أخبار المراجع والعلماء

المرجع اليعقوبي يلقي خطبتي عيد الفطر المبارك - الفتن تصقل شخصية المؤمن وتفجّر طاقاته

المرجع اليعقوبي يلقي خطبتي عيد الفطر المبارك - الفتن تصقل شخصية المؤمن وتفجّر طاقاته
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

 

بسمه تعالى

الجمعة 14/5/2020 م

1/ شوال /1442 هـ

 المرجع اليعقوبي يلقي خطبتي عيد الفطر المبارك

الفتن تصقل شخصية المؤمن وتفجّر طاقاته

 

أقام سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) صلاة عيد الفطر المبارك بمكتبه في النجف الأشرف ، وألقى سماحته خطبتي صلاة العيد في جمع من كوادر مكتبه في النجف الاشرف مع مراعاة الضوابط الصحية والتباعد الاحترازي في ظل وباء كورونا .

وابتدأ سماحته الخطبة الأولى بذكر قبسات من نور قوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2) مشيراً الى أن الآية الكريمة تكشف عن إحدى السنن الإلهية الجارية في عباده، وهي سنة الابتلاء بالفتن لتمييز الصادق الثابت على الحق من المنافق والكاذب والضعيف الذي يعدل عن الحق الى الباطل بمجرد مروره بصعوبات ومضايقات تكلّفه التضحية بشيء من ماله أو جهده أو منزلته الاجتماعية. 

وأوضح سماحته أن الآية الكريمة تفيد بأن الناس غير متروكين فلابد من تعرضهم للفتن ، ومرورهم باختبارات وابتلاءات لتظهر معادنهم ولتميز حقائقهم (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (الأنفال:37) فان ادعاء العناوين الكبيرة كالمؤمن والمجاهد والمتقي والمصلح أمر سهل إلا ان الثبات أمر صعب لقوة التحديات التي يواجهها الانسان .

وأشار سماحته الى أن الحكمة الإلهية من مرور الانسان بهذه الفتن هي صقل شخصيته المعنوية وتكامل إيمانه واستقراره وثباته فان طاقات الانسان المؤمن تتفجّر عند الشدائد .. فتنضج قابلياته وتصقل مواهبه حتى يدرك عظمة الرسالة التي يحملها فلا يفرّط فيها مهما كان الثمن لأنه دفع ثمناً غالياً في سبيلها ، روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله : (ليس شيء فيه قبض أو بسط مما أمر الله به أو نهى عنه إلا وفيه من الله عزوجل ابتلاء وقضاء) .

كما استشهد سماحته (دام ظله) بالآية التالية من سورة العنكبوت (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) مبيناً بأن هذه السنة الإلهية غير مختصة بهذه الأمة بل هي شاملة لجميع البشر المكلفين المشمولين بقانون الثواب والعقاب ، فقد تعرَّض المؤمنون في تلك الأمم لأشكال من فتن الشهوات والمغريات والترف واللهو والعبث .. وفي التذكير بذلك تثبيت لقلوب المؤمنين وتقوية لعزمهم، وتشجيع لهم بأنه مهما اشتدت معاناتهم أو الضغوط عليهم وأحاط بهم الفساد والضلال والانحلال لابد أن يثبتوا على الايمان ولا يتأثروا بالبيئة الملوثة التي تحيط بهم ،

ولفت سماحته الى أن الفتنة تشتد حينما يطول البلاء بالمؤمنين ولا يرون في الأفق فرجاً قريباً حتى تذهب ببعضهم الظنون الى عدم تصديق الوعد الإلهي بالنصر قال تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيب) (البقرة:214) ، مشدداً على ضرورة عدم انبهار المؤمنين بما يتنعم به الكفار والمنحرفون والعاصون من سلطة ومال وشعبية واسعة وهالة إعلامية وأمجاد مصطنعة ، فيعترضوا على ما هم فيه ويتمنوا أن يكونوا مثل أولئك المترفين ويغفلون عن حقيقة ان في هذا ابتلاء وفتنة لهم (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (طه:131) .

أما في الخطبة الثانية فقد استكمل سماحته ما بدأه في الخطبة الأولى موصياً الانسان المؤمن ــ في أي موقع كان ــ بمراقبة أقواله وأفعاله وسلوكه حتى يكون سبباً لإصلاح الآخرين وهدايتهم واستقامتهم وليس العكس كمن يكون ظاهره التدين والصلاح فيقوم بأفعال منكرة يأباها الشرع المقدس كسرقة المال العام فيُخدع به غيره ويظنون أن ما يفعله صحيح وجائز، حيث كان الصالحون يسألون الله تعالى أن لا يكونوا سبباً لفتنة الآخرين، قال تعالى حكاية عنهم (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الممتحنة:5) ومشيراً الى ان أخطر الفتن ما تأتي بسبب اتباع الزعامات الباطلة المنحرفة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) (الا فالحذر من طاعة ساداتكم وكبرائكم... فأنهم قواعد أساس العصبية ودعائم اركان الفتنة).

 

ونوه سماحته الى أن الفتن تزداد كلما اقتربنا من عصر الظهور المبارك كما ان الابتلاء يشتد كلما اتسعت مسؤولية الفرد وارتقى في تكامله، ففي الحديث النبوي الشريف (أشد الناس بلاءاً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء) وهذا كله لكي يتناسب العمل مع الجزاء ولكي يتحقق الاستعداد لتحمّل المسؤوليات الكبيرة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) (كلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل) .

وفي ختام حديث سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) أشار سماحته الى ان العراقيين أشد الناس ابتلاءً وامتحاناً بألوان الفتن الشديدة الشخصية والعامة، لأن الامام الموعود (عليه السلام) سيقيم دولته في ربوعهم ويتخذ من بلدهم عاصمة له ينطلق منها لإقامة دولته العالمية المباركة ، وهو ما يحتم علينا التمسك بالمنجيات من الفتن وهم العلماء العاملون المخلصون فأنهم ورثة أهل البيت (عليهم السلام) حقاً، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال (أيها الناس: شقّوا أمواج الفتن بسُفن النجاة) ، مع الالتزام بالتقوى والتفقه في الدين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) (ستكون فتن يصبح الرجل فيه مؤمناً ويمسي كافراً، الا من أحياه الله تعالى بالعلم) .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار