بقلم الشيخ عباس الناصري 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى كما هو أهله، وصلى على نبيه وآله الطاهرين

** إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل

* الإضاءة الخامسة والعشرون: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام 

# قال تعالى: ((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ))(1).

# لا يختلف اثنان من المسلمين، بأن الشارع المقدس أوجب على عباده، مجموعة تكاليف والتزامات، عليهم الاهتمام بها، وعدم التهاون في تطبيقها. قال تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ))(2). ومع هذا فإننا نجد الكثيرين، ممن يتهاونون، ويعصونه تعالى في أوامره ونواهيه.

# وحيث أن الغرض الوحيد، من كل هذه التكاليف، هو مصلحة الإنسان، وفائدته الدنيوية والاخروية معا، فإنه تعالى حرص على أن يُوجِد تكليفا آخر، إلى جنب تلك التكاليف؛ ليُشكّل هذا التكليفُ ضمانةً لتأدية تلك التكاليف، وبأكبر مقدار ممكن. هذا التكليف الضامن هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. عن الإمام الباقر عليه السلام: ( إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض)(3).

ثم إن هذا التكليف قد يَسقط بأداء فردٍ، وقد لايسقط إلا بأداء جماعة، كما قد يتوقف سقوطه، على أداء الأمة بأكملها. وهذه نقطة مهمة جديرة بالبحث والإلتفات.

# وليعلم الجميع بأن هناك مجموعة من الثمرات الإيجابية، التي تترتب تلقائيا، على أداء هذا التكليف الإلهي. عن الإمام الباقر عليه السلام: ( إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء، ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتُحلّ المكاسب، وتُردّ المظالم، وتعمر الأرض، ويُنتصف من الظالم، ويستقيم الأمر)(4).

# كما أن بأداء هذه الفريضة نفعَ العوام وردعَ السفهاء. عن الإمام علي (عليه السلام): (... والأمر بالمعروف مصلحة للعوام والنهي عن المنكر ردعاً للسفهاء)(5).

# كذلك يمكن أن نمنع من خلال أداء هذه الوظيفة، الكثيرَ من المفاسد العامة. عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): ( إنَّ المعصية إذا عمل بها العبد سراً لم تضر إلا عاملَها، وإذا عمل بها علانية ولم يُغيَّر عليه أضرّت بالعامة)(6).

# وبأدائها تُمنعُ حكومة الفساد والمفسدين، من التسلط على رقاب المسلمين ومقدراتهم. عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (لتأمُرنَّ بالمعروف ولتنْهُنَّ عن المنكر أو ليستعملنَّ عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم)(7). 

# أيُّها الأحبة، إننا نرى تراجعاً واضحاً في الأمة، تجاه هذه الفريضة العظيمة. ومن هنا ندعو جميع المسلمين، بأن ينتبهوا من غفلتهم، ويؤدّوا تكليفهم المطلوب منهم، بلحاظ هذه الفريضة، كلٌّ حسب إمكانياته ومن موقعه، والله الموفق وهو المستعان.

والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين. 

عباس الناصري

الليلة الخامسة والعشرون من ليالي شهر رمضان المبارك من عام ١٤٤١هج

..................................

1- آل عمران: 104.

2- الذاريات: 56.

3- الكافي ج5 ص56.

4- نفس المصدر السابق.

5- نهج البلاغة ج4 ص55.

6- وسائل الشيعة ج16 ص 136

7- وسائل الشيعة ج16 ص118.