المقالات والبحوث

شرح فقرات دعاء الافتتاح

شرح فقرات دعاء الافتتاح
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

شرح فقرات دعاء الافتتاح 

 

 (اَللّـهُمَّ إِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة ، تُعِزُّ بِهَا الاِْسْلامَ وَاَهْلَهُ ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ.. )..

وصلنا في دعاء الافتتاح -في هذا الشرح الموجز- إلى هذهالفقرات ، وحقيقةّ هذه الفقرات تصلح أن تكون شعاراً للأمة دائماً.. يا حبذا لو دعونا بهذا الدعاء في قنوتنا ، وفي سجودنا ، وفي جوف الليل ، وفي وضح النهار ، وأمام الكعبة ، وفي مواطن الاستجابة.. ويا ليت الذين يحكمون المسلمين ، الذين بيدهم مقاليد الأمور لو جعلوا هذا شعارهم في حكوماتهم.. فإن الحكومة الإسلامية ليست مقدمة لكسب المزايا ، والاستمتاع بالحياة الدنيا ، وإنما مقدمة لعزة الإسلام وأهله ، وهذا كان شعار النبي الأكرم (ص) ، إذ كان همه عزة الإسلام وعزة المسلمين..

- (تُعِزُّ بِهَا الاِْسْلامَ وَاَهْلَهُ..)..

الفقر والحاجة إلى الغير وإلى الأعداء ، خلاف العزة الإسلامية ؛ ولهذا فإن الحاكم الإسلامي عليه أن يقطع كل عوامل الارتباط مع الأعداء ، فهذه هي العزة الإسلامية التي نطالب بها في دعائنا ، وفي ساحة الحياة..

- (وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ.. )..

ثم العبد المؤمن يطلب من الله عزوجل ذلة النفاق.. نحن نؤتى منالمنافقين ، وإلا فالكافر شعاره واضح ، وقد ورد عن الإمام العسكري (ع) : أن (أضعف الأعداء كيداً ، من أظهر عداوته)..العدو الذي يبارز ويصارح بالعداوة ، فإن هذا عدو ضعيف.. وإنما الخوف كل الخوف من المنافقين ، الذين تلبسوا بلباس الإسلام ، والإسلام منهم براء.. ومن هنا أشد الناس عذاباً يوم القيامة ، الذين أساؤوا بفعلهم وقولهم ومواقفهم إلى الإسلام.. إذ أن الشعوب في العالم متعطشة للإسلام وللهدى ، ولكن عندما يرون الإسلام متجسداً في أعداء الإنسانية لا في أعداء الإسلام ، من الطبيعي هؤلاء ينفرون من دين الله.. إن هؤلاء من أظلم الناس ،الذين بفعلهم أعطوا صورة قاتمة ، لهذا الدين الحنفي الناصع ، هذه الشريعة السمحة السهلة.. نعم، البعض بموقفه ، أعطى هذه الصورة ، التي نفرت الأمم والمجتمعات البشرية ، من هذا الإسلام المحمدي الأصيل..

هذه العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك ، وقد كان النبي الأكرم (ص) يشد فيها المئزر ، ويتفرغ لعبادة الله عزوجل ، في اعتكاف مستمر : يصوم نهاره ، ويقوم ليله.. ينبغي علينا أن نستغل هذه الأيام الأخيرة من الشهر المبارك.. ومن المعلوم بأن الذي لم يغفر له في هذا الشهر ، فلا غفر الله له.. الشقي من حرم الغفران الإلهي في هذا الشهر العظيم..

- (وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ اِلى طاعَتِكَ ، وَالْقادَةِ اِلى سَبيلِكَ.. )..

قلنا في الحديث السابق أنه الحاكم الإسلامي شعاره هذا الدعاء : (اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة..) ، وفي هذا الفقرة نطلب من الله عزوجل أن لا نكون من الدعاة إلى الله عزوجل فحسب ، وإنما من القادة إلى سبيل الله عزوجل ... في القرآن الكريم في سورة الفرقان ، المؤمن يطلب من الله عزوجل ، أن يجعله للمتقين إماماً : {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} ، وفي هذا الدعاء أيضاً يطلب من الله عزوجل ، أن يكون من القادة إلى سبيل الله عزوجل .. ومن الواضح أن الذي يريد أن يكون قائداً إلى طاعة الله عزوجل ، لابد وأن يكون هو ممتثلاً لأوامر الله عزوجل ونواهيه ، ليكون داعياً إلى الله عزوجل بغير لسانه ، كما أمرنا أئمتنا (ع) : (كونوا لنا دعاة بغير ألسنتكم).

- (اَللّـهُمَّ ما عَرَّفْتَنا مِن الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ..)..

 إن معرفة الحق سهلة.. إذ الإنسان بإمكانه أن يستمع إلى حديث ، أو إلى محاضرة ، أو يقرأ كتاباً  أو مقالاً ، فيعرف الحق.. ومن المعلوم أن بعض الناس غيروا اتجاه حياتهم ورؤيتهم للحياة ، من خلال كتاب واحد ، أو عرفوا الحق في موقف واحد ، أو في ساعة واحدة.. ولكن التكليف الأكبر ، هو تحمل هذا الحق ، وأن يعمل الإنسان بلوازم الحق الذي عرفه ، وإلا أصبح هذا الحق حجة عليه يوم القيامة..

- (اَللّـهُمَّ الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا ، وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا ، وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا ، وَكَثِّرْ بِهِ قِلَّتَنا ، وَاَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا..)..

ثم في هذه الفقرة يشار إلى حالة الأمة قبل الظهور ، وهي حالة الصدع ، والفتق ، والذلة التي نعيشها هذه الأيام ، وقد تنبأ النبي الأكرم (ص) لهذه الحالة حيث قال : ( يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة الى قصعتها , قالوا : أو من قلة نحن يومئذ يارسول الله ؟.. قال : لا، إنكم يومئذ لكثير , ولكنكم كثرة كغثاء السيل).. فالعدد كبير ، الكم يعتنى به ، ولكن لا كيف لهذا الكم !..

 

ففي هذا الدعاء الإنسان يشتكي إلى الله عزوجل ، ويطلب منه أن يشعب به صدعنا.. ومن المعلوم أن فرج هذه الأمة -الفرج الحقيقي- بظهوره (ص).. ولكن هذا لا يعني أن نعفى من التكليف أبداً ؛ فإنه بسعينا ووحدتنا ، ومواجهتنا لعناصر الشر في هذا الوجود ، من موجبات تعجيل هذه الدولة الكريمة ، التي تحيا بها آمال الأنبياء والأوصياء..

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار