَيَستُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَورَةٍ وَأَنَا أَعصِيهِ، وَيُعَظِّـمُ النِّعمَةَ عَلَيَّ فَلَا أُجَازِيهِ).

 

فمن لطف الله سبحانه الستر على عباده رغم معاصيهم، ويهبهم من نعمه وفضله رغم تباعدهم عنه، وهو ما يستدعي من اهل الايمان ان يتأملوا في المواهب العقلية والبدنية الكثيـرة التي أعطاها الله لهم وما احاطهم به من نعمه الظاهرة والباطنة والتي تستوجب الشكر والحمد، فلو أساء لك شخص أحسنت إليه مرارا لوصفته بأسوأ الصفات وقلت فيه ما قلت من الذم وقطعت علاقته معك ولكن الله الكريم الذي لا تنقطع نعمه على عبده ابدا يعفو ويستر وينعم ويكرم فما اعظم هذا الرب واحسن نعمه واحسانه الينا.

 

????(فَكَمْ مِنْ مَوهِبَةٍ هَنِيئَةٍ قَد أَعطَانِي، وَعَظِيمَةٍ مَخُوفَةٍ قَد كَفَانِي، وَبَهجَةٍ مُونِقَةٍ قَد أَرَانِي).

 

فكل ما حصل عليه الانسان من مواهب وقدرات انما كان بفضل ولطفه، وكل بلاء ومخاوف عظيمة ابعدها الله عنه انما كان برحمته وتدبيره، وكل بهجة وسرور وحالة مونقة اي مفرحة أدخلها الله على قلب عبده انما كان بعطائه وإحسانه، فكيف ينبغي ان يكون الشكر له ومجازاته على لطفه وإحسانه؟

 

????(فَأُثنِي عَلَيهِ حَامِداً، وَأَذكُرُهُ مُسَـبِّحاً)

 

فكل الكرم الذي حباه الله لعبده في الدنيا منذ كان في بطن امه، الى خروجه من الدنيا سالما من النواقص، الى ما احاطه به من عناية الام ورعاية الاب، الى ما دفع عنه من انواع البلاء والمكاره، الى تيسير امره في الدنيا وبلوغه الرشد الى ما وهبه من العطايا المادية المختلفة في خلال عمره، ثم ما افاض عليه من الهداية اليه وتوفيق طاعته، فان جزاء ذلك لا يفي به الحمد والشكر له، مع ان كل حمد يحتاج الى حمد اخر لتوفيق الله على شكره وحمده، ولكن الله من فضله ورحمته قبل من عبده الحمد وجعله شكرا له كما ورد عن الامام زين العابدين في صحيفته السجادية، وكما ورد في مناجاة الذاكرين ان مجرد جريان ذكر الله على السنتنا هو من اعظم نعم الله على العباد كما في النص التالي:(الهي لولا الواجب من قبول امرك لنزهتك عن ذكري اياك، على ان ذكري بقدري لا بقدرك، وما عسى ان يبلغ مقداري حتى اجعل محلا لتقديسك؟ ومن اعظم النعم جريان ذكرك على السنتا وإذنك لنا بدعائك وتنزهيك وتسبيحك).

 

????(الحَمـدُ للهِ الَّـذِي لَا يُهتَـكُ حِجَابُهُ).

 

فحقيقة ذات الله جل جلاله يعجز العباد عن معرفتها لان الله ليس كمثله شيء ولا يصل العباد الى معرفته ابدا وانما عُرف الله بما ارسل من رسله وحججه المعصومين وبما انزل معهم الكتب التي تبين آياته وصفاته وشريعته واحكامه وهو ما يستوجب الشكر والعمل بما اوجبه على عباده من الالتزامات التي توصلهم الى الجنة وتقيهم عذاب النار.

 

????(وَلَا يُغلَقُ بَابُهُ، وَلَا يُرَدُّ سَائِلُهُ، وَلَا يُخَيَّبُ آمِلُهُ).

 

فباب الله مفتوح بالكرم والعطاء حتى للجاحدين لربوبيته والعاصين لأمره، ولرحمة الله أبواب

 

كثيرة جداً تناولتها الآيات والروايات، ومنها فضله في اس

 

تجابة الدعاء فهو القائل:(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكم)، حيث جعل لكلّ دعاء جزاء إمّا في الدنيا أو في الآخرة، فبابه مفتوح على الدوام من دون حاجب ولا مانع، ولا وقت محدود، ولا زمان خاص، ولا مكان معين، ولا حالة محددة، بل يمكن للإنسان ان يدعو ربه في كل وقت وحين، فيستجيب له بجوده وكرمه، فهو القائل:[وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ]، ومن ابوابه كذلك باب التوبة فهو مفتوح لا يغلق قبل حلول أجل الانسان ولذا ينبغي المبادرة الى التوبة واصلاح النفس قبل الفوات، فمن سأل الله مخلصا اجاب الله سؤاله او عوضه خيرا منه، ومن امله وفقه لنيل امله، فمن يصدق في تعامله مع الله فإنه يوفقه لحسن العاقبة التي تعود عليه بالنجاة من النار والفوز بالجنة والرضوان

 

 

 

????(الحمد لله الذي يؤمن الخائفين وَيُنَجِّي الصَّادِقِينَ وَيَرفَعُ المُستَضعَفِينَ، وَيَضَعُ المُستَكبِرِينَ، وَيُهلِكُ مُلُوكاً وَيَستَخلِفُ آخَرِينَ).

 

قد يصيب البعض شيئا من الحيرة حين يرى انتشار الظلم والقتل وسفك الدماء وتدهور الاوضاع السياسية والاقتصادية على الصعيد الفردي او الاجتماعي فيظن ان الله قد خلق الخلق وتركهم من دون متابعة الى حين من الزمن!! ومثل هذا الظن الذي يعبر عن اليأس لا ينسجم مع معرفة الله جلّ جلاله وحكمته في الخلق وما تحدث به في كتابه وعبر رسله، فالله سبحانه قد أقام سنّته على الابتلاء والاختبار لتكون الدنيا هي دار الابتلاء، والاخرة هي دار الجزاء، كما في قوله تعالى:[أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ، أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ]،

 

فالله قد جرت سنته على الامهال ليتوب التائبون ويهتدي المذنبون من دون ان يغيب احد عن نظره لتكون الخاتمة في الدنيا قبل الاخرة هي ثمرة لأعمال الانسان، فقد تكرر قوله في كتابه في آيات عدة من التحذير من سوء العاقبة كما في قوله:[وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ]، ثم قال في الآية التي تليها:[مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ]، وقال في اية اخرى:[وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ]، فالله يمهل ولا يهمل لتكون العاقبة من جنس العمل سواء طال الزمان او قصر، وفي قصص القران عبرة للمعتبرين، فكم من المستكبرين والحكام الظالمين قد اهلكهم الله وانزل بهم عقوبات الدنيا قبل الاخرة.

 

????(وَالحَمدُ للهِ قَاصِمِ الجَبَّارِينَ، مُدرِكِ الهَارِبِينَ، مُبِيرِ الظَّالِمِينَ، نَكالِ الظَّالِمِينَ).

 

القاصم: هو المهلك والمدمر فالله سبحانه قد جرت سنّته بهلاك الظالمين كما ذكر في كتابه الكريم في آيات عديدة كقوله تعالى: [ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ]. 

فالظالم ينتقم الله منه عاجلاً أم آجلا في الدنيا قبل الاخرة بسبب ذنوبهم واعمالهم السيئة كما في قوله تعالى:[أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللهِ مِن وَاقٍ].

 

فالظالمين رغم قوتهم الظاهرية وجبروتهم وبطشهم لابد وان ينزل الله بهم النكال اي العذاب والعقاب كما اوضح في كتابه ذلك بقوله:[أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ].

 

ومما يستدعي الذكر في العبارة التي وردت وهي (مبير الظالمين) اني لم اجد معنى لكلمة {مبير} في بعض المعاجم اللغوية وقد يكون اصل الكلمة هي:(مبيد الظالمين) حيث يكون معنى الابادة هو: الهلاك والدمار والفناء والسحق التام لأخرهم كما ورد في معجم المعاني الجامع، بمعنى انه لا يستطيع احد من الظالمين الفرار من العقوبة الالهية بسبب ما ارتكبوه من الذنوب وهو مصداق قوله:[قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار