الكتب والمؤلفات

السعادة الحقيقية، سماحة الشيّخ حيدر اليعقوبي

السعادة الحقيقية، سماحة الشيّخ حيدر اليعقوبي
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


السعادة الحقيقية، سماحة الشيّخ حيدر اليعقوبي

أين الخلل ، وما هو الحل
مما يؤسف له أن العالم اليوم بجميع همومه ومشاكله ، بعيد جداً عن السعادة حتى بمقاييسهم وموازينهم .. فأين الخلل ، وما هو الحل ؟
مشكلة عامة ، ومأساة نوعية ، ينبغي أن نتحدث عنها بكلمات فيها لله رضا .
الخلل في غلبة النفوس السيئة ، وسيطرة الأنانية ، والإنغماس في الخداع والتضليل ، وعدم المصداقية في محاولات التغيير .
الخلل في وجود من يتبرع بيد ، ويسرق باليد الأخرى .
الخلل في موت الضمير وخواء الروح وضياع القيم والأخلاق النبيلة ..
الخلل في انقلاب الموازين ومعايير الحكم على الأمور ، بحيث صارت الرؤية السائدة هي الرؤية المنحرفة وغير السليمة .
أما الحل ، فهو كما يبينه الإسلام ( دين الله تعالى ) ، يكون ببناء الإنسان القويم ، وتهيئة المجتمع السليم ..
الحل يكون بزرع الإيمان النقي في القلوب والنفوس ، بحيث يكون عمل الناس خالصاً لله تعالى ، ومن أجل رضاه ، وطاعة وإمتثالاً لأحكامه التي جعلها رحمة للعالمين .
الحل يكون بزرع الأخلاق والإنسانية وتنمية القيم النبيلة في جميع دول العالم ، وإدخالها في المناهج التعليمية والتربوية وفي المؤسسات ذات الإختصاص .
الحل يكون بالتطبيق الفعلي والسعي الجدي الحقيقي لنفع الناس وإدخال السرور في قلوبهم ..
الحل يكون بمحاولة رفع العوائق والموانع التي تعيق وتمنع سعادة البشر ..
هكذا يجب أن يكون العمل لتأتي ثماره وفوائده .
ان السعادة في نظر الإسلام ، ينبغي ان ترسم في القلوب والنفوس ، ولايكفي أن نرسم ابتسامة مصطنعة على وجوه حزينة .
بقيت كلمة أخيرة : وهي أن أسعد الناس واقعاً هم القريبون من الله تعالى في السراء والضراء ، الذين يلجأون اليه ، ليتزودوا بما يزيل آلامهم أو يخففها ويهونها عليهم ..
اسعد الناس هم أهل القناعة التي هي كنز لايفنى ، حيث يعمل الإنسان ويكدح بمقدار ما يستطيع ، من دون أن يحرق نفسه بنيران الهم والحقد والتذمر ..
ولذلك قد تجد فقيراً أسعد وأكثر راحة وسروراً من غني ، لأن الفقير لديه قناعة وتواصل مع الخالق تعالى بحيث تهون عنده مشاكله ، بينما قد يعاني الغني من عدم شعوره بالسعادة لعدم قناعته ، أو لفراغ روحه من أي معنى .
السعادة ليست محصورة بتلك الأسباب المتعارفة عند الناس ، بل ان الكثير ممن نظنهم سعداء بأموالهم أو بكثرة أسفارهم أو بنوعية حياتهم المبنية على الترف ، قد لا يكونون سعداء واقعاً ، وبعضهم مملوء بالعقد والأمراض ..
بينما توجد أسباب للسعادة أعمق وأعظم لايستوعبها الكثيرون ويغفل عنها السطحيون ، فالقناعة والإطمئنان النفسي مثلاً كنز من السعادة لا يعرفه الا أهله ، وتمام العافية في الدين والدنيا سعادة ، وتحصيل العلم سعادة ، وأعظم السعادة حينما يعيش الإنسان قريباً من رب العالمين ، بالطاعة ودوام التعلق به .
ونصيحتي المتواضعة للعالم أجمع أن يتعلموا من الإسلام الأصيل ، ويستلهموا منه معاني الخير والعطاء ، مهما كان الموضوع الذي يريدون الحديث عنه ، فإن الإسلام فيه تبيان وهدى ومواعظ لا يستغني عنها الباحثون عن العلم والمعرفة .
أكتب هذه الكلمات بمناسبة يوم ٢٠/ آذار (مارس) ، الذي يخصصه العالم منذ بضعة سنوات فقط ، للحديث عن أهمية السعادة في حياة البشر .. ولكن فاتهم ان السعادة لا تأتي بمجرد وضع الخطط الإقتصادية الخيالية ، ولا بإقامة مهرجانات وفعاليات مكلفة مادياً من دون فائدة ملموسة ، ولا تتحقق بالظهور أمام الإعلام بإبتسامات مصطنعة وكلمات منمقة ، من دون صدق وإخلاص في التفكير والتطبيق .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار