المقالات والبحوث

قليلا من الليل ما يهجعون

قليلا من الليل ما يهجعون
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

 

الشيخ حيدر السعدي

 

قال تعالى : {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الذاريات : 15] {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [الذاريات : 16] {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات : 17] 

 

ان هذه الايات المباركات تصف المتقين بانهم قليلا من الليل ما يهجعون ، فما المقصود من ذلك ؟

 

كلمة (يهجعون) مشتقة من الهجوع ،ووالهجوع هو النوم ليلا ، ولذا قال بعض المفسرين : ان المراد من هذا التعبير ان المتقين يحيون اكثر الليل بالعبادة او انهم لا ينامون الا قليلا من الليل ويشتغلون بالعبادة في اكثره . 

 

ولكن هذا التفسير بعيد جدا عن الواقع ، وهو لايناسب المقام .

نعم قد يقال انه التفسير الحرفي للكلام ، ولكننا نقول ان الكلام يفهم معناه من القرائن الحافة به سواء كانت لفظية او لبية .

فالذي يتناسب مع الواقع ان المراد الجدي من هذه الصفة : ان المتقين كانوا يستثمرون وقت الليل بالعبادة والتقرب الى الله سبحانه وتعالى ، ففي معظم الليالي نجدهم يقتطعون جزءاً من الليل للعبادة . نعم ، قد لا يفعلون ذلك في بعض الليالي ، ولكنهم يقومون به في معظمها . 

 

وهذا هو معنى ( وكانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) .

وهذا المعنى منقول عن الامام الصادق ( عليه السلام) في تفسيره لهذه الاية المباركة حيث قال :( اي كانوا اقل الليالي تفوتهم لا يقومون فيها)

ونفس هذا المعنى جاء في تفسير قوله تعالى {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل : 2] حيث نقل الشيخ الطوسي (قدس سره) في التهذيب عن أبي جعفر (عليه السلام) وسئل عن قول الله (قم الليل إلا قليلا) قال : (أمره الله أن يصلي كل ليلة إلا أن يأتي عليه ليلة من الليالي لا يصلي فيها شيئا) .

فليس معنى الكلام ان المتقين لا ينامون من الليل الا ساعة او ساعتين ، ويشتغلون بقية الليل بالعبادة . كلا , ليس هذا هو المقصود ، بل المقصود كما تبين انهم كانوا يتعبدون لله في اغلب الليالي ، ولا يفوتهم ذلك الا قليلا .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار