المقالات والبحوث

اشراقات مهدوية كيف نستفيد من وجود الامام المهدي(عليه السلام) ؟ بقلم الشيخ رائد الحسيناوي

 اشراقات مهدوية  كيف نستفيد من وجود الامام المهدي(عليه السلام) ؟  بقلم الشيخ رائد الحسيناوي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

اشراقات مهدوية

كيف نستفيد من وجود الامام المهدي(عليه السلام) ؟

بقلم الشيخ رائد الحسيناوي

    مقدمة :

    إحدى البحوث المهمة التي وقعت محلا للتساؤل منذ العهود الماضية الى يومنا هذا ، هي مسألة دور الامام المهدي المنتظر(عجل الله تعالى فرجه) في عصر الغيبة ، وهذه المسألة بالاضافة الى طابعها العقائدي تحمل طابعا عمليا وترتبط بسلوكنا اليومي منذ أن نفتح اعيننا في الصباح والى أن نغمضها عند النوم .

    الامام المهدي عليه السلام هو الرجل الذي اعطاه الله تعالى مقاليد الكون، ولكي يمكننا الاستفادة من وجود الامام المهدي عليه السلام أكثر فاكثر ، لابد من توفر أربع مقدمات نذكرها تباعا : 

    المقدمة الاولى : الالتفات الى النقص والفاقة والحاجة عندنا ، ونوضح هذه المقدمة وهي مهمة جدا بمثال : لو تصورنا أن شخصا ما يعاني من داء عضال في بدنه لكنه غير ملتفت الى ذلك فهل سيبحث عن العلاج؟ وهل سيتجه الى الطبيب؟ كلا وذلك لان الداء وإن كان له (وجود واقعي) في بدنه لكنه ليس له (وجود شعوري) في ذهنه لكي يدفعه نحو التحرك للتخلص منه باي سبيل !

     يقول علماء الاخلاق : ان من اعدى اعداء الفرد الشعور بالاكتفاء، لان الذي يشعر أنه مكتف من الناحية العلمية أو الاخلاقية لايرى مبررا للتحرك نحو التكامل الخلقي أو العلمي، وهكذا الشخص الذي يعتقد انه لايعاني شيئا ولاتوجد عنده مشكلة ولافاقة ، لايمكنه الاستفادة الكاملة من الوجود المبارك للامام المهدي عليه السلام لانه لايتحرك حينئذ بل يبقى ساكنا في مكانه لعدم شعوره بالحاجة الى الامام عليه السلام لحل مشكلاته لانه يعتقد ان لامشكلة عنده في الاساس!

     أما نحن فيراودنا الشعور بالحاجة في بعض الاحيان كما لو تهنا في صحراء أو انكسرت بنا السفينة في البحر او ابتلينا او احد اعزائنا بمشكلة او مرض مستعصي العلاج لاسمح الله أما اولياء الله سبحانه وتعالى فانهم يشعرون دائما بانهم في حالة اضطرار وأنهم في حاجة وفاقة .ولذلك ترانا ننام طوال الليل لانه لايوجد شيء يؤرقنا اما هم ف(قليلا من الليل مايهجعون)...الذاريات(١٧). 

      أرايت من عنده مشكلة أويهدده خطر كيف لايستطيع ان يخلد الى النوم فكذلك حال اولياء الله تعالى لانهم يشعرون بالخطر. اننا نفهم ان الاضطرار في قوله تعالى: (أمن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء)...النمل(٦٢) عبارة عن أن يكون الشخص مريضا او عنده مريض مثلا. أما أولياء الله فيشعرون دائما أنهم في حالة اضطرار وهذا الشعور كامن في اعماقهم ولذلك يصفهم القران الكريم بقوله تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع).....السجدة(١٦).لان حالة الاضطرار الباطنية لاتدعهم يستقرون.

     روى احد العلماء أن شخصين تصاحبا ، وعندما حل الليل نام الاول ولم ينم الثاني وبعد مدة استيقظ الاول فراى صاحبه لم ينم بعد فعاد للنوم مرة اخرى وعندما استيقظ أيضا راى صاحبه لم ينم بعد وعندما سأله: لماذا لاتنام ؟ قال في جوابه : كيف أنام ومن حولي كلهم يقظون يسبحون الله تعالى ثم كشف له الغطاء فرأى جميع الاشياء تسبح بحمد الله!

    وعلى اساس ماتقدم ينبغي لنا أن نحاول ان نشعر انفسنا بنقصها وحاجتها وفاقتها واضطرارها وهذه هي المقدمة الاولى للاستفادة من الامام المهدي عليه السلام.

     المقدمة الثانية/ التوجه الى مصدر القوة والغنى والقدرة وهو الامام المهدي عليه السلام فليس الامام عليه السلام بالفرد العادي بل هو الذي يمكن بنظرة واحدة منه أن تغير حالنا فكما قلنا ان الله تعالى جعله وآبائه الطاهرين عليهم السلام مظاهر مشيئته.

      المقدمة الثالثة/ محاولة ايجاد القابلية ، فان القلب الملوث ليس له القابلية وهكذا العين الملوثة والاذن الملوثة واليد الملوثةو......وأولى المراحل في هذا الطريق وهي صعبة جدا ولكنها ممكنة ان نتجنب ارتكاب الذنوب ؛ ذنون القلب والعين والاذن واللسان واليد و....فكما ان جهاز الراديو اذا حصل فيه اي عطب اوخلل أو قطع في اي سلك من اسلاكه يفقد القابلية على تلقي الامواج الموجودة في الفضاء ، فكذلك القلب اذا حصل فيه اي خلل فقد القابلية على تلقي الفيض الالهي فلابد اولا من اصلاحه لايجاد القابلية فيه .

    وعندما يراجع المرء تاريخ العلماء الماضين السائرين على نهج أهل البيت عليهم السلام يجد دقة عجيبة في احوالهم وورعا واحتياطا كبيرين ، فمما ينقل عن عن المرجع الكبير الحاج آقا حسين القمي رحمه الله أنه كان يحتاط حتى في تهديد طفله اذا صدر منه مايستحق التهديد فلم يكن يقول للطفل سأضربك أو سأؤدبك مثلا اذا صدر منك العمل الفلاني ، بل كان يستخدم عبارات (من المحتمل ان اضربك) أو(هب انني سأضربك) ولعله كان يخاف أن تكون هناك شبه الكذب ان لم يصدر منه ماأوعده عليه ، مع أنه يقال ان الوفاء بالوعيد ليس واجبا فكان يحتاط للامر ويتجنب حتى الشبهة فيقول لطفله (احتمل أنني سأضربك أو سأؤدبك ) وماأشبه.

 

هكذا كانوا يحتاطون لئلا تصدر منهم غيبة ولانميمة ولانظرة محرمة.

     المقدمة الرابعة: الإلحاح والتوسل ، ينبغي لنا ان نتوسل ونلح حت تشملنا العناية الالهية ، ونستفيد من وجود الامام المهدي عليه السلام بشكل اتم.

     ينبغي لنا أن نلجأ الى الامام عليه السلام في حل كل قضايانا الدنيوية والاخروية والفردية والاجتماعية فهو الملاذ لنا في كل الشؤون والقضايا ، وكما ان الله تعالى جعل الشمس مصدر الدفء والنور للانسان في حياته المادية ، ومن ابتعد عنها حرم من الدفء والنور فكذلك هو الامام عليه السلام جعله الله لنا مصدرا للدفء والنور في حياتنا المعنوية وأوكل سبحانه اليه كل امورنا وقضايانا فمن لم يتوجه اليه فسوف يكون نصيبه الخسارة والحرمان .

     فلنستحضر هذه المقدمات الاربع ولنحاول ونلح حتى نستفيد من وجود الامام المهدي عليه السلام أكثر فأكثر.

      نموذجان للاستفادة من وجود الحجة عليه السلام: 

      ١/قضية السيد محمد باقر الدامغاني: 

      ابتلي السيد محمد باقر الدامغاني وهو من العلماء في مدينة مشهد المقدسة بداء السل واستمر يعاني منه اعواما ولم تؤد مراجعته للاطباء الى نتيجة بل استمرت حالته تزداد سوء وبدأ يضعف ويذوي حت فقد الامل بالشفاء وفي يوم من الايام قذف دما كثيرا من صدره فجاء عند استاذه الميرزا الاصفهاني وشكا له حالته وضعفه، يقول فجثا الميرزا على ركبتيه وقال له معاتبا : ألست سيدا هاشميا فلماذا لاتلجأ الى اجدادك الطاهرين ؟ ألست من شيعة الامام المنتظر عليه السلام فلماذا لاتستنجد ببقية الله في الارض حتى ينجيك مما انت فيه؟ ألا تعلم ان ائمة اهل البيت عليهم السلام هم اسماء الله الحسنى؟ ألم تقرأ في دعاء كميل :(يامن اسمه دواء وذكره شفاء) قم واذهب الى بقية الله الامام المهدي عليه السلام واطلب منه حل لمشكلتك.

     يقول : فأخذتني العبرة وقمت متجها الى حرم الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام وبعد ان دخلت الصحن العتيق رأيت فجأة اني أعيش في وضع آخر فليس الوضع هو الوضع المعتاد وبدا لي اني اعيش في وضع المكاشفة اذ لم يكن الناس الذين يعتاد تواجدهم في الصخن الشريف موجودين وكانت هناك مجموعة قليلة العدد يمشون ويتقدمهم رجل ألقي في روعي أنه هو الامام المهدي عليه السلام وخفت أنهم قد يغادرون قبل أن التقي بالامام وأنال بغيتي ففكرت ان انادي الامام عليه السلام.

     وبينما ان كذلك في هذا الخاطر واذا بذلك الرجل يلتفت الي وينظر الي نظرة واحدة بطرف عينه فقط ومن دون ان يكلمني وبدأ العرق يتصبب من بدني واذا بالصحن الشريف يعود بعد ذلك الى حالته الطبيعية فلم ار الرجل ولا الجماعة التي كانت خلفه ورأيا جموع الناس المعتادة فرجعت الى نفسي فاذا بي صحيح البدن معافى ، وعاش الدامغاني بعد ذلك اعواما في صحة كاملة.

     ٢/قضية حدثت للحاج آقا حين القمي رحمه الله، نقل في احواله انه كان يعتقد ان اقوى دعامة له في حياته هو وجود الامام المهدي عليه السلام وعنايته وكان راسخ الاعتقاد أن هذه الدعامة هي التي تسنده وتنقذه وتنجيه. وذا هو الاعتقاد الذي يجب ان يكون ثابتا عندنا كما كان عند الميرزا القمي رحمه الله لاان يكون موجودا حينا ومفقودا في أحيان أخرى كما هو حال اغلب الناس.

     كان الحاج آقاحسين القمي قد جاء الى طهران في قضية جهاده مع العلماء ضد البهلوي الاول فحوصر فيها فلم يستطع الرجوع وانقطع به الطريق ولم يكن لديه مال فبعث له البهلوي بشيك ابيض يكتب هو فيه مايعجبه ولكنه رحمه الله رفض استلام الشيك من الرسول لانها اموال الدولة وهو لايريد ان يتصرف لنفسه من اموالها رغم احتياجه الشديد والمبرم للمال فقيل له : فكيف ستعيش؟ فقال : انا اعتقد ان الامام الحجة عليه السلام لاينسى رعيته.

    فضحك بعض ضعاف الايمان ممن كانوا حوله عند سماعهم هذه العبارة ولكن تلم الارادة التي تقف وراء كل شيء وتهيىء الاسباب الظاهرية هيأت له الاسباب ولم تتخل عنه ! اذ إن رئيس شرطة المدينة شهرري  تأثر بالميرزا القمي وانشد اليه فقام بمفاتحة بعض التجار في طهران رغم مايحمل ذلك من خطر عليه ليكون وسيطا لايصال المال منهم اليه ونجح في هذه المهمة ووقاه الله من خطر عظيم لان السلطة لو اكتشفت أمره لربما كانت تصدر الامر بأعدامهةولكنه استطاع ان يدخل على الميرزا القمي وكان يخفي المال في جواربه وقال الميرزا القمي عندما قدم له الرجل المال : كنت اعلم أن الامام المهدي عليه السلام لاينسى رعاياه.

 

    وأخيرا : ينبغي ان نذكر الامام عليه السلام ولاننساه ، كي يشملنا لطفه ورأفته بشكل اكبر ، كما قال تعالى : ( أذكروني اذكركم) ....البقرة(١٥٣).

    كم مرة في اليوم نذكر الامام المهدي عليه السلام ؟ هل نذكره في قنوت صلواتنا؟ هل نقرأ كل يوم اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن...؟ وهل نبدأ باسمه عندما نبدأ ببحوثنا العلمية ونقول ياحجة الله أدركني؟

 

فحري بنا أن لانغفل عن الامام عليه السلام وندعو له.

     نسأل الله تعالى ان يشملنا بألطافه وعناياته وان لايحرمنا لطفه وفضله ورحمته وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار