اللقاءات والتحقيقات

المعية الالهية بين واقع الايمان ووهم الالحاد. عنوان الندوة الفكرية التي اقامها موكب الزهراء عليها السلام في ذي قار بحضور سماحة الشيخ عباس الناصري (دام توفيقه) لغرض شرح الخطاب الفاطمي الأخير للمرجع اليعقوبي (دام ظله الشريف)

المعية الالهية بين واقع الايمان ووهم الالحاد. عنوان الندوة الفكرية التي اقامها موكب الزهراء عليها السلام في ذي قار بحضور سماحة الشيخ عباس الناصري (دام توفيقه) لغرض شرح الخطاب الفاطمي الأخير للمرجع اليعقوبي (دام ظله الشريف)
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


المعية الالهية بين واقع الايمان ووهم الالحاد.
عنوان الندوة الفكرية التي اقامها موكب الزهراء عليها السلام في ذي قار بحضور سماحة الشيخ عباس الناصري (دام توفيقه) لغرض شرح الخطاب الفاطمي الأخير للمرجع اليعقوبي (دام ظله الشريف).
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ((وهو معكم اين ما كنتم والله بما تعملون بصير)) الحديد:٤.
عنون سماحة المرجع خطابه الفاطمي الاخير بعنوان (المعية الالهية: الثمرات والمراتب).
وبودي ان اكون بخدمتكم لأُقدم لحضراتكم قراءة متواضعة لهذا الخطاب المبارك، وهي بعنوان: المعية الالهية بين واقع الايمان ووهم الالحاد.
ذلك لان القارئ لهذا الخطاب المبارك سيجد ان سماحته يتحدث جليا عن حقيقة الايمان بالله تعالى من خلال الايمان بفكرة المعية الالهية بابعادها الثلاثة التي تضمنها هذا الخطاب.
ومن جهة أخرى فان القارئ سيجد الحديث جليا ايضا عن وهم الالحاد ومحاولة الترويج الباطل الى اتباعه والدعوة اليه.
ان محور الخطاب الفاطمي الاخير يتحدث عن فكرة الايمان بالله تعالى من خلال الاعتقاد بانه تعالى معنا اين ما نكون، ولذا بدأ سماحة المرجع اليعقوبي الحديث قائلا: ( تُنبّه الآية الكربمة الى حقيقة قرآنية عظيمة تزيد الانسان كمالا ومعرفة بربه كلما ازداد ايمانا بها واستحضرها في وجدانه فعلا. تلك الحقيقة هي ان الله تعالى معكم في جميع مراحل تكوّنكم في الدنيا والآخرة وفي كل مكان تكونون فيه، ومهما اعتقدتم انكم في خلوة وانفراد فانه معكم، وهو تعالى في كل زمان وفي كل حالة من حالاتكم مطلع علبكم ومحيط بكم).
إذن الايمان بالله تعالى وبمعيته معنا هو محور هذا الخطاب المبارك.
أما ابعاد الخطاب فهي ثلاثة: البعد العقدي والمعرفي و البعد الروحي والبعد السلوكي.
أولا- البعد العقدي والمعرفي للمعية الالهية: وقد اشار سماحته اليه بقوله: ( سيشعر الانسان انه ليس وحيدا في مواجهة الصعوبات والمحن والبلاءات، وانما يكون معه رب رؤوف رحيم يشفق عليه ويرعاه ويدفع عنه ويحميه ويستجيب لدعائه وطلباته((قال كلا ان معي ربي سيهدين))(( الذي خلقني فهو يهدين* والذي هو يطعمني ويسقين* واذا مرضت فهو يشفين* والذي يميتني ثم يحيين* والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين))، فهي معية الايجاد والهداية، ومعية الاطعام والسقي، ومعية الشفاء من المرض، ومعية البعث والنشور)
ثم بيّن سماحته أثر هذا البعد للمعية الالهية بقوله: ( وبذلك يتحول عجز الانسان وضعفه الى قوة واقتدار، ويتبدل خوفه وقلقه بفضل الله تعالى الى أمن وطمأنينة).
البعد الثاني: البعد الروحي للمعية الالهية، وقد اشار اليه سماحته بقوله:(( ويشعر انه ليس مطلق السراح في اتّباع شهواته ونزواته واهوائه، ويفعل ما يشاء من جرائم ومنكرات وظلم للاخرين، وانما هو تحت الرقابة الالهية التي لا تحيط فقط بظاهر الاعمال بل تنفذ الى باطن العمل فتعلم النيه والغرض)).
ثم بين سماحته اثر هذا البعد بقوله: (( وهذا الشعور يدفع العباد الى القيام بالمزيد من الاعمال الصالحة وتخليص النيات من الشوائب وتجنب الاعمال السيئة والظلم والعدوان، فهذه الرقابة الالهية لمصلحة الانسان، وهي توجه بوصلة حياته نحو الخير وتضبط استقامته، وليست شيئا قسريا مفروضا عليه)).
ايها الاخوة: لا يخفى ان مجموع هذين البعدين ينتج بحسب الواقع بعدا ثالثا، الا وهو البعد السلوكي والذي يتجسد في الالتزام العملي بالدين وأحكامه وحدوده، بمعنى الانقياد للمولى الحقيقي والمنعم علينا بالايجاد لنا والتحنّن علينا في كل شؤوننا؛ لانه مطلع علينا ومراقب لأوضاعنا، ويريد منا أن نستشعر وجوده معنا لنضبط تصرفاتنا وسلوكياتنا تجاهه.
ثم بين سماحته الموقف الفاطمي المرتبط بالمعية الالهية قائلا:
(( ايها الاحبة: لقد ارادت السيدة الطاهرة(ع) ان ترسخ هذه الحقيقة في قلوب وعقول الامة لمّا رأت غفلة الكثيرين عنها وان سلوكهم كان لا ينم عن ايمان حقيقي بها وان اعتقدوا بها ظاهرا فخاطبت جمعهم بقولها: (( انتم عباد الله نصب امره ونهيه)). وقالت عليها السلام :(( فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون، واطيعوا الله فيما امركم به ونهاكم عنه))
ثم تطرق سماحته الى ما يقابل واقع الايمان والمتمثل بوهم الالحاد حيث قال:( من هذا نعرف الخسارة العظمى التي تحل بالانسان حينما يغفل عن هذه الحقيقة - أي حقيقة الايمان- أو ينفيها او يتسافل اكثر وجود الخالق .... الى ان قال: يروّج البعض فيها انكار هذه الحقيقة ويدعوا الى الالحاد ونبذ الدين ونحو ذلك)).
وبين سماحته الدافع لمروّجي فكرة الالحاد:( لكي يطلقوا العنان لشهواتهم واتّباع اهوائهم ولكي لا يؤنبهم ضميرهم وليغطوا على الشعور بالذنب والخطيئة ((اخرجوا آل لوط من قريتكم انهم اناس يتطهرون))
أما التابعون لهؤلاء المروجين فوصفهم سماحته: (اما التابعون لهم فهم مخدعون ببعض الشعارات)
ثم أشار سماحته الى وهن ورِكّة هذه الدعاوى الباطلة بقوله: ( وإلا فإن دعوى انكار الخالق او الشرك به أوهام باطلة من صنع خيالات فاسدة ولا يساعد عليها عقل

ولا منطق عقلائي، بل ان العقل السليم يسخر من هذه الافكار لان ابسط جهاز أو آلة حولنا لا يمكن أن نصدق انه وجِد بلا صانع عاقل، فكيف بالكون المترامي الذي يتحرك بنسق متناهي الدقة ووفق قوانين محكمة أتاحت المجال لعلماء الفلك أن يحسبوها ويستفيدوا منها في الرحلات الفضائية).
ثم بيّن سماحته واجب المؤمنين تجاه هذا الوهم الساذج بقوله: ( فاحذروا ايها الأحبة من كل سبب يؤدي الى الغفلة عن الله تعالى، وحذّروا الناس من كل الدعوات التي تريد تغييب الله عن الحياة وعزله والتحلل من هذا الالتزام معه سبحانه وتعالى، واعملوا على ترسيخ حقيقة أن الله تعالى معنا لدى عموم الناس، وادعوا بالحكمة والموعظة الحسنة المتأثرين بما يُنشر في مواقع التواصل لتنقذونهم من ضلالهم حتى يستشعروا هذه النعمة العظيمة وذلك بعد أن تتسلحوا بالعلم والمعرفة ولو على المستوى الفطري والعقلائي الذي لا يحتاج الى دراسات معمقة...إلى أن قال: فعلى الجميع أن لا يتقاعسوا عن نصرة الدين وهداية الناس وخدمتهم، وقد حذّرت السيدة الزهراء عليها السلام من أن حبَّ الراحة والدعة واللامبالاة والكسل أسباب حقيقية لتضييع الحق، وحذّرتهم من خذلانه، فقالت عليها السلام: (( ألا وقد أرى أن أخلدتم الى الخفض - اي الحياة المرفّهة - وابعدتم من هو أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة - أي الراحة والسكون).
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار