المقالات والبحوث

زيد الشهيد بين أهمية الثورة وضرورة المحافظة على مشاريع الأئمة بقلم الاستاذ عماد الهلالي

زيد الشهيد بين أهمية الثورة وضرورة المحافظة على مشاريع الأئمة بقلم الاستاذ عماد الهلالي
المصدر: واحة_ وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


زيد الشهيد بين أهمية الثورة وضرورة المحافظة على مشاريع الأئمة
بقلم الاستاذ عماد الهلالي

كانت فترة حكم بني أمية فترة مظلمة قائمة على الظلم وسفك الدماء بأبشع ما يمكن تصوره، وكان القتل والحكم على الظنة والمضايقة على أهل البيت في أشدها وقتل أنصارهم وإبادة شيعتهم تجري تحت كل حجر ومدر.
وكان للأئمة المعصومين من أهل البيت مشاريع لاستنهاض الأمة وتربيتها بعد معركة كربلاء، ولكن المشاريع لوحدها لم تكن كافية ولا توفر مناعة ضد الإبادة ولا تنهى السلطة عن طغيانها وتجبرها.
قال ابن أبي ليلى في محضر النبي (صلى الله عليه وآله):
ولا خير في حلمٍ إذا لم تكن له × بوادر تحمي صفوه أن يُكدّرا
ولا خير في جهلٍ إذا لم يكن له × حليمٌ متى ما أورد الأمر أصدرا
ولم يكن بإمكان الأئمة المعصومين عليهم السلام المغامرة بعمل عسكري والمغامرة بالقاعدة الناشئة التي لم تكن مؤهلة للعمل العسكري الكافي لإزاحة الحكم الظالم فضلاً عن ممارسة إدارة الحكومة الإسلامية والحفاظ عليها.
وكانت تصفيات بني أمية تهدد الواعين البارزين من أصحاب الأئمة..
فكان لا بد من عمل عسكري لتقليل وطأة الغطرسة الأموية مع عدم انعكاس فشله العسكري على مشاريع الأئمة الأخرى.
وهي معادلة صعبة اذ لا يطيق كتم الاسرار الا قلة من المؤمنين واولئك المؤمنين لم يكن بإمكانهم جمع الناس حولهم والتضحية معهم.
فلعل هذه المعادلة هي التي دفعت بزيد الشهيد وغيره من الثائرين المخلصين من بني الحسن للثورة بدون الاعلان عن علاقة واضحة بالائمة عليهم السلام، لا سيما وهم يعلمون بما اخبرهم به الائمة انهم سيقتلون وان ثوراتهم ستنتهي بالفشل العسكري، ولكنه سيقود الى مكاسب اجتماعية كثيرة منها ارخاء اصابع قبضة السلطة عن القاعدة الشيعية للسماح بنمو التربية الفقهية والدينية.
قال الامام جعفر الصادق عليه السلام: لا زال جعفر وشيعة بخير ما خرج الخارجون من آل محمد، ووددت ان من يخرج منهم خرج وعلي نفقة عياله.
تنقل لنا الروايات ان احد الفقهاء من اصحاب الائمة دعاه زيد الشهيد لنصرته فاحتج عليه بضرورة مواكبة امام الزمان والاقتصار عليه في العمل والمشاريع
فقال له زيد: كان ابي علي بن الحسين يمضغ الطعام ثم يلقمنيه أفتراه أخبرك بشيء وكتمه عني؟
كأن زيدا يريد أن يقول له: أنك تعرف بالأئمة وأهمية الامام بما أخبرك به أبي فهل تراه علمك ولم يعلمني به، ولكني لا أستطيع إخبارك عن الإذن الخاص، كما لا يستطيع امام الزمان اخبارك.
وبقي عليك أن تفهم ذلك من حسن الظن بي وبمعرفة متطلبات الظرف التي تتطلب الثورة وتتطلب الحفاظ على مشاريع الائمة من انتقام السلطة.
فقال له ذلك الفقيه: ان اباك اراد ان يحفظك بعدم إخبارك لكي لا تعرف وتخرج عن طاعتهم فتكون الحجة عليك أبلغ.
وانتهى الموقف بهذه الحوارية ولم يستطع زيد التصريح بأكثر من ذلك ولم يستطع الإمام افهام ذلك الفقيه ولم يستطع الائمة التالون تفسير الموقف للمحافظة على الاسرار ولتكرار الخطة في عهد بني العباس.
والتاريخ انما يقرأه أهل البصائر في كل زمان، وان بقي زيد الشهيد مظلوماً من وجهة نظر بعض الفقهاء.
ولو كان زيد خارج عن طاعة الامام ومبتدر الى العمل بدون امام لحذر الائمة المعصومون من نهجه لانه منهج مضر بالقاعدة اذ سيموت اناس بلا امام وهي ميتة جاهلية.
ويقرأ بعض الفقهاء هذا الموقف بين زيد وبين الفقيه الذي احتج عليه بأنه يمثل منهجين للتخيط لجأ إليهما الأئمة المعصومون وهم قمة العقل في التخطيط والترتيب، فهم أهل للظن الحسن:
المنهج الاول: أن الائمة الأوائل كتموا امر الامامة عن بعض ابنائهم وشجعوهم على رفض الظلم لكي لا يلحوا على اخذ اذن الامام في كل عمل يقومون به ولكي لا تشيع ثقافة ان لا تتحرك الا بإذن الامام في ذلك الزمان فتصل الى السلطة فيستنتجون من كل عمل يقوم به المقربون من الائمة انه كان بإذن منهم.
والمنهج الثاني: ان اولئك الثوار كزيد الشهيد وبعض ابناء الحسن كانوا قد اخذوا الاذن من ائمة زمانهم للخروج، ولكنهم كتموا السر وتحملوا عب تأخر البعض عن نصرتهم انتظارا لاذن الائمة فضحوا بقلة عدد الانصار مع فائدة الحفاظ على المعصومين ومشاريع من انتقام السلطة.
لمّا بلغ قتـل زيد إلى الاِمام الصـادق (عليه السلام) قال: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، عند اللّه أحتسب عمي إنّه كان نعم العم. إنّ عمي كان رجلاً لدنيانا وآخرتنا، مضى واللّه عمي شهيداً كشهداء استشهدوا مع رسول اللّه وعلي والحسين صلوات اللّه عليهم.
وقال الامام الرضا عليه السلام: زيد بن علي كان من علماء آل محمد عليهم السلام غضب له، فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنّه سمع أباه جعفر بن محمد يقول: رحم اللّه عمي زيداً إنّه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، ولقد استشارني في خروجه فقلت له: ياعم إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك، فلما ولي قال جعفر بن محمد عليه السلام: ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه.
الروايات الاخيرة في عيون اخبار الرضا للشيخ الصدوق.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار