المقالات والبحوث

الحد الفاصل بين زمن المتقدّمين والمتأخرين دراسة توثيقيّة (الحلقة الثالثة)

الحد الفاصل   بين زمن المتقدّمين والمتأخرين  دراسة توثيقيّة  (الحلقة الثالثة)
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

 

بقلم علي جميل الموزاني

 

      ثمرة التمايز بين عصر المتقدمين والمتأخرين في كلمات الاصوليين:

      وما يُعول عليه في حجية الاجماع والشهرة فإنها مرهونة بما اجمع عليه او اشتهر العمل به لدى المتقدمين ولا عبرة بإجماع المتأخرين. 

 

      ومن خلال البحث عن فائدة التمييز بين عصر المتقدمين والمتأخرين في كلمات الاصوليين يُستكشف من كلامهم ان العمدة في التمييز تنفعنا في الاعتماد على حجية الشهرة والاعتماد على كاشفية الاجماع الحاصل من فتاوى المتقدمين يقول الشيخ صنقور (انّ الشهرة المبحوث عن جابريتها لضعف الخبر هي الشهرة الواقعة بين القدماء، كالصدوقين "الاب علي بن الحسين(329هـ) والابن محمد بن علي(381هـ) والشيخ المفيد(ت41هـ) والسيد المرتضى(436هـ) وسلاّر(448هـ) والحلبي(447هـ) وابن البرّاج(481هـ) وشيخ الطائفة الطوسي(460هـ) رحمهم ‌الله وكل من هو في طبقتهم ممن هم قريبون من عصر الأئمة عليهم ‌السلام)(1). 

 

      وما يذهب اليه السيد الخميني في عدم حجية شهرة المتأخرين قائلاً (لا اشكال في عدم حجية الشهرة الفتوائية في التفريعات الفقهية الدائرة بين المتأخرين من زمن شيخ الطائفة إلى زماننا هذا وما استدلوا به على حجيتها من التمسك بفحوى أدلة حجية الخبر الواحد أو تنقيح المناط، أو تعليل آية النبأ أو دلالة المقبولة أو تعليلها، لا يخلو من ضعف غنى عن البيان، وانما الكلام في الشهرة المتقدمة على الشيخ أعني الشهرة الدائرة بين قدماء أصحابنا الذين كان ديدنهم التحفظ على الأصول والافتاء بمتون الرواية، إلى أن ينتهى الامر إلى أصحاب الفتوى والاجتهاد، فالظاهر وجود مناط الاجماع فيه وكونه موجباً للحدس القطعي على وجود نص معتبر دائر بينهم أو معروفية الحكم من لدن عصر الأئمة عليهم السلام)(2).

 

      وفي كلام السيد باقر الصدر عن الخصوصيات التي لابد من توفرها في تحقق كاشفية الإجماع عن الحكم الشرعي يقول (أَنْ يكون مشتملاً على فتاوى الأقدمين من علمائنا ولا أثر لفتاوى المتأخرين عنهم ، لأنَّ التطبيق الصحيح للإجماع على ما تقدّم انَّما كان على أساس كشف الارتكاز عند أصحاب الأئمة وهو لا يمكن كشفه إِلاّ من قبل إجماع القدماء من علمائنا المتصلين بأولئك الأصحاب)(3).

 

      وفي تحديد المقصود من كلامه في الأقدمين من علمائنا يقول (إجماع الفقهاء المعاصرين لعصر الغيبة الصغرى أو بُعيدها إلى فترة كالمفيد والمرتضى والطوسي والصدوق (تقدست أسرارهم)، فإنَّهم إذا استقرَّ فتواهم جميعاً على حكم ولم يكن يوجد بأيدينا ما يقتضي تلك الفتوى بحسب الصناعة لكونها على خلاف القواعد العامة المنقولة من قبل نفس هؤلاء في كتب الحديث مثلاً استكشفنا وجود مأخذ على الحكم المذكور بيدهم)(4).

 

      معللاً ذلك بما تحمله هذه الفترة من كاشفية حسية عن توفر الادلة التامة لديهم التي جعلتهم يفتون على ضوئها (كلّما اقتربنا إلى عصر الأئمة كان حجم الجانب الحسّي أكبر وحجم تأثر المسألة بالجانب النظريّ أقلّ ومن هنا كانت قيمة فتاوى القدماء أكبر من قيمة فتاوى المتأخرين، كما انَّه على هذا الأساس أيضا كلّما كان مبلغ تبصّر المجمعين وألمعيّتهم وخبرتهم للوصول إلى الواقع أكثر كانت القيمة الاحتمالية لفتاواهم أكبر)(5).

 

هوامش:_________________

(1) المعجم الأصولي, ج1, ص356.

 (2) تهذيب الأصول, تقرير بحث السيد الخميني، للسبحاني, ج٢, ص١٦٩. 

 (3) بحوث في علم الأصول, باقر الصدر, تقرير هاشم الهاشمي, ج4, ص315-316. 

 (4) بحوث في علم الأصول, باقر الصدر, تقرير هاشم الهاشمي, ج4, ص312.

 (5) بحوث في علم الأصول, باقر الصدر, تقرير هاشم الهاشمي, ج4, ص310.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار