أخبار اسلامية

إتجاهات التكفير في التراث الديني.. استحقاق الهُويّة الدينية (2) الشيخ حسن الصفار

إتجاهات التكفير في التراث الديني.. استحقاق الهُويّة الدينية (2) الشيخ حسن الصفار
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


إتجاهات التكفير في التراث الديني.. استحقاق الهُويّة الدينية (2) الشيخ حسن الصفار

يتحدث فضيلة العلامة الشيخ حسن الصفار في المحور الثاني من محاضراته العاشورائية بعنوان “إتجاهات التكفير في التراث الديني” عن استحقاق الهُويّة الدينية ويذكر أن هناك ثلاث طرق للفقهاء يحكم خلالها بإسلام أي شخص وانتمائه لمجتمع المسلمين وهي: النص، والتبعية، والدلالة.

خاص الاجتهاد:

المحور الثاني: استحقاق الهُويّة الدينية

يفترض في الإيمان أن يكون نابعاً من نفس الإنسان، فلا يفرض عليه من خارجه، فالدين في حقيقته وعمقه انفتاح مباشر بين الإنسان وربه وخالقه ، دون حواجز ولا وسائط، حيث يواجه الإنسان أسئلة الوجود، وتحديات الحياة، فتنتابه الحيرة، ويشعر بالضعف، وهنا يحتاج إلى الاتصال بالقوة المطلقة، (الله تعالى)، ليستمد منه الثبات والعون والهدي والرشاد، في اتصال مباشر.

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} سورة البقرة، الآية 186.
وإذا كان اللطف الإلهي اقتضى بعث أنبياء ورسل إلى الناس، كما اقتضت طبيعة الحياة البشرية إقامة نظام اجتماعي على هدي الوحي الإلهي، فإن ذلك لا يعني إقامة أي حاجز بين الله وبين عباده، فالأنبياء والأئمة يدعون الناس للاتصال بربهم والانفتاح المباشر عليه، ودورهم الرئيس هو مساعدة الناس في ذلك، وإزالة الموانع والحواجز.

إن الأنبياء لا يفرضون الإيمان بالله على الناس وإنما يدعونهم إلى الإيمان، ويشجعونهم على استخدام عقولهم للاهتداء إلى الله، كما قال الإمام علي(ع) (ليثيروا في الناس دفائن العقول) (المصدر)

من هنا لا توجد أية ضوابط و لا شروط في انفتاح الإنسان على ربه، و إيمانه به، و اتصاله معه، لكن هناك ضوابط وشروطاً تتصل بتنظيم العلاقات الاجتماعية، لترتيب الآثار على الانتماء لمجتمع المسلمين.

ضوابط الانتماء للمجتمع الإسلامي

متى يستحق الإنسان الهوية الدينية؟
ذكر الفقهاء أن هناك ثلاثة طرق يحكم من خلالها بإسلام أي شخص وانتمائه لمجتمع المسلمين، وهي :

النص، والتبعية، والدلالة.

أولاً: النص

وذلك بإعلان الشهادتين، فيحكم بإسلام من أظهر الشهادتين، سواء علمنا باعتقاده الباطن بالإسلام أو لم نعلم، نظراً إلى ظاهر القول، فلا يُتجسس عليه، إذ ليس قبول إسلام من أظهر الإسلام لكون إظهاره كاشفا عن الإسلام الواقعي بالضرورة، بل لكونه موجداً ومحققاً للإسلام الظاهري.

وقد ورد – كما في الطبري – أن سبب نزول الآية الكريمة {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِن} : (قتيل قتلته سريّة لرسول الله (ص) بعد ما قال: ” إنيّ مسلم ” = أو بعد ما شهد شهادة الحق= أو بعد ما سلَّم عليهم= لغنيمة كانت معه، أو غير ذلك من ملكه، فأخذوه منه) .(1)

وجاء في صحيح مسلم عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) فِي سَرِيَّةٍ ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) : أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ ، قَالَ : أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا ؟ .(2)

وفي رواية أخرى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ” مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ (ص) فِي غَنَمٍ لَهُ ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، فَقَالُوا : مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا لِيَتَعَوَّذَ مِنْكُمْ ، فَعَدَوْا عَلَيْهِ ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غَنَمَهُ ، فَأَتَوْا بِهَا النَّبِيَّ (ص) , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّـهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ } سورة النساء،الآية 94. (3)

بل حتى لو علمنا نفاق من أعلن إسلامه وعدم مطابقة تظاهره بالإسلام للواقع، فقد ذهب الفقهاء إلى كفاية ذلك في الحكم بإسلامه.
وأوضح دليل على ذلك تعامل رسول الله (ص) مع المنافقين كمسلمين، مع نص الوحي على كذب ادعائهم للإسلام، حيث يقول تعالى:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}سورة المنافقون، آية 1.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار