المقالات والبحوث

إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل الحلقة الثالثة والعشرون

إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل الحلقة الثالثة والعشرون
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

بقلم الشيخ عباس الناصري 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى كما هو أهله، وصلى على نبيه وآله الطاهرين

** إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل

* الإضاءة الثالثة والعشرون: أفضل الأعمال في ليلة القدر 

 

# قال تعالى: (( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴿٢﴾ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿٣﴾ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿٤﴾ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴿٥﴾)). (1).

 

# ما هو أفضل الأعمال في ليلة القدر؟ سؤالٌ يتكرر كلَّ عام بين المؤمنين، الراغبين بالحصول على ثمرات هذه الليلة العظيمة. سُئل إمامنا الباقر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} قال: نعم هي ليلة القدر....إلى أن قال: يُقدر في ليلة القدر كلّ شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل: خير وشر، طاعة ومعصية، ومولود، وأجل، ورزق، فما قدّر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم ولله عز وجل فيه المشيئة (2). 

 

# إنها ليلة عظيمة جدا، ففيها يُفرق كلُّ أمر حكيم، وهي خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها، وهي مصدر سلام وطمأنينة حتى مطلع الفجر. ولذا قال تعالى، مبيِّناً صعوبةَ إدراكِ حقيقتها: ((وما أدراكَ ما لَيلةُ القَدرِ)).

 

# وللجواب عن السؤال المتقدم، نقول: إنه قد وردت في الروايات، مجموعة أعمال، يستحب الآتيان بها هذه الليلة، إلا أنه لم يَرد ذكرٌ، للمفاضلة فيما بينها في الغالب، فالمتتبع للأخبار، لا يجدُ إلا الحثَّ الشديد، على إحيائها بشتى أصناف العبادات.

 

# فهل ذلك لانه لا يوجد تفاضل بينها، أم أن هناك سببا آخر لذلك؟ والمظنون لدينا ظناً قوياً، هو أن عدم ذكر المفاضلة بين أصناف العبادات، إنما هو من جهة كونها كلّها مطلوبة، ومع القدرة على الإتيان بها جميعها، فإنه أفضل الخيارات بلا شك.

 

# ولذا كان العمل فيها عظيما بنحو مطلق. عن أبي عبد الله (ع): ( قال له بعض أصحابنا ولا أعلمه إلاّ سعيد السمّان: كيف تكون ليلة القدر خيراً من ألف شهر؟ قال: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر) (3). 

 

# وتتمة للجواب نقول: إن المطلوب في هذه الليلة، الخضوع لعظمته تعالى، والإنشداد إلى قدرته، والتملّق في ساحته، والتعلّق بألطافه. ومن أراد كلَّ هذه الأوصاف والملكات الروحية، فإنه يجدها لا محالة، في العبادة المتعددة والمتنوعة في هذه الليلة.

 

وهذا الأمر المهم، بحاجة إلى أن يتهيأ له الفرد المؤمن، بأن:

أولا- يتوسل بالله تعالى، ليوفقه لإحياء هذه الليلة، على أفضل وجهٍ ممكن، فإن مجاري الأمور بيده تعالى.

ثانيا- ثمّ يُفرّغ نفسه ذهنياً وبدنياً للعبادة؛ لينقطع أكبر قدر ممكن من الوقت، إلى الله تعالى.

ثالثا- ثمّ يتفنّن في تنويع الأعمال، وتوزيعها على الوقت، خصوصا الطويلة منها؛ منعاً للملل أو الخمول.

رابعا- أما دعاء الجوشن الكبير، ذو المضامين العظيمة الأثر، فمن يستطيع قراءته دفعة واحدة، ببطء وتأمل فبها ونعمت. ومن لم يستطع، فيُفضَّل قراءته على دفعات، ولو بين كلِّ ركعتين، يقرأ عشرَ أو خمسَ عشرة فقرة.

 

والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين. 

 

عباس الناصري

الليلة الثالثة والعشرون من ليالي شهر رمضان المبارك من عام ١٤٤١هج

..................................

1- سورة القدر المباركة.

2- المحاسن للبرقي ج1 ص244.

3- الكافي ج4 ص 157.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار