المقالات والبحوث

مع الأنبياء ( عليهم السلام ) .. دروس تعلمتها من قصصهم .. ( الحلقة الثالثة ) بقلم الشيح حيدر اليعقوبي

مع الأنبياء ( عليهم السلام ) .. دروس تعلمتها من قصصهم  .. ( الحلقة الثالثة ) بقلم الشيح حيدر اليعقوبي
المصدر: واحة - وكالة ابناء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

مع الأنبياء ( عليهم السلام ) .. دروس تعلمتها من قصصهم  .. ( الحلقة الثالثة )

▪️ومن قصة النبي يوسف ( عليه السلام ) تعلمت أهمية أن ننظر الى الأمور من الزاوية الإيـجابية ، وضرورة التكيف والتأقلم مع أصعب الأحوال وأقسى الظروف ، من أجل الثبات على الـمباديء والقيم ..

 وتعلمت أن لا أستسلم لعوائق الدنيا ، ولا أتراجع أمام الضغوط والمصاعب ، فالـمؤمن الـمخلص يسير على الصراط المستقيم أينما كان ، ويستغل الظروف مهما كانت رياحها ، ليجعلها تسير بالنهاية الى الهدف الصالـح الذي يرضاه الله تعالى ، ويرتب وضعه الـجديد  بـحيث يوصله الى حيث يشاء الله رب العالمين .

فالنبي يوسف ( عليه السلام ) تعرض للغدر والنفي من إخـوته الذين هم أقـرب الناس اليه ، وبعد أن كان سيداً في قومه ، جعلوه خادماً عند الغرباء ، فلم ييأس ولم يغلق على نفسه أبواب الرجاء ..

وإنما راح يـملأ حياته الـجديدة بالعمل والنشاط ، وهو يـتحين الفـرص لهدايـة الناس ، ويعلمهم بأخلاقه وجميل مواعظه طريق التوحيد والعمل الصالـح ..

وهذا درس عظيم يعلمنا ان النجاح يمكن أن يـحصل في أصعب الظروف ، وأن الهمة والعزيـمة والإخلاص خير دافع للثبات والإصرار على طريق الـحق ..

حيث يقول الله تعالى : ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) 

 ومن قصة النبي يوسف ( عليه السلام ) تعلمت أيضاً أن الـمؤمن الـحقيقي الصادق ، لا تأخذه في الله لومة لائم ..

 وأن النقاء والشرف أمران مقدسان لا يمكن التنازل عنهما مهما كانت الضغوط والإحراجات ..

 مع التأكيد على أن بـمقدور أي واحد أو واحدة منا  أن يصبر و يصمد أمام الـمعصية والإثم , تماماً كما صبر وصمد النبي يوسف ( عليه السلام ) .

▪️وتعلمت من قصة النبي أيوب ( عليه السلام ) أن الصبر مفتاح الفرج ، وأن هموم الدنيا ومصاعبها تهون بالصبر الـجميل ، رضاً وتسليماً لمشيئة الله تعالى ، وهو بعين الله مـحفوظ ومبارك ، والله عنده حسن الثواب .

حتى انه ورد في القرآن الكريم : ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) ، أي أنه لم يسأل الله تعالى أن يكشف عنه الضر والبلاء ، وإنما إكتفى بالقول رب ( أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) .. وهذا مطلق التسليم والرضا .

▪️ومن قصة النبي شعيب ( عليه السلام ) تعلمت أهمية الـحوار الهادف مع أهل الباطل لهدايتهم ، وأهمية بيان وتفصيل الـحجج الـمـناسبة لإرشادهم ووعظهم ، وكل ذلك طاعة وحباً لله رب العالمين ، وحرصاً على هداية خلق الله رب العالمين ..

حيث نلاحظ في قصة النبي شعيب ( عليه السلام ) في القرآن الكريم ، كيف كان يـخاطب قومه ببيان مفصل ، وإسلوب مبني على الـحكمة والـموضوعية ..

 حتى ورد في بعض الـمصادر أنه كان يلقب بـخطيب الأنبياء ( عليهم السلام ) .

▪️وتعلمت من قصة النبي موسى ( عليه السلام ) أهمية النشاط والهمة والقوة في طاعة الله تعالى ، وأنه لابد من الشعور بالـمسؤولية والـحرص والإهتمام لأجل حماية ديننا وأهل ديننا ..

 وأنه لايـجوز الإعراض أو التخاذل عن أداء ما علينا من التكاليف والمهام ، مهما كانت المصاعب والعوائق التي تواجهنا في هذا الطريق .. كل واحد منا على قدر إستطاعته وبـحسب قابليته ، ولايكلف الله نفساً الا وسعها ، ولا يكلف الله نفساً الا ما أتاها .. وإنـما يؤتى العبد ويعطى من التوفيق , على قدر همته وعزيـمته ووعيه وإخلاصه لله رب العالمين . 

فالنبي موسى ( عليه السلام ) أتاه الأمر الإلهي بأن يذهب الى طاغوت زمانه ..

( إذهب الى فرعون إنه طغى ) 

فلم يتأخر ولم يرفض ، مع أنه كان متهماً ومطلوباً للإعتقال عند قوم فرعون ، ولكنه طلب العون والـحماية من رب العالمين ، وإنطلق حيث أمره الله تعالى ، مـحفوظاً بالعناية الإلهية ، واثقاً بالرعاية الربانية ..

ولذلك ، حينما أمرّ شخصياً ببعض الـمـصاعب  ، وأشعر بالـحاجة الى الأمان والـحفظ ، أردّد قول الله تعالى : 

( لا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ) 

 وقوله تعالى :

( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا , وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) 

ونـحو هذه الآيات الـمباركة , فأشعر بالأمن والإطمئنان , والقوة والعزيـمة .

كذلك تعلمت من قصة النبي موسى ( عليه السلام ) أنه لابد من الغضب لله تعالى ، اذا طغت الـمعاصي والآثام ، وتفشت الذنوب العظام ..

 وكيف لا نغضب اذا تـمادى الـخلق في الـمعاصي والذنوب ، وهم يعصون خالقهم ومالكهم في أرضه وتـحت سمائه ..

هذا الغضب ( الواعي والهادف والإيـجابي) يعتبر مقدمة أساسية ودافع مـحرك للسعي في تغيير الواقع الفاسد ، وهو علامة أولية في الـمؤمن الذي لديه حرص وغيرة على دين الله تعالى ، وهمة ورغبة حقيقية في تـحصيل رضا الله تعالى ..

..............

وسنكمل الكلام في منشور رابع بإذنه تعالى

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار