بسم الله الرحمن الرحيم 

(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )

 الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين 

ونحن نعيش الاجواء المباركة في الشهر الكريم و الايام العشر الاواخر منه وطلوع الصبح بعد انتهاء ليلة القدر تفاجئنا بحدث غريب ومنكر وهو رفع علم الانحراف الاخلاقي في بعثة الاتحاد الاوروبي و بعثات أجنبية أخرى في بغداد ولاجل ذلك نسجل النقاط التالية: 

اولا : ان ترك المعاصي سلوك العقلائي عند الانسان بغض النظر عن دينه و عرقه ، و السلوك الشاذ مما يستقبحه عموم العقلاء وتحرمه الاديان الحقة بل هو من كبائر الذنوب التي استوجبت ارسال نبي من الانبياء للحد من هذه الظاهرة و استلزمت العقوبة الالهية لهذه المعصية و لقد اثبتت الدراسات العلمية ان السلوك المنحرف هو خلاف الفطرة الإنسانية فقد اثبتت اخر الدراسات العلمية ان السلوك المثلي غير قابل للتنبؤ جينيا بحسب ما نشرته دورية ( ساينس ) (Science ) يوم 29 أب 2019 مما يعني انه ليس من الميول الفطرية الموجودة عند الانسان حتى يعتبر من حقوقه بل هو مجرد انحراف شيطاني وسلوك مكتسب من المنحرفين ، 

ومن الجدير بالذكر ان لفعل المعاصي اثر في حدوث البلاءات الدنيوية التي يبتلى بها العالم اجمع في مثل هذه الايام في ظل ازمة كورونا ورد عن الامام الرضا عليه السلام ( كل ما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون ) .

ثانيا : إن احترام الهوية الوطنية والدينية للشعوب هي من اهم المبادئ والقوانين الدولية التي يجب ان تلتزم بها بعثات الدول و سفاراتها ولمجتمعنا العراقي هويته الوطنية الرفيعة والإسلامية الأصيلة عقيدة واخلاقا وسلوكا وله قيمه العربية المتوارثة كالشجاعة والشهامة والمروءة والغيرة ولاجل ذلك فان رفع علم الانحراف على الاراضي العراقية اعتداء سافر على هذه الهوية وعدم احترام لقوانين دولتنا وقيم و اخلاق شعبنا الأبي و هتك واضح لمقدسات بلدنا وإرثه الحضاري.

 ثالثا : انا لا ننظر الى هذا الفعل على انه مجرد فعل في ساحات بعثاتهم وفق رؤيتهم وقوانينهم ، وانما هو دعوة صريحة لاشاعة الانحلال والفساد و محاولة رخيصة لتصدير الانحراف الى بلدنا العزيز ودعم واضح للشذوذ الذي يفكك الاسرة ويهدم التماسك الاجتماعي وهو عكس ما نجده في بلدانهم حينما يهاجر اليها فانهم يقيدون هوية المهاجر الثقافية والدينية ويعملون على تذويبها باعراف وطبائع ولغة مجتمعاتهم الغربية بحجة الاندماج في المجتمع بينما نجد الغزو الثقافي والاخلاقي على ارضنا ووسط مجتمعاتنا في محاولة توصف بانها تصدير لمساوئ الاخلاق والسلوك المنحرف الى مجتمعاتنا وهو ما عملت عليه الدول الغربية منذ عقود من خلال احتضانها للشاذين والمنحرفين سلوكيا وعقائديا واعطائهم الزخم الاعلامي ليؤثروا في مجتمعاتنا وكذلك تسخير كل وسائل الاعلام الالكتروني فنجد الترويج الواضح لمجموعة من السلوكيات و الافكار المنحرفة من خلال القنوات الفضائيه الغربية الناطقة باللغة العربية التي تجاوزت تخصصاتها في إذاعة الاخبار الى البرامج الحوارية المكثفة لاشاعة لدعم الفواحش بالحوارات والافكار لغرض تقبل هذه الانحرافات فكريا ونفسيا من قبل ابناء مجتمعنا .

 رابعا : ان اكثر ما نحتاج اليه هو الرجوع الى الله عز وجل في ظل الازمات المتوالية على بلدنا وعلى العالم أجمع واستنزال الرحمة واللطف الالهي الذي نستشعر جزءا منه في جائحة كورونا فالعراق بالقياس الى عدد سكانه و الى دول جواره سجل العدد الاقل من الاصابات وهو ما يمثل معجزة إلهية كما وصف ذلك مسؤول منظمة الصحة العالمية في العراق، وهذه نعمة تستحق الشكر والرجوع إلى الله تعالى وتسجيل موقف شجاع في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر . 

 نستغفر الله تعالى ونتوب اليه و نسأل الله عز وجل ان يحفظ ابنائنا ومجتمعنا من كل سوء وانحراف امين رب العالمين.

الشيخ عمار الربيعي 

مدير مكتب المرجعية في البصرة 

٢٣ رمضان المبارك ١٤٤١

١٧ ايار ٢٠٢٠