المقالات والبحوث

إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل الحلقة الثانية والعشرون

إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل الحلقة الثانية والعشرون
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

بقلم الشيخ عباس الناصري 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى كما هو أهله، وصلى على نبيه وآله الطاهرين

** إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل

* الإضاءة الثانية والعشرون: روحُ المبادرة في الإسلام 

 

# قال تعالى: (( أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)) (1).

 

# كثيرةٌ هي فرص الطاعات والقُرُبات إلى الله تعالى، وكثيرٌ من المسلمين، من يمتلك القابليات والقدرات المميزة، إلا أنهم يتفاوتون في إستثمار قابلياتهم تلك، في تحقيق المبادرة الفعلية.

 

# ولْيعلم الجميع بأن المبادرة والسباق في نيل الكمالات، هو ما يميز بين المؤمنين، ودرجاتهم، وكمالاتهم. عن الإمام الصادق عليه السلام: ( إنّ الله سبّقَ بين المؤمنين كما يُسَبَّقُ بين الخيل يوم الرّهان، ثم فضّلهم على درجاتهم في السَّبْقِ إليه، فجعل كل امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقه ولا يتقدّم مسبوق سابقاً، ولا مفضول فاضلاً، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة وأَواخرها) (2).

 

# إن أهم ما يُميِّز القادة المؤثرين في مجتمعاتهم، هو امتلاكهم لروح المبادرة في فعل الخير، والمسارعة لاغتنام الفرص، والمسابقة إلى الخيرات والأعمال الصالحة؛ لأنهم أدركوا أن المبادرة سرٌّ من أسرار النجاح والتفوّق، على مختلف الصُعُد والمستويات.

 

# ولذا كان إمامنا عليٌّ (عليه السلام) يوصي أصحابه، بالمبادرة في فعل الخير، ويقول: ( بادروا بالأعمال عُمُراً ناكساً، ومرضاً حابساً، أو موتاً خالساً ) (3). ويقول أيضاً: ( بادروا بعمل الخير قبل أن تشتغلوا عنه بغيره ) (4). علماً أنه قد يكون هذا الغير معصية والعياذ بالله، كما دلّت على ذلك بعض الروايات.

 

# أيّها الأحبة، إن قوّة روح المبادرة، تعتمد على عدة مقوّمات، لعلّ أهمها:

- أولا: البصيرة والمعرفة، فإن الفرد العارف البصير، بأن الدنيا مزرعة الآخرة، لن يتردد في أن يبادر لكل معروف، أو فضل يتوفر أمامه.

 

- ثانيا: قوة الإيمان وتمكّنه من قلب الإنسان؛ لأن الإيمان القلبيّ القويّ، هو من يُحرِّك الإنسان، نحو المبادرة والمسارعة، على أمل نيل الكمالات الدنيوية والأخروية.

 

- ثالثا: الثقة بالنفس، لأنها تزود الإنسان دائما بالمحركية والإقدام، وتمنعه عن التردد والتلكؤ، الذي قد ينتهي به إلى الإفلاس.

 

رابعا- الحيويّة والفاعليّة، لأن المبادرة تحتاج الى حركة دؤوبة، وبالتالي لا يمكن أن تجتمع مع الخمول أو الكسل.

 

خامسا: التضحية والبذل، فالإنسان البخيل، أو الذي لايريد التضحية بما يملكه، من وقت، أو مال، أو جاه، لا يمكن أن يكون مِقداماً مُبادراً لفعل الخيرات أبدا.

 

- سادسا: الاستعجال في المبادرة وعدم التراخي، منعاً من تسويلات الشيطان. قال الإمام الباقر (عليه السلام): (من هَمَّ بشيء من الخير فلْيعجّله، فإن كل شيء فيه تأخير، فإن للشيطان فيه نظرة) (5).

 

نسأله تعالى أن يُعيننا على أنفسنا، لنكون من السبّاقين المبادرين دائما، لنيل رضاه بمنّه ولطفه سبحانه وتعالى.

 

والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين. 

 

عباس الناصري

الليلة الثانية والعشرون من ليالي شهر رمضان المبارك من عام ١٤٤١هج

..................................

1- المؤمنون: 61.

2- الكافي ج2: ص40.

3- نهج البلاغة: ص56 خطبة 230.

4- بحار الأنوار ج68: ص 215.

5- الوسائل ج1: ص 113، ح282.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار