المقالات والبحوث

القران الكريم هو الخير

القران الكريم هو الخير
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

بقلم الشيخ حيدر السعدي 

 

قال تعالى : {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل : 30]

 

من الصفات الاعتقادية التي يذكرها القران الكريم للمتقين انهم يرون ما انزل الله خيرا , والسؤال هو : ما المقصود بما انزله الله ؟

من خلال الايات السابقة ومناسبة نزولها يتبين ان الكلام هو عن القران الكريم ، فقد روي في مناسبة نزول هذه الايات كما جاء في تفسير مجمع البيان: ( يروى أنّها نزلت في المقتسمين وهم ستة عشر رجلا خرجوا إِلى عقاب مكّة أيام الحج على طريق الناس على كل عقبة أربعة منهم ليصدوا الناس عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإِذا سألهم الناس عمّا أنزل على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قالوا: أحاديث الأولين وأباطيلهم.)

 

فالمشركون الكافرون يصورون للناس ان القران الكريم عبارة عن قصص واساطير الاولين وهو مجموعة خرافات واوهام ، والأساطير: جمع أسطورة، وتطلق على الحكايات والقصص الخرافية والكاذبة، وقد وردت هذه الكلمة تسع مرات في القرآن الكريم نقلا عن لسان الكفار ضد الأنبياء تبريراً لمخالفتهم الدعوة إِلى اللّه عزَّوجلّ.

 قال تعالى {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [النحل : 22] {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل : 23] {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [النحل : 24]

اما المتقون فانهم يرون ان القران الكريم هو الخير كله {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل : 30]

وفارق كبير بين من يعتقد ان القران الكريم مجرد اساطير وخرافات ، وبين من يعتقد انه الخير .

 

نظرة الكافرين الى القران الكريم

وبما ان الاشياء تعرف باضدادها ، فسنتكلم اولا عن الطرف المقابل وهم الكفار والمستكبرون لنرى كيف كانت نظرتهم للقران الكريم ، وما هو مآلهم وعاقبتهم المترتبة على ذلك الاعتقاد ؟

قال الشيخ الطوسي (قدس سره ) : ( يقول الله تعالى إذا قيل لهؤلاء الكفار على وجه الاستفهام: ماالذي أنزل ربكم على نبيه محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ؟ أجابوا بأن " قالوا: أساطير الاولين " يعني أحاديث الاولين الكاذبة، في قول ابن عباس وغيره، وأحدها أسطورة سمي ذلك، لانهم كانوا يسطرونها في الكتب.

 

وقوله " ليحملوا أوزاهم " أي أثقالهم من المعاصي، والوزر الاثم، والوزر الثقل، ومنه الوزير، لانه يحمل الاثقال عن الملك، يقال وازره على امره أي عاونه بحمل الثقل معه، واللام لام العاقبة، لانهم لم يقصدوا بما فعلوه ليتحملوا أوزارهم.

وقوله " كاملة " معناه حمل المعاصي تامة على أقبح وجوهها من غير اخلال بشئ منها " ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم " معناه إنهم يتحملون مع أوزارهم من أوزار من أضلوه عن دين الله وأغووه عن اتباع الحق، بغير علم منهم بذلك بل كانوا جاهلين.

والمعنى إن هؤلاء كانوا يصدون من أراد الايمان بالنبي (صلى الله عليه واله وسلم) فعليهم آثامهم وآثام أبنائهم لاقتدائهم بهم.

الى ان قال (قدس سره) : وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم " اي اي شئ " انزل ربكم قالوا خيرا " على معنى ماذا، والمعنى انزل الله خيرا)

نعم ، هناك روايات تشير الى ان هذه الايات المباركة نزلت لتبين اعتقاد بني امية واتباعهم في امير المؤمنين علي (عليه السلام) فالمستكبرون عن الحق يرون ان ما قيل في القران عن علي (عليه السلام ) ما هو الا اساطير الاولين اما المتقون فيرونه خيرا .

فقد جاء في تفسير العياشى (عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال : نزّل جبرئيل عليه السلام هذه الآية هكذا : " واذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم في علي قالوا أساطير الاولين)

وروى عن جابر : قال أبوجعفر : نزلت هذه الاية على محمد (صلى الله عليه وآله) هكذا والله " واذا قيل لهم ماذا انزل ربكم في علي " يعنى بني امية " قالوا نؤمن بما انزل علينا " يعنى في قلوبهم بما انزل الله عليه " ويكفرون بما وراءه " بما انزل الله في علي " وهو الحق مصدقا لما معهم " يعنى عليا

 

وروى في تفسير نور الثقلين عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " واذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم في علي قالوا اساطير الاولين " سجع أهل الجاهلية في جاهليتهم فذلك قوله : " اساطير الاولين "واما قوله ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة فانه يعني ليستكملوا الكفر ليوم القيمة واما قوله : ومن اوزار الذين يضلونهم بغير علم يعني يتحملون كفر الذين يتولونهم ،قال الله : الا ساء ما يزرون .

وعلى اي حال فهناك اناس لا يؤمنون بالقران الكريم ويرونه اساطير سواء كله ام بعضه ، وهناك قسم اخر يرى القران بكل ما فيه خيرا .

قال الفيض الكاشاني (قدس سره) : ( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا أطبقوا الجواب على السؤال معترفين بالأنزال بخلاف الجاحدين إذ قالوا أساطير الاولين وليس من الأنزال في شئ للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة مكافأة في الدنيا ولدار الاخرة خير أي ولثوابهم في الاخرة خير منها وهو عدة للذين إتقوا ويجوز أن يكون بما بعده من تتمة كلامهم بدلا وتفسيرا لخير ولنعم دار المتقين.)

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار