اللقاءات والتحقيقات

الندوة (52) - الإمام الحسين عليه السلام وصناعة الكوادر - الشيخ رافد التميمي

الندوة (52) - الإمام الحسين عليه السلام وصناعة الكوادر - الشيخ رافد التميمي
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


الندوة (52) - الإمام الحسين عليه السلام وصناعة الكوادر - الشيخ رافد التميمي

{ مدينة الأهواز }

بدايةً ذكر المحاضر أنّ وجود الكوادر المتخصّصة ضروري لكلّ  مشروع وأُطروحة، وبدونها سوف تكون هناك أعمال فردية غير منسجمة ومنضبطة، ومقنّنة بقانون معيّن، وسوف تكون فائدتها جزئية وأثرها قليل جدّاً، ولا بدّ أن تتوفّر في الكادر المتخصّص مجموعة من الأُمور:

المعرفة والعلم: أن يكون صاحب المشروع متعلّماً عارفاً، واقفاً على أبعاد وأهداف مشروعه، وواقفاً على الرؤية الفعلية والمستقبلية والماضية للمشروع.الوعي والبصيرة: قد يكون شخص عالماً، لكنّه غير واعٍ ولا بصيرة له، والمقصود بالوعي والبصيرة هو ترتيب الأولويات حسب الأهمّية بما تمليه الظروف الزمانية والمكانية وما يرتبط بذلك.الجدية والمثابرة: كم من العلماء أو الفضلاء وأصحاب المعرفة لا توجد عندهم جدية ومثابرة، لذلك نجد تأثيرهم في المجتمع محدوداً جدّاً لذلك، فإنّ من علامات الكادر المتخصّص أن يكون جدّياً ومثابراً في الأهداف التي يبتغيها، حتّى يحصل على أفضل النتائج على مستوى الكمِّ والكيف.الصبر والتحمّل.حسن القيادة وحسن الإدارة للعمل من خلال  التخطيط للعمل مسبقاً.

الإمام الحسين (عليه السلام) وصناعة الكوادر

هناك مجموعة من الأُمور التي كانت مؤثّرة من الإمام الحسين (عليه السلام) لصناعة الكوادر:

الطاعة لولي الأمر: نجد أنّ الامام الحسين (عليه السلام)، وهو إمام معصوم إلّا أنّه مطيع لولي الأمر الذي هو أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومطيع لأخيه الإمام المجتبى (عليه السلام)، هذه حالة تربوية يعلّم بها أصحابه والمحيطين به الطاعة المطلقة لولي الأمر، والشواهد على ذلك عديدة في الكتب والروايات، بالنتيجة نريد من الكوادر المتخصّصة إطاعة البرنامج.انتخاب وتقدير الموقف الصحيح: فنجد هناك مواقف  مختلفة للإمام الحسين (عليه السلام)، وسبب هذا الاختلاف هو الظروف الموضوعية التي مرّ بها الإمام الحسين (عليه السلام)، نذكر ثلاث حالات للإمام الحسين (عليه السلام):

الحالة الأُولى: حالة الحرب والانتصار، التي هي في زمن  أمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث اشترك في حروب الإمام الثلاثة، وحارب فاشتراكه هناك اتّخذ موقف المحارب المنتصر، في هذه الظروف التي كانت تحيط في المجتمع الإسلامي آنذاك

الحالة الثانية: هو المصالح المهادن، وهو موقفه (عليه  السلام) في زمن الإمام الحسن (عليه السلام)، طبقاً للظروف التي كانت تحيط بالمجتمع الإسلامي آنذاك، وحسب ما تمليه عليه الوظيفة الشرعية.

الحالة الثالثة: موقف المحارب الشهيد.

المواقف المتعدّدة من الإمام الحسين تعطينا دروساً، وتصنع منا كوادر كفوءة، فالإنسان يتّخذ مواقفه ضمن الضوابط والظروف الموجودة، وهذه القضية صعبة التشخيص؛ لأنّه يراد لها بصيرة ومعرفة وتقوى.

ج- الإخلاص في العمل: يعلّمنا الإمام الحسين (عليه السلام)  الإخلاص في العمل، ولولا الإخلاص في عمل الإمام الحسين (عليه السلام) لما استمرّت القضية الحسينية إلى اليوم وإلى يوم القيامة، فعمق إخلاص الإمام الحسين (عليه السلام) هو الذي حفظ لنا الدين، وإخلاص الإمام الحسين (عليه السلام) قضية جدّاً مهمّة وتربوية، وأنّ الكادر المتخصّص لا بدّ أن يكون مخلصاً في عمله.

د- الوضوح في الهدف: الإمام الحسين (عليه السلام) عنده  هدفٌ واضح، وهو إبقاء حياة الإسلام، فالرسول جاء بالإسلام، لكن الذي حافظ على الإسلام هو الإمام الحسين (عليه السلام)، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «حسين منّي وأنا من حسين».

 ووضوح الهدف قضية مهمّة ومصيرية، وإذا كان هناك ضبابية بالهدف نوعاً ما ستضعف الهمّة، فالإمام الحسين (عليه السلام) كان هدفه واضحاً، وكانت مثابرته وجدّيته لتحقيق هذا الهدف أيضاً لا غبار عليها، وهذا ما يعلم من قوله: «شاء الله أن يراني قتيلاً، وشاء الله أن يراهنّ سبايا».

 

 

الشهادة :  ماهي الشهادة؟

شهادة الإمام الحسين تعني أنّ الإنسان من أجل عمله الذي يؤمن به لا بدّ أن يعطي كلّ شيء، فلذا استشهد الإمام الحسين، فالكادر المتخصّص يبذل نفسه طبق الضوابط الشرعية إذا استوجب الأمر.

 النتيجة والثمرة في هذا الموضوع هذه الكلمة الخالدة للإمام الحسين: ما رأيت أصحاباً وأهل بيت خير وأبرّ من أصحابي وأهل بيتي. هذه ثمرة لهذه الخطوات التي عمل بها الإمام الحسين، وسار عليها أهل البيت (عليهم السلام).

وكانت هناك كوادر متخصّصة عند بقية الأئمّة (عليهم السلام)، ذكروا لها أمثلة في أقوالهم: «إنّي أحبّ أن أرى في أصحابي مثلك»، «أحبّ أن تجلس في المسجد وتحدّث الناس»،  «العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان»، فلان ثقة وقوله قولي... هذه جاءت من خلال  تربية عميقة لصناعة هكذا كوادر تحمل على أعبائها ثقل الرسالة .

 

النهضة الحسينية وصناعة الكوادر:

المقصود من النهضة الحسينية هذه المنظومة المتكاملة من الأهداف والأسباب، والأُسلوب والنتيجة، والثمرات والآثار، ولهذه المنظومة المتكاملة أبعاد تر

بوية عديدة لصناعة الكوادر المتخصّصة، يمكن أن نقسّم هذا الموضوع إلى قسمين على المستوى النظري وعلى المستوى العملي.

المستوى النظري للنهضة الحسينية في صناعة الكوادر

وفيه نقاط:

النقطة الأُولى: شعارات النهضة الحسينية

شعارات النهضة الحسينية تربوية وتفتح آفاقاً للكوادر المتخصّصة، من قبيل قول الإمام الحسين (عليه السلام): يزيد فاسق فاجر شارب للخمر... ومثلي لا يبايع مثله. فأعطانا قانوناً عاماً من آدم إلى يوم القيامة، وفي زماننا يوجد مَن يمثّل خط يزيد ومَن يمثّل خطّ الإمام الحسين (عليه السلام) أمثال مراجعنا العظام، فهذه القضية ممتدّة، وكذلك شعارات كربلاء خذ حتّى ترضى، وما رأيت إلّا جميلاً، وهيهات منّا الذلّة، فهذه الشعارات والقوانين ممتدّة وغير مرتبطة بزمان أو شخص معيّن، وهي شعارات تربوية، ولها قابلية على صناعة الكوادر المتخصّصة.

النقطة الثانية: أهداف النهضة الحسينية

من أهداف النهضة الحسينية الوقوف في وجه الظلم والتحريف، وهدر بيت المال، والوضع الاقتصادي، وكلّ هدف من أهداف النهضة الحسينية هو مدرسة لصناعة الكوادر المتخصّصة.

النقطة الثالثة: آثار وثمرات واقعة كربلاء

 هذه قضية تربوية ومهمّة جدّاً؛ لأنّ أحد آثار النهضة الحسينية هو إبطال المشروع الأُموي لمحو الإسلام، ومن آثارها تخليد قضية الإمام الحسين (عليه السلام) كما قالت السيّدة زينب عليها السلام: «والله، لن تمحو ذكرنا».

المستوى العملي للنهضة الحسينية في صناعة الكوادر

مؤسّسة الشعائر الحسينية التي تأسّست بمجرّد أن استُشهد الإمام الحسين (عليه السلام)، وإن كانت بوادرها موجودة في زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله)، لكن تفعيل المؤسّسة الشعائرية بشكل رسمي بعد كان استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، والمؤسّسة الشعائرية هي المراسم التي تُقام على الإمام الحسين (عليه السلام)، وليست ممارسات المؤسّسة الشعائرية فردية، بل إنّ الشعائر الحسينية هي ممارسات نتجت عن تخطيط وتنظيم وتنظير من قبل أهل البيت (عليهم السلام)، سواء على المستوى العملي أو على المستوى النظري.

 على المستوى العملي نجد أنّهم طبّقوها على البكاء والزيارة وما إلى ذلك... وعلى المستوى النظري حثّوا عليها، أو أمروا بها، وشجّعوا عليها، وسهّلوا أمرها.

إذاً هذه المؤسّسة الشعائرية مؤسّسة تربوية لها أبعاد عميقة وطويلة الآثار، إلّا أنّه من ضمن المؤسّسة الشعائرية هي صناعة الكوادر المتخصّصة، على سبيل المثال زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) التي حثّ عليها أهل البيت (عليهم السلام) لها أبعاد تربوية، تصنع كوادر وتربّي وتعمّق المعرفة، فعندما تذهب إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) تعرف الإمام، وتعرف مَن كان، ولماذا استُشهد؟ وماهي أهدافه؟ وماهي غاياته؟ فالزيارة والمشي للزيارة فيهما أبعاد كبيرة وكثيرة، تربوية، وأخلاقية، وعقائدية، لصناعة الكوادر المتخصّصة.

لذلك عمدت المؤسّسة أن تشارك في هذه المؤسّسة الشعائرية العظيمة، من خلال صناعة كوادر متخصّصة متعلّمة، لتحمّل أعباء الرسالة بشرط الصبر والتحمّل ـ ولا سيّما نحن في صراع دائم بين خطّ الخير وخطّ الشرّ ـ غير مرتبطة بالأفراد، من زمن آدم (عليه السلام)، وعدم سجود الشيطان لآدم، فهناك خطّان:

 خط بقيادة إلَهية من الأنبياء والأئمّة والعلماء.

وخط بقيادة شيطانية من أئمّة الكفر وحكّام الجور وأتباعهم، وهذه معركة بمعنى الكلمة.

 وتسعى مؤسّسةُ وارثِ الأنبياءِ أن تشارك المؤسّسةَ الشعائريةَ التي تريد أن تحفظ خطّ الخير وتنصره في قبال خطّ الشرّ المتمثّل بالشيطان وأعماله.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار