المقالات والبحوث

( فاجعة البقيع ) في وجدان العلماء والشعراء

( فاجعة البقيع ) في وجدان العلماء والشعراء
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

بقلم الشيخ مرتضى الزيدي 

 

تعتبر شهادات المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) من أكثر الأمور التي تترك أثرا بالغا في نفوس محبيهم لما تحمل في طياتها من انتهاك وتعدي على حجج الله على خلقه، ولذا نجد شيعة أهل البيت (عليهم السلام) يقيمون المآتم حزناً على الائمة الأطهار (عليهم السلام) ليستذكروا ظلاماتهم وما جرى عليهم في حياتهم والظلم والحيف.

ومضافا لذلك فإن محبي أهل البيت (عليهم السلام) يهتمون أيضاً بمناسبات أخرى كما هي المناسبة التي تمر علينا في الثامن من شوال من كل عام فإن شمس يوم الثامن من شوال من العام ١٣٤٤ هج ما أشرقت إلا والقوم قد اعدوا العدة لأمر جلل، كان فيه انتهاك عظيم لحرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد اقدموا على تهديم قبور ائمة البقيع والقباب التي كانت عليها ونهبوا فيها من الفرش والمدخرات والنفائس، وقد تركت هذه الفاجعة الأليمة شديد الحزن في نفوس المؤمنين على ما بدر من هذه الفرقة الضالة من التعدي على أقدس البقاع بما اشتملت على قبور أبناء وأعمام وزوجات وبنات النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وغيرهم كثير

وقد جاءت الردود من العلماء على هذا الفعل الشنيع بأشكال مختلفة فقد ارسلت الحوزة العلمية الرسائل والكتب للبلدان الإسلامية، وقد صنفت الكتب في ذلك كما في كتاب (دعوة الحق إلى أئمة الخلق) الذي ألفه السيد هادي الخراساني، وكذلك السيد عبد الرزاق المقرم فقد ألف (ثامن شوال)

 

كما قام جملة من العلماء بالرد على الفتوى التي شرعت هدم القبور وقد ألف الشيخ محمد جواد البلاغي (رد الفتوى بهدم قبور الائمة في البقيع) كما ان بعض العلماء جعلوا هدم القبور موضوعا لخطبهم كما رأينا ذلك من السيد الشهيد الصدر ( في سره) وقد كان بحق ناطقا بليغا بهذه الفاجعة مطالبا ببناء قبور المعصومين وذلك في الخطبة الثالثة والأربعين .

أما الشعراء فقد نظموا القصائد الشعريه للوقوف بوضوح على هذه الفاجعة الأليمة وقد كان من أبرز تلك القصائد أو المنظومات ما نظمه السيد صدر الدين الصدر وقد عرفت ب(رد شبهات الوهابية) وكذلك ما نظمه السيد محسن الأمين ومنظومته (العقود الدرية في رد شبهات الوهابية).

وقد تنوعت موضوعات هذه القصائد في تناولها لهذه الفاجعة ونريد أن نتعرض لبعض ما تناوله الشعراء في قصائدهم من موضوعات :

١- بيان أرتباط أئمة البقيع (عليهم السلام) بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) . و يتضح هذا المعنى جليا في منظومة السيد محسن الأمين 

حيث يشير إلى آل سعود وعظيم فعلتهم بهدم قبور أبناء النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) حيث يقول :

لم تحفظ المختار في أولاده 

وسواهم من أحمد لم يولد

وهم الائمة للورى والعترة ال

هادون حقا قدوة للمقتدي

هدمت قبابا فوقهم قد شيدت

معقودة من فوق أشرف مرقد

ياقبة بثرى البقيع منيعة

شأت الفراقد والسهى في مصعد

٢-فاجعة عظمى

وهذا ما نجده واضحا في ما كتبه السيد صدر الدين الصدر في قصيدته التي نظمها في حادثة هدم قبور البقيع وقد أشتهرت هذه الأبيات شهرة واسعة في أوساط العلماء والأدباء وتصدى لتشطيرها وتخميسها العشرات من الشعراء، حيث يقول فيها:

لعمري إن فاجعة البقيع

يشيب لهولها فود الرضيع

وسوف تكون فاتحة الرزايا

إذا لم نصح من هذا الهجوع

فهل من مسلم لله يرعى

حقوق نبيه الهادي الشفيع

 

٣-تشبيه هذه الفاجعة بعاشوراء الحسين (عليه السلام) وهذا مانراه في البيت المشهور للشيخ محمد علي اليعقوبي

أثامن من شوال جلبت لنا الأسى

كأنك في يوم المحرم عاشر

وكيف لا تكون بهذا القدر من الأسى وقد انتهكت فيها حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسبطه الأكبر وباقي بنيه وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين)

كما بين هذه المشاركة في العزاء بين البقيع وكربلاء الشيخ محمد جواد البلاغي في قصيدته في هدم القبور التي يقول فيها :

دهاك ثامن شوال بما دهما

فحق للعين إهمال الدموع دما

يوم البقيع لقد حلت مصيبته

وشاركت في شجاها كربلاء عظما

 

٤-إقامة الحجة على من هدم القبور :

وهذا ما نجده في ما سطره السيد محسن الأمين في منظومته المطولة إذ اشتملت على الكثير من الحجج الدامغة من الأدلة القرآنية والروائية على صحة معتقد الإمامية وفساد معتقد هذه الفرقة الضالة وشنيع ما أقدمت عليه من فعل عظيم. حيث يقول:

 

سويته معناه مستويا لقد

صيرته لا ذا سنام يغتدي

هذا هو المعنى إذا متعلق

لم يذكروه له بغير تلدد

في الذكر سواها وسوى قد أتى

ابدا سوى هذا به لم يقصد

فمفاده نهي عن التسنيم بالتس

طيع أمر فأتبعه ترشد

وعليه اورده دليلا مسلم

بصحيحه فبمثله فأستشهد

وفي الحقيقة إن هذه المنظومة من أهم النظومات الشعرية التي تعرضت لهذه الفاجعة لأشتمالها على الأدلة التي ترد اعتقاد الوهابية الضالة وتذكر الكثير من التأريخ المتعلق بالبقيع.

٥-استنهاض الهمم لأخذ الثأر:

جاءت جملة من العقائد لتثير الحماس في نفوس المؤمنين للأخذ بالثأر وهي في ذلك تشابه إلى حد بعيد ما نظم في أدب الطف من موضوع اخذ 

الثأر وهو في غالب الأحيان يرتبط أيضا بذكر الإمام المهدي (عجل الله

تعالى فرجه الشريف) بأعتباره صاحب المصيبة وصاحب الثأر الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. 

ومن ذلك ماكتبه السيد مهدي الأعرجي :

دهياء رجت في الدنا أقطارها

هيهات إن السيف يدرك ثارها

حتام يا ابن محمد تفضي ولم 

تشحذ لحرب عداكم بتارها

 

وقال آخر:

يا ابن النبي الطهر (مهدي الورى) 

أقدم فعيش المسلمين مجهم

انت المرجى كي تطهر ثانيا 

(أرض الجزيرة) من أناس تجرم

كما أن بعض الشعراء ارخوا لهذه الفاجعة كما نظم ذلك الشيخ عبد الكريم الممتن الاحسائي حيث يقول 

قباب برغم العلى هدمت 

وهيهات ثاراتها تذهب 

أليس كما قال تاريخه 

( بتهديمها أنهدم المذهب )

قال تعالى (( وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون )) الشعراء/٢٢٧

 

الشيخ مرتضى الزيدي 

النجف الأشرف

٧ شوال ١٤٤١

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار