المقالات والبحوث

محمد الجواد و إمامة الأمة

محمد الجواد و إمامة الأمة
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

محمد الجواد و إمامة الأمة

 

قال تعالى: (( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)): 

آل عمران (34). 

 

✍لقد اقترنت فترة انتقال الامامة الی الامام الجواد عليه السلام باشكالية فيها ما فيها من الخطورة المصطنعة، حيث اثير الجدل حول شخصية الامام، بسبب صغر سنه وعدم بلوغه، وقد ذكرت لنا کتب التاريخ بعضا من تلك المناظرات المشككة في شخصية الامام الجواد عليه السلام والطاعنة في اهليته في هذه السن لإمامة الأمة.

 

وبعد جملة تلك المناظرات اعترف،

 الجميع - ما خلا المعاندون ممن اغواهم الشيطان وأعمى أبصارهم - بامامة الامام الجواد للامة وأهليته لذلك على الرغم من صغر سنه، فصدق قول المولى تبارك وتعالى: 

((ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))،

 ليستمر في مواصلة خط آبائه ومسيرتهم الرسالية ويتحمل مهمة امامة الامة بكل جنباتها العلمية والروحية والسياسية.

 

فساهم عليه السلام طيلة فترة امامته التي دامت نحو سبعة عشر عاما في أثراء مدرسة اهل البيت العلمية والمحافظة على تراثها الاصيل، متمسكا بالنص القرآني والحديث عن رسول الله صلی الله عليه واله وسلم وآبائه الطاهرين عليهم السلام، 

معملا ملكاته المعرفية في الفهم والاستنباط من الکتاب والسنة، بالاضافة الی اهتمامه عليه السلام بالعلوم والمعارف العقلية التي ساهم الائمة وتلامذتهم في اثرائها وتوسيع حقولها، حتی غدت منهجا معرفيا يميز مدرسة اهل البيت عليهم السلام، ليتمتن بذلك الاساس للفکر الاسلامي الذي خطّه النبي واهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين.

 

كما لم يغب عنه عليه السلام وهو يقود الأمة أن يلفت نظرها إلى ضرورة الاشتغال باصلاح النفس و اعمار الروح وبناء الذات.

 

قال عليه‌السلام :

(من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان النّاطق عن الله فقد عبد الله ; وإن كان النّاطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس)

ليؤسس بهذا النص المنهجَ العملي لتعامل الفرد المؤمن مع البيئة البشرية المحيطة به، فاننا نستطيع ان نفهم من الناطق المعنى الأعم من النطق بالكلام ليشمل النطق العملي والمتمثل بالموقف الذي يصغي اليه ويميل إليه المؤمن،  ليتحدد بذلك للانسان انه مطيع وعابد ومتبع لاي موقف دون غيره. 

 

ولهذا كله ولان هذه الذرية اقلقت منام المنحرفين والظالمين على مر العصور، لم يرق للحاكم المعتصم تلك المكانة التي يحظى بها الإمام الجواد [ع] بين أصحابه، الأمر الذي ظلّ على مرّ الزمن مصدر قلق لعروشهم، فظل يتحين الفرص لقتل الإمام.

إلى ان جاءته الفرصة المناسبة، حينما علم أن زوجة الإمام، أم الفضل، وهي ابنة أخيه المأمون، على غير وفاق مع زوجها، بسبب غيرتها من زوجته الأخرى، فطلب منها أن تدس السم إليه في العنب. ففعلت ذلك. وحينما رأت الإمام [ع] وهو يصارع الموت من شدة السمّ، ندمت على ما فعلت وانفجرت باكية. ولكن أنّى لبكائها وندمها أن ينفعها وقد قتلت حجة الله في أرضه وإمام المسلمين. وصعدت روحه الطاهرة ليلتحق بجدّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وآبائه الطاهرين (عليهم السلام)  الذين سبقوه بذات المصير، فدفن الى جوار جده الإمام موسى بن جعفر الكاظم في الكاظمية المقدسة.....

 

فسلام عليك يا ابا جعفر يوم ولدت ويوم جاهدت في سبيل اعلاء كلمة الله تعالى ويوم تبعث حيا، وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين...

وانا لله وانا اليه راجعون.

 

من جوار بيت الله الكريم

كتبها الراجي عفو ربه وجزيل رحمته

عباس الناصري

 

 

✍ بقلم

الشيخ عباس الناصري

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار