أخبار اسلامية

شرح فقرات دعاء الافتتاح

 شرح فقرات دعاء الافتتاح
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

شرح فقرات دعاء الافتتاح 

(اللَّهُمَّ وصَلِّ عَلَى عَلِيٍّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ العَالَمِينَ، عَبدِكَ وَوَلِيِّكَ، وَأَخِي رَسُولِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلَى خَلقِكَ، وَآيَتِكَ الكُبرَى، وَالنَّبَإِ العَظِيمِ).

 

من الحقائق التي ذكرها الله في كتابه ان الطريق الى معرفته يتم عبر انبيائه ورسله المعصومين وما انزل معهم من الكتب التي توضح الطريق الى رضوانه، ومن دون ذلك قد يضيعون الطريق وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا كما في قوله تعالى:[الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا]،

 

كما قد اكد على ذلك بقوله:[قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا]، ولذا تفضّل على خلقه بإرسال الانبياء والرسل اليهم لإكمال الحجة عليهم فقال سبحانه:[رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا]. ولئلا يقول احد من الناس يوم القيامة:[لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ]،

 

ولما كان رسول الله(ص)هو اخر الرسل وخاتمهم فكان ينبغي ان تقوم الساعة او ان يجري الله الامور بمجرى اخر، وهو ما كان من ارادته في تعين الخلافة او الحجية لعلي بن ابي طالب من بعد رسول الله من بعده، في واقعة الغدير المشهورة بعد حجة الوداع والتي بايعه المسلمين هناك جميعا، ثم انزل سبحانه قرانه لبيان ذلك فقال:[الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا]، الا ان الامور السياسية قد سارت في مسار اخر من الخلافة من ابعاد حجة الله عن الحكم حتى بايع الناس افواجا امير المؤمنين بالخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان، فقبلها مكرها بعد قيام الحجة الشرعية عليه كما في قوله:

 

(أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ{اي الروح في البشر}، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا{اي لا يوافقوا مقرين للظالم بظلمه}عَلَى كِظَّةِ ظَالِم{اي امتلاء بطنه من الطعام والمراد هو استئثار الظالم بالحقوق}، وَلا سَغَبِ مَظْلُوم{اي عدم مراعاة شدة جوع المظلوم والمراد به هضم حقوقه}، لاَلقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا{وهو تمثيل على ترك الامر على ما هو عليه}، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلاَلفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز{وهو ما تنثره العنزة مما لا قيمة له}،

 

ثم كان بعد ذلك من الفتن ما كان والذي دفع امير المؤمنين من توضيح حال الناس وحاله في احدى خطبه فقال:

 

(أَلاَ وَإنَّكُمْ قَد نَفَضْتُمْ أَيْدِيَكُمْ مِنْ حَبْلِ الطاعَةِ، وَثَلَمْتُمْ حِصْنَ اللهِ الْمَضْرُوبَ عَلَيْكُمْ، بَأَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدْ امْتَنَّ عَلَى جَمَاعَةِ هذِهِ الاْمَّةِ فِيَما عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هذِهِ الاْلْفَةِ الَّتِي يَنْتَقِلُونَ فِي ظِلِّهَا، وَيَأْوُونَ إَلَى كَنَفِهَا، بِنِعْمَة لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْـمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَةً، لاِنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَن، وَأَجَلُّ مِنْ كُلِّ خَطَر.

 

(وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَعْرَاباً، وَبَعْدَ الْمُوَالاَةِ أحْزَاباً، مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ الاْسْلاَمِ إِلاَّ بِاسْمِهِ، وَلاَ تَعْرِفُونَ مِنَ الاْيمَانِ إِلاَّ رَسْمَهُ، تَقُولُونَ: النَّارَ وَلاَ الْعَارَ! كَأَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا الاْسْلاَمَ عَلَى وَجْهِهِ، انْتِهَاكاً لِحَرِيمِهِ، وَنَقْضاً لِمِيثَاقِهِ الَّذِي وَضَعَهُ اللهُ لَكُمْ حَرَماً فِي أَرْضِهِ، وأَمْناً بَيْنَ خَلْقِهِ.

 

وإِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ إِلَى غَيْرِهِ حَارَبَكُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ، ثُمَّ لاَ جَبْرَائِيلُ وَلاَ مِيكَائِيلُ وَلاَ مُهَاجِرُونَ وَلاَ أَنْصَارٌ يَنْصُرُونَكُمْ إِلاَّ الْمُقَارَعَةَ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَكُمْ.

 

(وَإِنَّ عِنْدَكُمُ الاْمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اللهِ تَعَالَى وَقَوَارِعِهِ، وَأَيَّامِهِ وَوَقَائِعِهِ، فَلاَ تَسْتَبْطِئُوا وَعِيدَهُ جَهْلاً بَأَخْذِهِ، وَتَهَاوُناً بِبَطْشِهِ، وَيأْساً مِنْ بَأْسِهِ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلاَّ لِتَرْكِهِمُ الاْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ المُنكَرِ، فَلَعَنَ السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي، وَالْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ الْتَّنَاهِيْ، أَلاَ وَقَدْ قَطَعْتُمْ قَيْدَ الاْسْلاَمِ، وَعَطَّلْتُمْ حُدُودَهُ، وَأَمَتُّمْ أَحْكَامَهُ.

(أَلاَ وَقَد

أَمَرَنِيَ اللهُ بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْي وَالْنَّكْثِ{اي نقض العهد}، وَالْفَسَادِ فِي الاْرْضِ، فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ، وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ{اي الجائرون عن الحق} فَقَدْ جَاهَدْتُ، وَأَمَّا الْمَارِقَةُ{اي الذين مرقوا من الدين او انحرفوا عن اهدافه} فَقَدْ دَوَّخْتُ، وَأَمَّا شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ{وهو من رؤساء الخوارج المعروف ذو الثدية} فَقَدْ كُفِيتُهُ بِصَعْقَة{وهي الغَشِيّة تصيب الانسانَ من الهول}، سَمِعْتُ لَهَا وَجْبَةَ قَلْبِهِ{اي شدة خفقانه}، وَرَجَّةَ صَدْرِهِ{اي اهتزازه وارتعاده}، وَبَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَلَئِنْ أَذِنَ اللهُ فِي الْكَرَّةِ عَلَيْهِمْ لاَدِيلَنَّ مِنْهُمْ{بمعنى المحق} إِلاَّ مَا يَتَشَذَّرُ{اي يتفرق} فِي أَطْرَافِ الاْرْضِ تَشَذُّراً!

 

ثم تعرض الى بيان منزلته من رسول الله فقال:

 

(وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ، وَالْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ: وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَأَنَا وليدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ، وَيَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ، وَيُمِسُّنِي جَسَدَهُ، وَيُشِمُّنِي عَرْفَهُ{اي تدخل رائحة النبي الذكية الى انفه}، وَكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ، وَمَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْل، وَلاَ خَطْلَةً{وهي الاخطاء التي تنشأ من غير عمد} فِي فِعْل.

 

(وَلَقَدْ قَرَنَ اللهُ تَعَالَى بِهِ(صلى الله عليه وآله) مِنْ لَدُنْ [أَنْ] كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَك مِنْ مَلاَئِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ، وَمَحَاسِنَ أَخْلاَقِ الْعَالَمِ، لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ{وهوابن الناقة الصغير} أَثَرَ أُمِّهِ، يَرْفَعُ لي فِي كُلِّ يَوْم عَلَماً مِنْ أخْلاقِهِ، وَيَأْمُرُني بِالاقْتِدَاءِ بِهِ.

(وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِيّ كُلِّ سَنَة بِحِرَاءَ،{اي كان النبي يصحب معه امير المؤمنين معه في غار حِراء} فَأَرَاهُ وَلاَ يَرَاهُ غَيْرِي{وهو ما يبين عمق التربية التي كان يتلقاها امير المؤمنين من رسول الله منذ صغره}، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذ فِي الاْسْلاَمِ غَيْرَ رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله)وخديجة وَأَنَا ثَالِثُهُمَا.

 

(أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ، وَأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ(صلى الله عليه وآله) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا هذِهِ الرَّنَّةُ؟ فَقَالَ: «هذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ، إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ، وَتَرَى مَا أَرَى، إِلاَّ أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيّ، وَلكِنَّكَ وَزِيرٌ، وَإِنَّكَ لَعَلَى خَيْر».

 

(وَلَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ(صلى الله عليه وآله) لَمَّا أَتاهُ المَلاَ مِنْ قُريْش، فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحُمَّدُ، إِنَّكُ قَدِ ادَّعْيْتَ عَظِيماً لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُكَ وَلاَ أحَدٌ مِن بَيْتِكَ، وَنَحْنُ نَسَأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَأَرَيْتَنَاهُ، عَلِمْنَا أَنَّكَ نِبِيٌّ وَرَسُولٌ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ.فَقَالَ لهم(صلى الله عليه وآله): «وَمَا تَسْأَلُونَ؟».

قَالُوا: تَدْعُو لَنَا هذِهِ الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَتَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ. فَقَالَ (صلى الله عليه وآله): «إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ، فإِنْ فَعَلَ اللهُ ذلِكَ لَكُمْ، أَتُؤْمِنُونَ وَتَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ؟».

قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ، وإِنِّي لاَعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَفِيئُونَ{اي ترجعون } إِلَى خَيْر، وَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ{اي البئر والمراد به البئر في بدر}، وَمَنْ يُحَزِّبُ الاْحْزَابَ».

ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤمِنِينَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الاْخِرِ، وَتَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَانْقَلِعِي بعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللهِ».

فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ نَبِيّاً لاَنْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا، وَجَاءَتْ وَلَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ، وَقَصفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ، حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ(ص) مُرَفْرِفَةً، وَأَلْقَتْ بِغُصنِهَا الاْعلَى عَلَى رَسُولِ اللهِ(ص)، وَبِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي، وَكُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ (عليه السلام). 

فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذلِكَ قَالُوا ـ عُلُوّاً وَاسْتِكْبَاراً ـ: فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصفُهَا وَيَبْقَى نِصفُهَا.

فَأَمَرَهَا بِذلِكَ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَال وَأَشَدِّهِ دَوِيّاً، فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللهِ(ص)، فَقَالُوا ـ كُفْراً وَعُتُوّاً ـ: فَمُرْ هذَا النِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ. فَأَمَرَهُ فَرَجَعَ.

 

(فَقُلْتُ أَنَا: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، إِنِّي أَوَّلُ مْؤْمِن بِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بَأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللهِ تَصْدِيقاً لِنُبُوَّتِكَ، وإِجْلاَلاً لِكَلِمَتِكَ.

فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ: بَلْ سَاحِرٌ كَذَّابٌ، عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ، وَهَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ إِلاَّ مِثْلُ هذَا! يَعْنُونَنِي.

 

(وَإِنِّي لَمِنْ قَوْم لاَ تَأخُذُهُمْ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِم، سِيَماهُمْ سِيَما الصِّدِّيقِينَ، وَكَلاَمُهُمْ كَلاَمُ الاْبْرَارِ، عُمَّارُ اللَّيْلِ{اي يعمرونه بالذكر والعبادة}، وَمَنَارُ النَّهَارِ{والمنار هو العلم الذي يُجعل في الطريق للاهتداء الى المقصد شبيه بالمنارة التي تجعل في البحر على المرافئ للدلالة على الطريق}،مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ، يُحْيُونَ سُنَنَ اللهِ وسُنَنَ رَسُولِهِ، لاَ يَسْتَكْبِرُونَ وَلاَيَعْلُونَ، وَلاَيَغُلُّونَ{اي لا يخونون والمراد به خيانة الامانة الربانية}، وَلاَ يُفْسِدُونَ، قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ، وَأَجْسَادُهُمْ في الْعَمَلِ){اي قلوبهم متعلقة بالأخرة وهم يعيشون في الدنيا}،

 

من اجل ذلك اشتملت العبارة في الدعاء على وصف امير المؤمنين بأنه الآية الكبرى لله والنبأ العظيم الذي سيعرفون مقامه في نهاية الامر، فما تعرض له امير المؤمنين من المخالفين لوصية النبي ص بعد وفاته كان امتحانا عظيما وهو ما تحدث عنه في خطبته المعروفة بالشقشقية وهي الخطبة الثالثة في نهج البلاغة والتي قال فيها:

 

(أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها فُلانٌ).

 

والمراد من تقمصها اي جعل الخلافة كالقميص الذي يلبسه في الظاهر وهو ليس له اهلا له في الواقع، كمن يلبس لباس الاطباء او القضاة وهو ليس منهم، ومن الجدير بالذكر انه قد ذكر في بعض

 المصدر الاخرى ومنها شرح ابن ابي الحديد انه قال لقد تقمصها ابن ابي قحافة.

 

(وَإنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى).

 

وهو تشبيه لنفسه بأنه كالمحور الذي تدور حوله الرحى التي تطحن الحبوب عند دورانها حول محور ثابت، اي انه يمثل الاساس الذي تدور حوله الامور لتاتي بمحصولها النافع للناس.

 

(يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلا يَرْقَى إلَيَّ الطَّيْرُ).

 

وهو تشبيه لعلو مقامه ومنزلته في الدين فهو كالجبل المرتفع الذي لا يرتفع اليه الطير وينحدر عنه سيل الماء، فلا يستطيع الناس الوصول الى منزلته الربانية فتأريخه السابق كله يتحدث عن وقوفه الى جانب رسوله الله منذ بدا دعوته وخاصة في معارك الاسلام الكبرى كبدر وأُحد والخندق والتي قال عنها رسول الله: "ضربة علي يوم الخندق افضل من عبادة الثقلين" لإخلاصه لله فيها وللنصر الذي حققته على الكفار، اضافة الى الاحاديث الكثيرة التي قالها رسول الله في حقه والمنزلة التي كان يخصه بها في خلواته معه فمنزلته الايمانية لا يرتقي اليها احد.

 

(فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثُوْباً).

 

اي أرخيت على نفسي ثوبا اخر بمعنى اخترت لنفسي موقعا اخر غير الخلافة التي عهدها الله اليه حفاظا على الدين واهله وخوفا من ان يظن بعض الناس ان اختلاف امير المؤمنين هو من أجل الزعامة والسلطة .

 

( وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحا{ اي ملت عنها}، وَطَفِقْتُ أَرتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَد جَذَّاءَ).

 

وهو تشبيه لحاله بعد سلب الخلافة منه بالباطل وكأنه يصول بيد جذاء اي مقطوعة تشبيه لكثرة المخالفين له وقلة الواعين لما سيحدث للدين في المستقبل.

 

(أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَة عَمْيَاءَ).

 

اي اصبر على ظلمة شديدة ستواجه الأمة بسبب تولي الامور من هو ليس لها اهل وتكون لها نتائجها السياسية والاجتماعية الضارة على الامة وهو ما كان من خروج الغلاة والنواصب وامثالهم

 

(يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ، وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى اي ألزم وأكثر جدوى).

 

اي ان هذه الفتنة سوف تكون لها انعكاساتها السلبية على الامة وما الفكر الداعشي اليوم الا هو بعض من الانحراف السابق عن الدين.

 

(فَصَبَرْتُ وَفي الْعَيْنِ قَذَىً{والقذى هو ما يدخل في العين من ذرات التراب وغيرها}، وَفي الْحَلْقِ شَجاً {والشّجَا هو ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه وهو تشبيه لعظيم صبره وألمه}،أَرَى تُرَاثي نَهْباً)

 

.اي الميراث الذي كان من سابق جهاده مع رسول الله في نصر الاسلام واقامة حكم الله فيه يأخذه من لا علاقة له بالدين.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار