صدر حديثاً عن مركز الامام الصادق (عليه السلام) كتاب:

التوحيد بين القران الكريم والعهد الجديد

(دراسة مقارنة)

للسيد جودة العميدي 

ومما جاء في مقدمة الكتاب:

لازالت الدراسات المقارنة من المجالات المهمة التي يحتاجها الانسان في هذا العصر، فاليوم تتضح معالم التجمعات البشرية وثقافاتها وعقائدها، وتنكشف امام الجميع من خلال الاتصال البشري، ومن خلال الاحتكاك الانساني الذي يجري بسبب الهجرة والدراسة والتنقل السريع والتبادل التجاري والسياسي والثقافي والعلمي، فان من شان المثقف بالثقافة الاسلامية، لابد له من معرفة اديان الامم الاخرى وهو امر في غاية الاهمية، لان الانسان لا يعيش وحده في هذه الحياة، وانما يعيش معه اناس اخرون، من مختلف الاديان.

حاولت قدر جهدي ان تكون وافية بالمقصود، واقرب الى المنهل، وان يجد الانسان ما يزيده حبا للقراءة، وما يدفعه الى المزيد من التعرف على عقائد الامم.

التوحيد هو الاساس للاديان السماوية اليهودية والمسيحية والاسلامية ونريد ان نقارن ما بين القرآن الكريم الذي هو اخر الكتب السماوية الذي نزل على الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم وما بين الانجيل (البشارة) اوما يسمى بالعهد الجديد وهو خاتم كتب زمانه الذي نزل على عيسى للنصارى (المسيحيين)، وتكون هنالك مقارنة ما بين الرؤية القرآنية والرؤيا الانجيلية، وان قيمة واثار التوحيد. ان للتوحيد ابعاد ومن هذه الابعاد يفضي الى اقامة وحدة للكون اي بمعنى رؤية شاملة للكون وما يفهم منه الانسان حقيقة وجوده. والتواصل مع الناس لان الموحد يقر بالاشتراك في صفة الانسانيةوعبادة الاله الواحد وعليه تتحق المساواة في الانسانية. وكذلك التواصل مع الطبيعة لان الموحد مطالب بالتامل وادراك وجود الله وعظمته واثار خلقه.

كما وان للتوحيد اثار ومن هذه الاثار, تحرير الانسان من العبودية لاي احد الا لربه الذي خلقه واستشعاره بعزته وكرامته, وتكوين شخصية متزنة, والتوحيد مصدر لامن النفس لانه يملا صاحبه امنا وطمئنينة, ومصدر لقوة النفس لان نفسه تمتلئ من الرجاء بالله والثقة به, واعظم ما يناله الموحد جزاء عيشته موحدا هو الفوز بخير الدنيا ونعيم الاخرة والجنة ورضوان الله تبارك وتعالى والنجاة من عذاب النار . واستشعار حلاوة الدين في الحياة وما يبعث في قلبه اطمئنان وسكينة وراحة في معتقده والابتعاد عن الفتن والشبهات. ومن الاثار استسلام العبد لحكم ربه وفرح العبد بالاتصال بربه.

وتوحيد الله عز وجل في صفاته وافعاله والاقراربها ويثبت انه متفرد بها ولا مثيل له فيها. وان للتوحيد مراتب وهي التوحيد في الذات وهوالاعتقاد بوحدانية الله , وتوحيد الصفات ومعناه ان صفاته عين ذاته لا ثنائية بينهما ولا ما بين نفس الصفات, وتوحيد الافعال وهو الايمان بان ما من فعل في الوجود طبيعي او اختياري, الا هو بارادة الله سبحانه وتعالى حدوثا وبقاء, وللتوحيد اقسام ومنها توحيد العبادة التي هي الخضوع اللفظي والعملي, او هي الافعال التي يقصد بها الخضوع والتذلل للمعبود, وتوحيد الربوبية والمرد ان للكون في نشأته واصل وجوده بيد الله سبحانه وتعالى, فهو المدبر الوحيد للعالم, وتوحيد الالوهية والحاكمية والتشريع والتقنين وغيرها من الاقسام.  

وللتوحيد الاثار الاجتماعية, ومن هذه الاثار تحرير المجتمع وتحصينه من الافكار الفاسدة, وتماسك المجتمع ووحدته, وشيوع الرحمة والمحبة الايمانية بين الموحدين, والالتزام بالاخلاق الفاضلة, وهي سبب شيوع الامن والهداية الى الطريق الصحيح .    

سبب اختيار هذا الموضوع لان التوحيد الاصل الاول من اصول الدين الذي نزلت به كل الكتب السماوية على لسان الانبياء المرسلين عليهم الصلاة والسلام، لذا اذا كان هذا الاصل وهو اول الاصول واهمها صحيح كانت الاصول الباقية هي صحيحة. ولكشف الاثر العلمي للقضايا النظرية في القرآن الكريم والعهد الجديد في فهم كلام الله عز وجل حسب مرادة. وان هذا البحث سيقدم الشيء الجديد للمكتبة الاسلامية.

نظرا لاهتمام جميع الديانات السماوية بالتوحيد ولان التوحيد تبنى عليه العقائد والاصول الباقية كالنبوة والمعاد وفروع الدين كالصلاة والحج والصوم الى باقي الفروع  لذا يجب ان يكون التوحيد صحيحا ويجب الاعتقاد بان الله تبارك وتعالى اله واحد احد فرد صمد لا شبيه له ولا نظير ولم يلد ولم يولد.

الوقف على الرأي الصائب والصحيح من مسائل القرآن الكريم والعهد الجديد للتوحيد بعد مقارنتهما. وتخريج الآراء الفاسدة والغير صحيحة والحكم عليها باستدلال من القرآن والعهدالجديد وبيان الصحيح منهما, وان هذا البحث يعد ضروريا لقلة البحث في موضوع التوحيد .