أخبار اسلامية

الشهيد الصدر الأول بين الإبداع العلمي والأخلاقي والمواقف الخالدة المرجع الشيخ محمد اليعقوبي

الشهيد الصدر الأول بين الإبداع العلمي والأخلاقي والمواقف الخالدة  المرجع الشيخ محمد اليعقوبي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

الشهيد الصدر الأول بين الإبداع العلمي والأخلاقي والمواقف الخالدة

المرجع الشيخ محمد اليعقوبي

 

 

إستّهلَ سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي " دام ظله " بحثهُ الخارج بكلمة أبّن فيها المرجع الديني والمفكر الإسلامي السيد محمد باقر الصدر " قدس سره " بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين لإستشهاده " قدس سره "

 

وقد ذكر سماحته بكلمتهِ التي ألقاها بجمع من طلبتهِ بمكتبهِ في النجف الأشرف جملة من السمات الشخصية لمدرسة الشهيد الصدر " قدس سره " وملامح منهجه وطريقة تعاطيه مع التحديات حيث قال: لا ينبغي أن تمر ذكرى السيد الشهيد محمد باقر الصدر " قدس سره " دون أن نقف عندها ونأخذ الدروس والعبر منها، وإن كان الأئمة المعصومون " عليهم السلام " هم مثلنا الأعلى، ولكن لعل بعض التجارب المحسوسة والتي تجسد سيرة المعصومين " عليهم السلام " وتكون نموذجاً لسيرتهم وطريقتهم " سلام الله عليهم " تكون أكثر تأثيراً وأقرب للإستفادة ومنها تجربة الشهيد الصدر " قدس سره " التي نحن بصددها.

 

فقد أقدم " قدس سره " على التضحية بكل وجوده المادي والمعنوي والإعتباري، وقد عقد صفقةً مع الله وباع نفسه لله وإشتراها منه " جل وعلا "، ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ) ( التوبة / 111 ) وهذا هو مضمون العبارة التي قالها لأحد طلبتهِ المقربين الذي أعتقل معه عام 1979 وكان مقيداً معه يداً بيد في نفس الزنزانة عندما رآه مذعوراً مرتبكاً لأنه " قدس سره " يعتقد بأن الأمة آنذاك قد دخلت التّيه وفقدان الإرادة بل ماتت الإرادة فيها فلا ينفع معها شيء ليستنهضها ويستثيرها ويوقظ ضميرها إلا الدماء الزاكية، وكانت الأجواء مصطبغة بنفس لون الأيام التي سبقت ثورة الإمام الحسين " عليه السلام " حيث عمد السلوك الأموي الممنهج إلى إستعباد الأمة وسلب كرامتها وريتها، فكان العلاج هو الفداء والتضحية، فعزم " قدس سره " على المضي في طريق الشهادة، وكان يشفق على العلامة الشيخ محمد رضا النعماني حينما وجده يكثر من الأدعية والأوراد والزيارات ( لشدة حبه وحرصه على مرجعه ) أملاً بأن ينجيه الله تعالى من السلطّة الظالم، ألّا أنه كان عازماً على التضحية بنفسه لإنعاش الحياة في جسد الأمة وضميرها.

 

ولفت سماحته " دام ظله " إلى أن الشهيد الصدر " قدس سره " عاش بكلّه للإسلام ولإعلاء كلمة الله تعالى وكان همّه المشروع الإلهي ونشر الدين الإسلامي ولم يعش لنفسه أبداً ولم يهتم بشؤونه الخاصة وكان مهتماً بإيصال صوت الإسلام إلى أقصى بقاع العالم، وسعى " قدس سره " لأقناع كل العالم بالإسلام وتقديمه كنموذج لقيادة الأمة وكمشروع متكامل لإدارة الحياة وتلبية كل إحتياجات الإنسان المشروعة ومعالجة تطورات الحياة فكتب في سنيّه الاخيرة كتابه ( الإسلام يقود الحياة ) وكان مخلصاً لله تعالى ذائباً فيه " جل وعلا " فلم تكن للدنيا قيمة عنده بالرغم من إقبالها عليه وهو في ذروة مجده لأن مرجعيته قد إتسعت وتجاوزت حدود العراق وألتف حولها الشباب الجامعي والمثقفون ونخب المجتمع، حيث نقل " قدس سره " مدينة النجف إلى واجهة الأحداث وأصبحت محط أنظار الدولتين العظمتين اللتين تسيّدتا العالم بعد أن ألّف كتابيه ( إقتصادنا ) و ( فلسفتنا ) فلفت أنظار المفكرين والفلاسفة والإقتصاديين، لكنه زهد بهذا كله وإستهان بهذه الدنيا حينما وجد إن واجبه يحتم عليه أن يضحي فأقدم على التضحية ولم يخلق لنفسه المبررات كي يتقاعس عن واجبه فكانت تضحيته بنفسه وكيانه الإعتباري ووجوده المعنوي وكل ما كان يتمتع به من إمتيازات.

 

وأضاف سماحته " دام ظله " لقد أُلّفت الكثير من الكتب عن الشهيد الصدر " قدس سره " وإستوعبت الكثير من فصول سيرته المباركة ولا أدعي أني أستطيع أن أقدم شيئاً جديداً في كلماتي هذه وإنما أقولها للتذكير ولنستشعر مسؤولياتنا ونذكّر أنفسنا بالمهام التي ينبغي أن نقوم بها، فقد كان " قدس سره " يسبق الأحداث ويستشعر التحدي والخطر المحدق وأراد أن يُبين إن الإسلام ليس قادراً على مواجهة التحدّي فحسب بل قادراً على أن يُقدم مشروعاً متكاملاً ليس فيه ثغرات ونقائص كما في المشاريع الأخرى المطروحة على الساحة لذلك إنبرى " قدس سره " في نهاية الخمسينيات حينما كان التحدي الأيدلوجي في أوجه مع الفكر الشيوعي وكان المذهب المادي هو الطاغي على الأجواء آنذاك فإنبرى " قدس سره " لتأليف كتابيهِ ( فلسفتنا و إقتصادنا ) ولكي يُبّين إن الإسلام قادر على تقديم نظرية متكاملة وليقنن العمل المالي والمصرفي كتب ( البنك اللاربوي ) وأرسله إلى المؤتمر الذي دُعي للمشاركة فيه، وعند تصاعد أحداث الثورة الإسلامية في إيران كتب ( المعالم العامة لدستور الجمهورية الإسلامية ) ولم يكن السيد الخميني " قدس سره " قد وصل الى إيران بعد، فكان يسبق الأحداث فحينما يطالب المتظاهرون بحكومة الإسلام فلابد حينئذٍ يكون الدستور الإسلامي حاضراً بين أيديهم وتكون معالم المشروع الإسلامي واضحة لديهم، لقد كان " قدس

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار