المقالات والبحوث

المهدي في فكر الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أم مصطفى الكعبي

المهدي في فكر الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)     أم مصطفى الكعبي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

المهدي في فكر الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) 

 

أم مصطفى الكعبي

 

السلام على صادق العترة  ومحيي معالم الشريعة 

الموعود في حديث الإمام 

تعريف وترسيخ 

وبشارة وتمني 

غياب وحكمة

دعوات وانتظار 

شوق وبكاء

قبل الخوض في ماورد عن أمامنا  صادق العترة الطاهرة عليهم صلوات ربي وسلامه عليهم اجمعين في القضية المهدوية وفي ولده الموعود لإحياء شريعة جده المصطفى صل الله عليه واله بودي 

  ابين  ماتميز به فترة امامة أمامنا  الصادق عليه صلوات الله وسلامه من كثرة 

التيارات العقائدية منها والسياسية 

والانقسامات السياسية والمذهبية ونهاية دولة

 الأمويين وقوة السلطة  العباسية

 مع قلة الحروب  الخارجية للإسلام، بالإضافة الى ازدهار العلوم والمعارف، وانتشار حركة الترجمة خاصة في عصر الإمام الصادق (عليه السلام)، مما ساعد على انتشار العلوم والفلسفة اليونانية والإغريقية وتداخل الأفكار والعقائد المنحرفة عند بعض المسلمين ضعيفي العقيدة، فنشأت بعض الفرق من الزنادقة والملحدين، ونشطت حركتهم في عهد الإمام الصادق (سلام الله عليه).لقد وفّرت فترة الانفتاح  كما ذكر في زمن إمامته حرية الحركة لنشر معالم الدين، فذُكر أنه بل غ عدد تلامذته و من روى عنه 4000 شخصاً كما أخذت رواياته في المجالات المختلفة حيّزاً كبيراً من روايات أئمة أهل البيت (ع)، فلذلك نُسب المذهب الشيعي إليه وسُمّي بـ(المذهب الجعفري). ويحظى شخصه بمكانة مميّزة من العلم عند أئمة مذاهب أهل السنة،

هذه قراءة سريعةللوضع السائد في المجتمع الإسلامي وتعدد المذاهب الفكرية في عهد الإمام الصادق (عليه السلام)

بالاضافة إلى المدرسة الصادقية ،التي شكلت تيّاراً فكريّاً واسعاً في العالم الإسلاميّ، يضمّ المئات من الفقهاء والمتكلّمين والمفسّرين والعلماء،

 

ولما كانت هذه الظروف مناسبة لبيان  والتعريف بالموعود والمصلح العالمي

وهو دور خطير جداً، ولم يقم به أحد من الأنبياء والمرسلين، والدور الذي توج  بالإمام المهدي، وهو دور عظيم جداً لم يقم به بشر إلى الآن.

وقد أكد هذا الدور الإمام الصادق عليه السلام حيث قال: إنه يقوم بأمر عظيم.

هذه المهمة الضخمة التي أسندت للإمام المهدي عليه السلام لابد وأن تكون معها شخصية مؤهلة بكامل مؤهلات القيادة، ومتمتعة بصفات القائد الفذ الذي ينفذ وعد الله الذي قطعه ووكّده، ولابد أن تكون له المنزلة العظيمة والمكانة العالية بين بني البشر، والتي تحدث عنها أجداده وآباؤه عليهم السلام.

وكونه الذي على يديه تتحقق الإرادة الإلهية في الأرض وتطبق شريعة الإسلام في المعمورة بما لم يقم به قبله نبي أو وصي، وتبدو هذه المنزلة واضحة في الإرادة الإلهية بنصره، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يخرج المهدي جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن ميسرته وشعيب بن صالح على مقدمته،

ويقول الإمام الصادق عليه السلام في حديثه للمفضل بن عمر: (فيكون أول من يقبل يده جبرائيل ثم يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجن...).

 

وردت نصوص عديدة منها عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ذات يوم و هو مستبشر يضحك سرورا .

فقال له الناس : أضحك الله سنك يا رسول الله ، و زادك سرورا .فقال: ...إن جبرائيل أتاني فأقرأني من ربي السلام وقال:... ومنكم القائم يصلي عيسى بن مريم خلفه إذا أهبطه الله إلى الأرض من ذرية علي وفاطمة من ولد الحسين (عليهم السلام)".

ومنها: دفعه الصحيفة لداود بن كثير الرقي ليقرأها وفيها "..سطران السطر الأول لا إله إلا الله محمد رسول الله، والسطر الثاني أنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم علي بن أبي طالب، والحسن بن علي، والحسين بن علي، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والخلف منهم الحجة لله...".

ففي هذه الرواية يكون الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قد عرف بنسب الإمام المهدي وإلى من ينتهي فهي سلسلة مبدؤها النبي الخاتم ومنتهاها الإمام الخاتم، وبالإضافة إلى ذلك وهو الأهم يؤكد في أن تنصيبه كان من عند الله منذ خلق السموات والأرض، وإن انتخاب الأئمة لا يكون عشوائيًا، وأيضًا عرف الإمام الصادق (سلام الله عليه) بأنه تسلسله هو الثاني عشر من بين الأئمة (عليهم السلام)، والنصوص الأدلة على ذلك كثيرة.

وأيضًا قوله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إذا توالت ثلاثة أسماء من الأئمة من ولدي: محمد وعلي والحسن، فرابعهم هو القائم المأمول المنتظر". 

 

غيبة وعلامات الظهور وعصره:

ولقد ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) الغيبة الطويلة للإمام المهدي منبهًا على عدم التشكيك به من خلال قوله: "إياكم والتنويه، أما والله ليغيبن سبتا من دهركم، وليخملن حتى يقال: مات، هلك، بأي واد سلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، وليكفأن تكفؤ السفينة في أمواج البحر، فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيده بروح منه، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدري أي من أي". 

ولقد بين (عليه السلام) حكم من أنكر الغيبة للإمام المهدي بقوله: "من أقر بجميع الأئمة وجحد المهدي كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمدا (صلى الله عليه وآله) نبوته، فقيل له: يا ابن رسول الله فمن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته". 

وتحدث (عليه السلام) عن غيبة الإمام مبينا أنها في الواقع غيبتين بقوله لأصحابه: "أن لصاحب هذا الأمر غيبتين إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، ويقول بعضهم: قتل، ويقول بعضهم: ذهب، حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره". 

وقد أوضح أبو عبد الله (عليه السلام) أن هناك خمس علامات تكون في عصر الغيبة وقبل ظهور صاحب الأمر، وهي: "اليماني والسفياني والمنادي ينادي من السماء وخسف بالبيداء وقتل النفس الزكية". 

ترسيخ الانتظار بالشوق والدعاء

هذه المنزلة العظيمة جعلت أهل البيت عليهم السلام يتوقون شوقاً إليه، ويعبرون عن هذا الشوق بأرق العبارات والعبرات عند ذكر اسمه، فيبكون ويندبون ويعبرون عما يكنونه من شوق إلى ولدهم بشتى الوسائل، ويفدونه بالأب والأم ويتمنون مناصرته في دولته والانضواء تحت لوائه بل وحتى خدمته عند ظهوره.

وذهب إمامنا الصادق عليه السلام إلى أبعد من ذلك فكان يتمنى خدمته إن أدركه، والصادق هو الذي نشر مذهب أهل البيت وأقام مدرسة الكوفة التي شوهد فيها تسعمائة شيخ كل يقول: حدثني جعفر الصادق، هذا الإمام المعصوم يقول (عندما سئل): هل ولد القائم؟ قال: لا، ولو أدركته لخدمته أيام حياتي.

فهو يتمنى أن يقضي حياته في خدمته بما للخدمة من معاني ومهام يؤديها في طاعة المخدوم لنيل رضاه.

وعن سدير الصيرفي قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله الصادق عليه السلام فرأيناه جالساً على التراب، وهو يبكي بكاء الوالهة الثكلى ذات الكبد الحرى قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغيير في عارضيه وأبلى الدموع محجريه وهو يقول: سيدي غيبتك نفت رقادي، وضيقت عليّ مهادي، وانتبزت مني راحة فؤادي...) وهو يقصد المهدي من ولده عليهم السلام

 

ويقول عليه السلام في دعاء العهد المأثور عنه (اللهم بلغ مولانا الإمام الهادي المهدي القائم بأمرك صلواتك عليه وعلى آبائه... ثم يقول: اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبداً، اللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والمسارعين إليه في قضاء حوائجه، والممتثلين لأوامره والسابقين إلى ارادته والمستشهدين بين يديه)

وما هذه الدعوات التي يدعوها امام زمانه حجة الله ليكون جندياً مطيعاً في  طاعته  وهذا  بيان لعظيم وعد خاتم الأنبياء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه، فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: ان الله فتح هذا الدين بعلي وإذا مات فسد هذا الدين ولا يصلحه إلا المهدي بعده).

وورد 

عنه عليه السلام: (من دعا الله أربعين صباحاً بهذا الدعاء ـ دعاء العهد ـ كان من أنصار قائمنا).

 

و يصف الإحباط والفشل الذين يصيب الكافرين والمنافقين عند ظهوره  يقول إمامنا الصادق عليه السلام 

فإذا خرج القائم لم يبق مشرك بالله العظيم ولا كافر بالإمام إلا كره خروجه.

 

 

المصادر:—

الغيبة/ الطوسي/ ٤

الكافي ج8ص49ح10.

المزار/ المشهدي/ ٦٦٣.ف

فرائد السمطين/ ج٢/ باب ٣٥.

كشف الحق أو الأربعون/ الخاتون آبادي/ ص ١٠٣

غيبة النعماني/ ٢٤٥/ ح٤٦.

كمال الدين وتمام النعمة / الصدوق / ص ٣٣١ ط ١ / ١٤٢٥.

مفاتيح الجنان/ عباس القمي/ ٧٤٣

كمال الدين/ ٦٧٠.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار