المقالات والبحوث

القيادة الاستراتيجية ...الامام الكاظم (ع) انموذجا

القيادة الاستراتيجية ...الامام الكاظم (ع) انموذجا
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

بقلم ام منتظر الكاظمي

 

ان مفهوم القيادة من المفاهيم التي تعبر عن بُعد كمالي وجمالي في كل انسان وكل يسعى لكي يكون ذلك المصداق الاكمل ولكن نحتاج الى تبيان مفهوم القيادة وكيف ان الامام الكاظم ع كان الانموذج الاتم لذلك .

والقائد لغة: هو من يقود ويسير بالجيش , ويقال قاد الجيش ونحوه اي ترأسه وتدّبر أمره.

واصطلاحا فله عدة تعريفات منها ان القائد من يستطيع التأثير في الناس ليحققوا هدفهم , او هو من يأخذ الناس الى حيث يريدون الذهاب .

ولكي يكون القائد ناجحا لابد ان يكون قادرا على الاتصال والتواصل بطريقة جيدة وفعالة مع الاخرين وان تكون لديه القدرة على تشكيل علاقة مباشرة مع كل فرد في المؤسسة , ولديه خبرة ادارية وشخصية متميزة ليتسنن هرم القيادة والريادة .

لو رجعنا الى سيرة الامام الكاظم (عليه السلام) لوجدناه كان قائدا للأمة ناجحا ومقتدرا ومتواصلا ومتفاعلا رغم كل الضغوطات التي مارسها بنو العباس عليه ولكن ما الذي جعل قيادة الامام للامة استثنائية ومؤثرة رغم الحبس والحصار عليه؟

وكيف كان يقود الناس وهو في السجن؟

نعم .. رغم كل الضغوطات والعقبات التي واجهت امامنا الكاظم (ع) إلا انه لم يتخلَ عن دوره الريادي في قيادة القاعدة الجماهيرية رافضا بذلك الظلم والاضطهاد التي امتازت بها سياسة السلطة الظالمة الحاكمة .

ومن هنا كان اتصال العلماء به من طريق خفي لينتهلوا من نمير علومه ومنهم موسى بن ابراهيم المروزي , وقد سمح له السندي بذلك لانه كان معلما لولده , وقد ألف موسى بن ابراهيم كتابا مما سمعه من الامام. (1)

كما اتصل به هند بن الحجاج وغيره من قادة الفكر الاسلامي, وكذلك ممن اتصل بالامام (ع) ابو يوسف ومحمد بن الحسن (2)

وهذا احد نماذج التواصل الكاظمي ع لرفد المجتمع بالعنصر الصالح في ساحة بناء الامة

ومن طرق تواصل الامام (ع) مع الناس هو اجابته على الفتاوى التي ترسل اليه فقد كانت بعض الاقاليم الاسلامية التي تدين بالإمامة ترسل عنها مبعوثا خاصا للامام (ع) حينما كان في سجن السندي فتزودّه بالفتاوى والرسائل , فكان (ع) يجيبهم عنها , وممن جاءه علي بن سويد فقد رأى الامام وسلم إليه الكتب والفتاوى فأجابه (ع) عنها . (3) 

وهذا دور اخر كان يمارسه الامام القائد رغم سجنه الظلوم

ودور آخر يمارسه الامام (ع) في قيادة الامة من خلال التفكير بقواعد الشيعة في المناطق الاسلامية لذا قام بتعيين جماعة من تلاميذه وأصحابه وكلاء له في بعض تلك المناطق وأرجع إليهم شيعته لأخذ الاحكام الدينية منهم , كما وكلّهم في قبض الحقوق الشرعية لصرفها على الفقراء والبائسين من الشيعة وانفاقها في وجوه البر والخير (4)

فقد نصب المفضّل بن عمر وكيلا له في قبض الحقوق وأذن له في صرفها على مستحقيها .

 

وبذلك نرى رغم حبس الامام والتضييق عليه إلا انه مارس دوره في قيادة الناس وهدايتهم والاخذ بهم الى الجادة الحقة , فلا نتصور بعد ذلك ان الامام القائد كانت وظيفته وهو في السجن التفرغ لعبادة الله تعالى فقط , بل مارس دوره بافضل وجه كما لو كان متواجدا فعلا بين القاعدة الشعبية .

وهذا يدل على ان القائد الناجح هو من يمارس – بالإضافة الى الاتصال بالله تعالى– دوره الاجتماعي الناجح في قيادة الانسان والمجتمع لإيصالهم للهدف المنشود وان كان في اصعب الظروف وأقساها , وبذلك يختط لنا (ع) السير الابداعي في طريق ذات الشوكة للحصول على النتائج الكبيرة

ولذا فان الشيعة الحقيقين لابد لهم من التأسي بالامام الهمام في فكره وسلوكه وعطائه وقيادته حتى يكونوا الزين المراد بوصيتهم عليهم السلام فيتأثر الناس بهم من خلال انعكاس صورة المعصوم القيادية والحقيقية في مسيرتهم

 

بقلم ام منتظر الكاظمي

.........................................................

1)رجال النجاشي :319

2)وهو فقيه اخذ الفقه من أبي يوسف ثم من ابي حنيفة وسمع مالك بن أنس واخذ عنه الشافعي وابو عبيد وكان فقيها محدثا .زالنجوم الزاهرة :2:130

3)موسوعة سيرة اهل البيت (ع) ج29

4)نفس المصدر السابق

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار