بقلم الشيخ عباس الناصري:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى كما هو أهله، وصلى على نبيه وآله الطاهرين

** إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل

* الإضاءة الثالثة عشر: ثنائية التنازع والفشل

# قال تعالى: ((وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (1).

# يرشدنا القرآن الكريم في الآية المتقدمة، إلى حقيقة اجتماعية مصيرية، تنصُّ على أن التنازع والشحناء والتفرق، عن طاعة الدين سببٌ قطعي للفشل والضعف والإنكسار.

# قال أمير المؤمنين عليه السلام: ( فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم، حين وقعت الفرقة، وتشتتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحاربين، قد خلع الله عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضارة نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبرا للمعتبرين) (2).

# ومنه يُعلم أن النجاح والقوة والتقدم، ليس له إلا طريق الاتحاد والتوافق والتفاهم، بين أبناء الدين الواحد، مهما اختلفت مذاهبهم أو مرجعياتهم الدينية.

# قال تعالى: ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)) (3).

# وقال إمامنا الحسن (عليه السلام) وهو يخاطب جنده: ( إنه لم يجتمع قوم قط على أمر واحد إلا اشتد أمرهم واستحكمت عقدتهم، فاحتشدوا في قتال عدوكم معاوية وجنوده ولا تخاذلوا) (4).

# بل نستطيع الذهاب إلى أبعد من ذلك فنقول: إن أيَّ جامع يجمع بني البشر، سواء كان دينيا، أو وطنيا، أو قِيَميا، إنما يكون نافعا وطريقا للنجاح، في حالة تحقق الوفاق، والتكاتف، والملائمة، وعدم التنازع، بين المؤمنين به.

# أيها الأحبة، إن تحقق الوحدة الإسلامية او المذهبية او الوطنية أو الإنسانية، هدفٌ مرهونٌ بالحوار الهادئ، المؤدي إلى الاتفاق على أبرز المشتركات التي يؤمن بها الجميع. فاذا تحقق ذلك تحقق النصر والنجاح.

والحمد لله رب العالمين صلى الله على محمد وآله الطاهرين. 

عباس الناصري

الليلة الثالثة عشر من ليالي شهر رمضان المبارك من عام ١٤٤١هج

..................................

1- الأنفال: 46.

2- نهج البلاغة: الخطبة 192.

3- آل عمران: 103.

4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج3: ص185