أخبار المراجع والعلماء

أمير المؤمنين (ع) تربّى في حجر الرّسول (ص)... بقلم العلامة الشّيخ جعفر السبحاني

أمير المؤمنين (ع) تربّى في حجر الرّسول (ص)... بقلم العلامة الشّيخ جعفر السبحاني
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

 

التربية الروحية والفكرية والأخلاقية تلقّاها علي (عليه السلام) في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهي الضّلع من أضلاع شخصيته المباركة.

ولو أنّنا قسّمنا مجموعة سنوات عمر الإمام (عليه السلام) إلى خمسة أقسام، لوجدنا القسم الأوّل من هذه الأقسام الخمسة من حياته الشّريفة، يشكلّ السنوات التي قضاها (عليه السلام) قبل بعثة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله).

وانّ هذا القسم من حياته الشّريفة لا يتجاوز عشر سنوات، لأنَّ اللّحظة التي ولد فيها عليّ (عليه السلام)، لم يكن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد تجاوز الثّلاثين من عمره المبارك، هذا مع العلم بأنّه (صلّى الله عليه وآله) قد بعث بالرّسالة في سنّ الأربعين.

وعلى هذا الأساس، لم يكن الإمام عليّ (عليه السلام ) قد تجاوز السنة العاشرة من عمره يوم بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالرّسالة، وتوّج بالنبوّة.

إنّ أبرز الحوادث في حياة الإمام علي (عليه السلام)، هو تكوين الشخصية العلوية، وتحقّق [ضلع من أضلاع شخصيته] بواسطة النبيّ الأكرم، وفي ظلّ ما أعطاه (صلى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام) من أخلاق وأفكار، لأنَّ هذا القسم في حياة كلّ إنسان، وهذه الفترة من عمره، هي من اللّحظات الخطيرة، والقيّمة جدّاً، فشخصيّة الطّفل في هذه الفترة تشبه صفحة بيضاء نقيّة تقبل كلّ لون، وهي مستعدّة لأن ينطبع عليها كلّ صورة مهما كانت، وهذه الفترة من العمر تعتبر بالتّالي خير فرصة لأن ينمّي المربّون والمعلّمون فيها كلّ ما أودعت يد الخالق في كيان الطفل من سجايا طيّبة، وصفات كريمة، وفضائل أخلاقية نبيلة، ويوقفوا الطفل عن طريق التربية على القيم الأخلاقية والقواعد الإنسانية وطريقة الحياة السعيدة، وتحقيقاً لهذا الهدف السامي، تولّى النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) بنفسه تربية عليّ (عليه السلام) بعد ولادته، وذلك عندما أتت فاطمة بنت أسد بوليدها علي (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلقيت من رسول الله حبّاً شديداً لعليّ، حتى إنّه قال لها: اجعلي مهده بقرب فراشي.

وكان (صلى الله عليه وآله) يطهّر عليّاً في وقت غسله، ويوجر اللّبن عند شربه، ويحرّك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويلاحظه ويقول: "هذا أخي، ووليّي وناصري وصفيّي وذخري وكهفي، وصهري، ووصيّي، وزوج كريمتي، وأميني على وصيّتي وخليفتي".

ولقد كانت الغاية من هذه العناية، هي أن يتمّ توفير الضّلع الثاني في مثلّث الشخصيّة، وهو التربية بواسطته (صلى الله عليه وآله)، وأن لا يكون لأحد غير النبي (صلى الله عليه وآله) دخل في تكوين الشخصيّة العلويّة الكريمة.

 

وقد ذكر الإمام عليّ (عليه السلام) ما أسداه الرّسول الكريم إليه، وما قام به تجاهه في تلكم الفترة، إذ قال: وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصّيصة، وضعني في حجره وأنا وليد، يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسّني جسده، ويشمّني عرفه، وكان يمضغ الشّيء ثمّ يلقمنيه.

 

*من كتاب: "الأئمة الإثنا عشر".

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار