أخبار الحوزة العلمية

بحضور كوكبة من علماء واساتذة الحوزة العلمية في النجف الاشرف اقام مركز الامام الصادق ع محاضرة بعنوان (العالم في مواجهة البدع والشبهات)

بحضور كوكبة من علماء واساتذة الحوزة العلمية في النجف الاشرف اقام مركز الامام الصادق ع محاضرة بعنوان (العالم في مواجهة البدع والشبهات)
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


بحضور كوكبة من علماء واساتذة الحوزة العلمية في النجف الاشرف اقام مركز الامام الصادق ع محاضرة بعنوان (العالم في مواجهة البدع والشبهات)

اقام مركز الامام الصادق(ع) للدراسات والبحوث الاسلامية في 17شعبان 1439هـ الموافق 4/5/2018م محاضرة لسماحة آية الله الشيخ محمود قانصو العاملي الشهابي محاضرة قيمة بعنوان (العالم في مواجهة البدع والشبهات)، في حضور كوكبة من علماء وأساتذة وفضلاء الحوزة العلمية في النجف الأشرف.
((العالم في مواجهة البدع والشبهات))
البدع والشبهات من أبرز ما قد يواجه العالم، والمراد بالعالم هو العالم الرباني، الذي يريد أن يكون من أنصار دين الله تعالى ويواجه الانحرافات في مجتمعه.
لابد في البداية من تعريف البدعة.. وهي باختصار الأحكام غير المشرعة في الدين، وأما الشبهة فهي بداية البدعة، ومنطلقها الشك، بينما البدعة هي الجزم بالأمر المخالف لدين الله، والشبهة والبدعة هما شجرة واحدة، تبدأ بالشك وتنتهي بالجزم.
قبل أن نواجه البدعة يجب أن نحدد أن هذا الأمر الذي نريد أن نواجهه الآن هو فعلا بدعة.
تقسم البدع أو الشبهات إلى ثلاثة أقسام:
أولا ما هو داخل أهل الولاية. ثانيا ما يكون من خارج أهل الولاية من مذاهب الإسلام. ثالثا: ما يصدر من غير المسلمين.
وإليكم التفاصيل:
أولا. الشبهات والبدع داخل أهل الولاية
في الحقيقة نحن نحتاج إلى الكثير من التمعّن لإثبات أن هذه المقالة الصادرة هي من البدعة، ومع الأسف فإن الكثير من المتحمّسين يستعجلون في وصف الأفكار المخالفة لهم بأنها بدعة، ويتخيلون أن ما لديهم من أحكام هي حكم الله القطعي اليقيني، وان القول المخالف لهم هو بدعة، وهنا عادة ما يقع الصدام بين أهل الولاية أنفسهم.
وفي الحقيقة فإن كثيرا من الأحكام تحتاج الى توجه جديد لبيان الحق المبين، فليس كل ما يقوله الفقيه هو حكم الله تعالى، بل هو ما توصّل اليه بعلمه. وهذا القفز من (رأيي) و(اجتهادي) الى انه (حكم الله) هذا أمر فيه الكثير من المجازفة وهو غير مقبول، وكان أئمتنا (عليهم السلام) يؤكدون في كثير من الموارد على عدم صحة هذا التوجه.
ففي رواية أن الإمام (صلوات الله عليه) كان يُقبل عليه المتنازعان من شيعته وكل واحد منهما يبرأ من صاحبه، وكان الإمام يصرح أنه يتولى الفقيهين المتنازعين، اللذين كانا يبرأ أحدهما من الآخر، فكان (ع) يكشف لكل واحد منهما أن (اجتهادك) لا يعني (حكم الله) تعالى، وبالتي فلا يمكن الحكم على من يخالف حكمك بأنه مبتدع، بينما الشائع بين الكثير من طلبة العلم في الحوزات وحتى من العلماء أن ما يصدر من العالم هو (حكم الله)، وبالتالي فالمخالف (له) خارجي ومبتدع !!
اذن لا يجوز القفز من (رأيي) إلى (حكم الله) والادعاء بأن ما يخالف اجتهادي هو بدعة، خصوصا إذا تأملنا فكرة لعلها غير منتشرة في الحوزة العلمية، وهي أن هذا التعارض والتضارب في الأخبار ليس مردّه دائما أن أحد الخبرين مصيب للواقع والآخر غير مصيب، بل يمكن القول إن المتعارضات الصادرة عن الائمة (عليهم السلام) هي مصيبة للحق، فإن الائمة (ع) ذكروا أن كلامهم يمكن أن يُحمل على سبعين محمل، بينما نحن نعلم أن الواقع الخارجي له محمل واحد، اذن الائمة (ع) خاطبونا بمقدار ما نتعقل، ويجب علينا أن نأخذ كلام الإمام وما يعارضه.

النقطة المهمة الأخرى، هي أننا حتى لو علمنا أن هذا الحكم هو حكم الله، فيجب أن نلتفت إلى أن هذا الحكم أين محله من سُلّم الأهمية. فإن الأحكام التي يخالفها البعض ليست بنفس المستوى من الأهمية بحيث تكون محل نزاع بيننا.
إن كثيرا من الأحكام يصفها القرآن الكريم بأن الله تعالى شرعها لتزكيتنا، فهي اذن أحكام للتزكية، ونحن نعلم أن التزكية أمر غير متحقق بالكامل لكل المسلمين، الا للمعصومين (عليهم السلام)، فزكاتنا نسبية، وكل إنسان مسلم هو في الحقيقة يرتكب الكثير من الأمور المخالفة للتزكية، ولولا ذلك لزكت نفسه وطهرت تماما كالمعصومين (ع)، اذن أحكام التزكية ليست كأحكام الفرائض، فالفرائض هي فرائض، ومخالفة أحكام التزكية عمليا لا يستوجب إلا انخفاضا في مستوى التزكية لدى الفرد، وهو لا يؤدي إلى الخروج من الإسلام أو الإيمان أو الالتزام. ولا بأس بمثال على ذلك، وهو أن بعض الفقهاء يحرّم حلق اللحية، ونتيجة لذلك كثيرا ما تقع نزاعات حول من يحلق لحيته، بينما علينا أن ننظر لهذا الحكم من زاوية درجة أهميته، فربما الغيبة أعظم إثما وأثرا من حلق اللحية، ومع ذلك لا نرى رفضا لانتشارها بين الناس، فكثير من الأحكام نحن نركز عليها ونهمل الأحكام الأساسية مثل الظلم والعدل والاعتداء والتكبر.

فقد نجد عالما ما أفعاله تثير الشك من حيث كونه قد يعيش الكبرياء في نفسه، ومع ذلك فقد يقال بأنه أمر عادي، بينما لو أن طالبا أو غيره فعل أمرا مخالفا للزكاة لأثيرت عليه الزوابع.
اذن علينا أن نوجه استنكارنا وجهودنا لمن يشرّع الظلم والأذى والاستكبار والطبقية.
نحن بصراحة نعيش اليوم الكثير من البدع العظمى ومنها الطبقية، بينما كان رسول الله (صلى الله عل

يه وآله) يجلس كأي شخص وبتواضع، اذن نحن نشرع أمور عظمى هي موضع نهي كبير من قبل الله تعالى، ومنها العبودية، التي نشرعها ولكن بصورة ليست مباشرة.
إن طريقة المعالجة تبدأ بمواجهة أعظم البدع ثم ننزل. ولعل البدع الصغيرة تُحلّ عند حل البدع الكبيرة. فربما الكثير ممن انحرفوا وأصبحوا دعاة للانحراف كان سبب انحرافهم هو رؤيتهم لفقهاء معروفين يعيشون الراحة والدعة وكان هو يعاني الفقر فتنقدح لديه شبهة وانحراف، وقد ينخرط هو أو أمثاله في جبهة أهل البدع، فلو أننا حللنا البدع الكبرى لحُلت البدع الصغرى تلقائيا.

مثال لو كان عندنا شاب يرى إن من حقه ممارسة الأمور القبيحة، فإنه سوف يكون لقمة سائغة لأهل البدع، بينما لو زوجنا نحن هذا الشاب وأصلحنا له أمره لتركهم. فعلينا أن نحارب الأسباب العملية التي تساعد أصحاب البدع على استغلال الآخرين، نحارب ذلك اولا بعملنا، ونكون متواضعين وعلى هدي رسول الله (ص)، وإلا فليس من المعقول أن نكون نحن أصحاب دنيا وفي الوقت نفسه نقول للشاب لماذا تنظر للحرام. شتان ما بين هذه نظرة الشاب وبين الاستئثار والطغيان والظلم.
ولدينا حديث عن الأئمة (عليهم السلام) يبين معنى قوله تعالى: (وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا) الاعراف/ 56.. يقول الإمام (ع): (لقد أصلحت الأرض بالرسول الأكرم (ص)، وتم افسادها بالانحراف عن سنته).

والسؤال المهم هنا: هل نحن أظهرنا لعموم المسلمين وعموم أهل الولاية تواضع رسول الله (ص) ومحبته للناس، هل نحن نحب الناس كما يريد رسول الله الذي يصفه القرآن بقوله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة/128، فهل نحن كذلك، أم نرى انه حتى داخل الحوزة هناك من هو في عنت وضيق وجاره في رخاء.
اذن لا يجب أن تكون المحاربة هو أن نقول لصاحب البدعة إن فعلك مخالف لدين الله، فقد يدري الشخص ذلك، ولكن بسبب رؤيته لكثرة المخالفات يرى انه لابأس أن يخالف الدين والشريعة.
ثم علينا أن نرتقي ونواجه البدعة مباشرة. أولا توجد مقدمة مسلمة عند أهل الإسلام، وهي أن كل أحكام الدين مشرعة من قبل الله، ونحن لا نشرع، وانما نسعى لمعرفة حكمه تعالى، والصفة الثانية أن كل أحكام الشرع على الفطرة التي فطر الله الناس عليها. (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) الروم/30
اذن عندما نجد البدعة منتشرة بين أهل الولاية، فهذا يعني أننا أولا لم نبين لهم بشكل جيد أن هذا الحكم قد انزله الله، فصار انطباعهم أن هذا هو حكمنا، ومن المحتمل أن الشخص لا يؤمن بي وانما يؤمن بالله ويؤمن بالإمام، اذن اذا وجدنا شخصا يقول انا لا اريد ان اسمع منك أيها الفقيه فهو لا يخرج من الاسلام ولا يكون فعل حراما.
وعندما نجد أن اهل الولاية يجنحون لأحكام أخرى فهذا يعني أننا لم نبين أن هذا الحكم أنزله الله تعالى، وهذا نقص فاحش في عملنا. فعلينا أن نعترف أنه يوجد فاصل كبير بين الفقهاء وبين من لايؤمنون بالفقهاء، فاللغة بيننا كفقهاء وبين مثل هذا الشخص مقطوعة، نحن نقول له هذا حرام وهو يقول هذا حلال، والمفروض أن نلقي عليه الحجة كما نلقي على أهل السنة.
وعندنا بصراحة فقهاء يرفضون أن نحدث الناس بهذه الطريقة المناسبة، في حين توجد طبقة كثيرة من الناس لا تؤمن بأقوال الفقهاء، فهل نخرجهم من الدين لأجل ذلك، فلابد اذن من أن نبين لهم أن هذا الحكم انزله الله تعالى.
ثانيا لابد أن يثبت لدينا أن هذا الحكم الصادر والمستنبط من قبلنا ملائم للفطرة قبل كل شيء. فعندما تجدون أن الكثير من الناس من أهل الولاية، وفطرتهم على الظاهر سليمة، يرفضون هذا الحكم أو ذاك، فلابد أن نراجع الحكم، فالأحكام الشرعية لها مزاحمات وأحوال، ولأجل ذلك كان الإمام (ع) يقول عن الحكم نفسه أنه حلال أحيانا وأنه حرام أحيانا أخرى، فيجب علينا ان نسعى لتكون أحكامنا منسجمة مع فطرة الإسلام، وهذا يعني انه يجب أن تكون فطرتنا سليمة. ومن كانت فطرته غير سليمة لا يمكنه أن ينتج فقها منسجما مع الفطرة. وهذا بحث طويل كان يسمى قديما بالأحكام العقلية، ولي فيه رسالة، وانه لا يصح أن تفهم الأخبار الشريفة الا بفطرة سليمة، فمن كانت نظارته خضراء لا يرى الأمور إلا خضراء، والفقيه الذي لم يطهّر فطرته فإن أحكامه أو فهمه للأخبار لا ينسجم مع روح الأخبار.

ثانيا. البدعة والشبهات عند اهل التسنن:
والآن نأتي إلى البدعة عند أبناء المذاهب الأخرى داخل الإسلام.
وهي معتمدة على أمرين:
أـ اخفاء حق أهل البيت وولايتهم. والذي أقوله بعد تجربة وبحث عشرات السنين، أن هؤلاء كانت عندهم كل أخبار الولاية بحق أمير المؤمنين والائمة (عليهم السلام) وبوضوح، ولكن في العصر العباسي شنّ مجموعة من النواصب حربا لاستئصال هذه الأخبار وملاحقة وتدمير رواتها، وأي مراجعة

يمكن أن يقوم بها الباحث سيجد هذه الحقيقة بوضوح، وبعد حرب مائة عام ضد روايات فضائل أهل البيت (عليهم السلام) تم تصفية تراثهم من هذه الأخبار، ولكن مع ذلك فإن هذه الأخبار مازالت موجودة، وهم يشيرون إليها في كتبهم، وما علينا الآن هو اعادة هذا الذي طمسوه وحاولوا دفنه وهو موجود عندهم. مثلا كتاب الضعفاء، الواقع في ست مجلدات، يقول فيه مثلا: (فلان روى هذا الحديث باسناد كذا وكذا، وهو حديث منكر، وراويه ملعون)، فعلينا أن نأخذ هذا الخبر ونبين حقانيته، وهذا من أهم الواجبات على من يوالي أهل البيت (ع)، وستجدون مئات الرواة طمسوهم ظلما وعدوانا.
اذكر أن ابا الأزهر النسيابوي روى حديث بإسناد عن الرسول (ص) فوصل الخبر الى مجلس يحيى أبي زكريا، الذي هو احد اقطاب الحرب على الولاية. فقال فورا: أبو الازهر النيسابوري هذا كذاب. وفي اليوم الثاني حضر أبو الأزهر فاكبره يحيى واهتم به ولم يدر انه هو أبو الأزهر، فقال يحيى من هذا الكذاب الذي روى عن فضل علي؟ فقال أبو الأزهر وهو من أساطين السنة: أنا. فوقع يحيى في الاحراج واعتذر. طبعا أهل السنة اخذوا بالقول الأول، ولم يأخذوا بتراجع يحيى عن موقفه المعادي. وعلينا أن نظهر مثل هذه الأمور.
والأمر الثاني الذي فعلوه هو أنهم أخفوا مثالب خصوم أهل البيت(ع)، وسمّوها روايات المثالب، واستأصلوها من تراثهم، وعلينا أن نعيدها. والحديث لذي ألّفوه جعلوه حقيقة من الحقائق، ووصفوه بأنه صحيحا. وأي مُراجع لكتبهم يرى أنهم أنفسهم يختلفون في الصحيح ما هو، فالدار قطني يذكر أربعة عشر مجلدا عن علل الحديث.
ولقد قمت بجهد لبيان أن أحاديثهم هي مجرد وهم وليست صحيحة، وبإمكان أي باحث أن يكتشف أنها افتراء متعمد على النبي (ص). ثم ان العباسيين وبقرار سياسي سعوا لترويج ما أسموه الحديث الصحيح ليُستغنى به عن أحاديث أهل البيت (ع).
وحينما كان الحديث ممنوعا من التدوين خلال فترة ليست قصيرة بعد رحيل النبي الأكرم (ص)، وقف الإمام الباقر (ع) في المسجد النبوي وصار يكثر من قوله: قال رسول الله (ص).. فأثار ضجّة في نفوس المسلمين، فهو الشخصية الوحيدة آنذاك التي كانت تكرر: قال رسول الله (ص)، ولم يكن يتحدث بلسان (لعله) و(يُروى) و(ربما) و(يُظن).. ولهذا قيل عنه أنه بقر العلم بقرا.
ولما أدرك العباسيون هذه الخطر، أخفوا فضائل أهل البيت (ع) باختراع شيء اسمه الحديث الصحيح عبر كتاب الموطأ لمالك بن انس الذي عظّمه المنصور ووضعه على الكعبة، وعمّمه إلى بقية البلدان.
اذن علينا ان نبين ما اخفاه هؤلاء المبتدعون وأن نكشف عن وهن ما استحدثوه.
والخلاصة أنهم عمدوا إلى ثلاثة أمور:
1ـ اخفاء حقوق أهل البيت (ع) وأحاديثهم.
2ـ رفع وإزالة مثالب النواصب بيان مثالب الصحابة المحاربين لأهل البيت.
3ـ بيان وهن الحديث وانه ليس صحيحا فما يروجون له من أنه صحيح عبر كتبهم ومنها البخاري ومسلم ما هو إلا أوهام.
ومن الأمور المهمة أيضا التجارب التي وقعت على الأرض.. فعلينا أن نركز على تجارب ولاية غير المعصومين خلال ألف وأربعمائة عام، حيث كان المسلمون يجربون ولايات غير المعصومين ويفشلون.. فيمكن أن نقول لهم وبضرس قاطع إن هذه الخلافة والولاية التي اعتبرتموها من دين الله هي تجربة فاشلة وهي دليل حسي على بطلان مذاهبكم.
مضافا الى دليل آخر ينفعنا، وهو فطرة الله تعالى التي تتناسب مع الولاية.. وهذا ما نجده عند علمائنا القدماء الذين كانوا يركزون على الولاية من خلال بيان أحكام العقل والفطرة، وكانت أكثر مباحثهم عقلية وفطرية، كي لا يقال لهم هذه الرواية ضعيفة أو هذا الحديث غير صحيح، فكانوا ينطلقون في اثبات الولاية عن العقل والفطرة.

ثالثا. شبهات الخارجين عن دين الاسلام
نصل الآن إلى شبهات الخارجين عن دين الاسلام. وما هو خارج عن الاسلام كثير جدا.. الله تعالى وصف هؤلاء الذي رفضوا الاسلام في قوله تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) الروم/14
اذن هؤلاء لا سبيل عادة للنقاش معهم، وقد واجهوا الأنبياء جهرة ورأوا المعاجز أمامهم ولم يؤمنوا، فبعد أن دخلوا في شقّ البحر جحدوا وقتلوا الناقة التي خرجت من الجبل. بالتالي فهم ليسوا أهل نقاش.. فهؤلاء طمست فطرتهم، والقرآن وصفهم بأنهم مرضى وأن على قلوبهم رين وحجب وغشاوة..الخ.
اذن النقاش الحقيقي مع أمثال هؤلاء انما يكون في كشف الحجب عن فطرتهم، وهو شيء صعب جدا لا يتاج إلا للعالم الرباني، الذي يكون صاحب فطرة نقية ويكون كلامه قريب من الفطرة، وأفعاله تنطق بالفطرة فتكشف عن هؤلاء الغشاوة.
والنقطة الأخيرة، إن في كتاب الله تعالى ما يكشف عن الفطرة، والقرآن الكريم فيه شفاء لما في الصدور، ولكن هذا ليس امرا بسيطا، فعلينا ان نتأمل في كل آية مليا، ربما أسبوع كامل، وربما شهرا، لنكتشف ما فيها من أنوار كي نستطيع أن نزيل بها الحجب.
كما وأطلب من كل المسلمين أن يركزوا على تحدي القران لكل البشر، ونقول لهؤلاء المعترضين على القرآن: انت

م تستخفون بالقرآن، ونحن نتحداكم أن تأتوا بسطر منه، وأنكم لم ولن تأتوا به. نحن يجب علينا أن نبين هذا التحدي لغير المسلمين، فإذا كان القرآن كلاما عاديا قاله محمد (ص) في الصحراء، فأنت الآن أيها المعترض في أفضل الجامعات، جئنا بمثل هذا القرآن أو ببضعة أسطر منه. ولماذا لا تأتون بمثله؟؟ اذن نظل نطالبهم باستمرار، ويجب أن نظهر أن إعراضهم هو جحود ظاهر، إذ توجد معجزة أمامهم وهم ينظرون إليها ولا يتأثرون.
إن كل ما طرحته إلى الآن معتمد على العالم. فمن يريد أن يواجه البدعة يجب أن يكون هو خال من البدعة. فمن زكّى نفسه وطهرها، هو القادر وحده على مواجهة البدعة. إن الكثير من الطلبة يتخيلون أنهم ببعض التأليفات يتمكنون من احتواء البدعة. بينما كان رسول الله (ص) نورا والائمة (ع) كانوا أنوارا وكذلك أصحابهم، ومن أراد أن يسير على طريقهم عليه أن يزكّي نفسه ليكون كلامه وفعله مؤثرا وفي محله.
أسأل الله تعالى أن يوفقكم لتزكية أنفسكم، ثم تزكية المجتمع، فإن أسهل طريق لتزكية المجتمع هو تزكية المرء لنفسه، وأسهل طريق لمواجهة البدع هو أن يطرد العالم البدع من نفسه.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار