المقالات والبحوث

مَن هو الشيّخ بهاء الدّين العاملي(رض) ؟

 مَن هو الشيّخ بهاء الدّين العاملي(رض) ؟
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف


مَن هو الشيّخ بهاء الدّين العاملي(رض) ؟

علامة عصره ونابغة دهرهِ واعجوبة العلم والعلماء مفخرة الشيعة بالعلوم الهندسيّة والرياضية والكيميائية والعلوم الغيبة التي قلّما يصل إليها أحد من بني البشر، الشيخ بهاء الدين محمّد بن عز الدين حسين بن عبد الصمد بن شمس الدين محمّد بن علي بن حسين بن صالح الجبعي العاملي الحارثي الهمداني المشهور بين الأصحاب بالشيخ البهائي(1)وتقدم ذكر والده( رحمه الله ).
برزت مرجعيته بلا منافس بين عامي 1021 هـ و 1031 هـ وكان عالماً جامعاً لم يُعرَفْ في عصره علمٌ إلا وكان يناظر فيه ويفوق غيره، ويعتبر طليعة المرحلة الخامسة من مراحل بيان الفقه وقد تربى على يديه علماء كبار كالمجلسي الأول الآتي ذكره.
ذكره صاحب الرياض: وكان متبحراً جامعاً كاملاً شاعراً أديباً منشئاً ثقة عديم النظير في زمانه في الفقه والحديث والمعاني والبيان والرياضي وغيرها.
له كتب: كتاب الحبل المتين في أحكام الدين جمع فيه الأحاديث الصحاح والحسان والموثقات وشرحها شرحاً لطيفاً خَرَجَ منه الطهارة والصلاة ولم يتمه ، فيه الف حديث وزيادة يسيرة ، وكتاب مشرق الشمسين واكسير السعادتين جمع فيه آيات الأحكام وشرحها والأحاديث الصحاح وشرحها خرج منه كتاب الطهارة لا غير فيه نحو من اربعمائة حديث ، وكتاب العروة الوثقى في تفسير القرآن خرج منه تفسير الفاتحة ، وفي تعليق أمل الآمل : (( وقدر من سورة البقرة )) والحديقة الهلالية في شرح دعاء الهلال وحاشية الشرح العضدي على مختصر الأصول ، والزبدة في الأصول، ولغز الزبدة ورسالة في المواريث، ورسالة في الدراية، ورسالة في ذبائح أهل الكتاب ورسالة اثني عشرية في الصلاة عجيبة، ورسالة في الطهارة كذلك ورسالة في الزكاة، ورسالة في الصوم، ورسالة في الحج، والخلاصة في الحساب والكشكول كبير، والمخلاة، والجامع العباسي بالفارسية في الفقه لم يتم والصمدية في النحو، والتهذيب في النحو، وبحر الحساب، وتوضيح المقاصد فيما اتفق في أيام السنة، وحاشية الفقيه لم تتم، وجواب مسائل الشيخ صالح الجزائري اثنان وعشرون مسألة، وجواب ثلاث مسائل أخر عجيبة، وجواب المسائل الدنيات، وشرح الفرائض النصيرية للمحقق الطوسي لم يتم ورسالة في نسبة أعظم الجبال إلى قطر الأرض ، وتفسيره الموسوم بعين الحياة وتشريح الأفلاك ، ورسالة الكر ، ورسالة الاسطرلاب عربية سماها الصحيفة ورسالة أخرى في الاسطرلاب فارسية سماها التحفة الحاتمية ، وشرح الصحيفة الموسوم بحدائق الصالحين ، وحاشية البيضاوي لم تتم ، وحاشية المطول لم تتم وشرح الأوبعين حديثاً ، ورسالة في القبلة وكتاب سوانح الحجاز من شعره وانشائه ، ومفتاح الفلاح ، وحواشي الكشاف ، وحاشية الخلاصة في الرجال وحاشية الاثني عشرية للشيخ حسن وحاشية القواعد الشهيدية ، ورسالة في القصر والتخيير في السفر ، ورسالة في أن أنوار سائر الكواكب مستفادة من الشمس ، ورسالة في حل اشكالي عطارد والقمر ، ورسالة في أحكام سجود التلاوة ، ورسالة في استحباب السورة ووجوبها ، وشرحُ شرح الرومي على الملخص ذكره في الحديقة الهلالية ، وحواشي الزبدة ، وحواشي تشريح الأفلاك وحواشي شرح التذكرة ، وله شعر كثير بالعربية والفارسية متفرق ، وقد جمعه الشيخ محمّد رضا ابن الشيخ عبد الله الافندي صاحب كتاب رياض العلماء.
هذه كلُّ كُتبه منها طُبع وحقق ومنها تَلَف ولم يصل إلينا والبعض الآخر مازال مخطوطاً ، وكما هو مدوّن في كتب التراجم ، وما هو الرائج حالياً في الأسواق كتاب منسوب إليه يسمّى (( السر المستتر )) في العلوم الغريبة والجفر الّذي هو عبارة عن أحراز وطلاسم وأشياء أخرى فيها شعوذة وخرافات ليس بصحيح فإن الشيخ البهائي ( رحمه الله ) أسمى وأعلا شأناً من هكذا كتاب ليس فيه إلا الخزعبلات والشعوذات فلو كان له كتاب بهذا العنوان لدونه أرباب التراجم ، والحال إن أحداً لم يذكره مع مصنفاته .
وكذا ذكره صاحب سلافة العصر في محاسن أعيان العصر فقال فيه : علم الأئمة الأعلام ، وسيد علماء الاسلام ، وبحر العلم المتلاطمة بالفضائل أمواجه ، وفحل الفضل الناتجة لديه أفراده وأزواجه ، وطود المعارف الراسخ وفضاؤها الّذي لا يعتريه محاق ، الرّحلة التي ضربت إليه أكباد الأبل ، والقبلة التي فطر كلّ قلب على حُبّها وجُبل ، فهو علامة البشر ، ومجدد دين الأمة على رأس القرن الحادي عشر ، إليه انتهت رياسة المذهب والمّلة ، وبه قامت قواطع البرهان والادلة ، ، جمع فنون العلم فأنعقد عليه الاجماع ، وتفرد بصنوف الفضل فبهر النواظر والأسماع ، فما من فن إلا وله فيه القدح المعلى ، والمورد العذب المحلى ، إن قال لم يدع قولاً لقائل ، او طال لم يأت غيره بطائل ، وما مثله ومن تقدمه من الأفاظل والأعيان ، إلا كالملة المحمّدية المتأخرة عن الملل والأديان ، جاءت آخراً فقالت مفاخراً ، وكل وصف قلت في غيره فإنه تجربة الخاطر (2) .
هذه صورة ترسم للشيخ البهائي ( رحمه الله ) عند ارباب التراجم والسير ولكن توجد هناك صورة أخرى له فهي تمثل شخصيّته الحقيقية التي

حاول الشيخ البهائي أن يضرب بها المثل الاعلى والصورة الاسمى التي تحكي حقيقة العلماء والفقهاء رغم ما كان له المقام الرفيع في البلاط ، ولكن بيته الرحب مأوى المحتاجين والأرامل والأيتام ، كما كانت رؤيته بين اكواخ الفقراء والمتسولين منظراً مألوفاً ، ومن طريف ما يروى أنه نمي إلى الشاه أن شيخ الاسلام أي بهاء الدين نفسه كثيراً ما يجوس خلال أحياء الفقراء ويدخل أكواخهم ويجالسهم .
فاستحسن ان يلفته بلباقة إلى أن هذه الزيارات لا تتناسب مع مكانة شيخ الاسلام ، فقال له يوماً : لقد سمعت أن أحد كبار العلماء يكون مع الفقراء والاراذل في اكواخهم وهذا أمر غير لائق ، فاجابه الشيخ : هذا امر غير صحيح فأنا كثيراً ما اكون في تلك الاماكن ولم يحدث أن رأيت أحداً من كبار العلماء هناك .
ومن جهة اخرى فإنه عاش بين كل الفرق والاتجاهات دون أن يسمح لأي منها أن يحتويه ، كان بصفته شيخاً للاسلام حامياً لحمى الشرع وأهله غير أن شعره العرفاني أغنية في فم الصوفي ، وهو فقيه شيعي كبير في ذلك العالم المتعصب لكنَّ ذلك لم يمنع الخفاجي الشافعي من أن يسجل احترامه الشخصي له لانتشار صيته في سَداد دينه واعتبر كتابه الشهير زبدة الأصول ذو اثر كبير في ترسيخ وتطوير المنهج الأصولي في الفقه (3) .
عاش الشيخ البهائي طاهر الذيل في ذلك العالم المحموم ومارس كل جميل وأصيل في تلك الاتجاهات المتناحرة المتنافرة ، كما أعطى من نفسه الحرة السموح وثقافته الواسعة وعقليته العلمية الأصيلة كلَّ ما شارك فيه بُعداً جديداً حتى أصبح مجدداً وفاتحاً لابواب العلوم الإسلامية بكافة مشاوبها ، فهو بالهندسة مهندس بارع ، وفي الرياضيات محاسب ماهر ، وفي الفلك عالم لا يجارى ، وفي الفقه مشرع ، وفي الأصول مجدد وفاتح ، وفي الحديث منظر منقح ... حقاً أنه المصداق الحقيقي بل عين قول النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) أنه قال : افتخر يوم القيامة بعلماء أمتي فأقول علماء أمتي كساير الانبياء (4) وفي الفقه الرضوي أنه (عليه السلام) قال : منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الانبياء في بني اسرائيل (5) ، وكما قال سيد الموحدين فإن الفقهاء ورثة الانبياء (6) .
……………………………….……………………………..
1) انظر ترجمته سلافة العصر /289، أمل الآمل /244/2 ، رياض العلماء /92/5 ، روضات الجنات /56/7 وغيرها .
2) سلافة العصر /289 . محمد حسين بن الأمير محمد صالح الخاتون آبادي الموفي سنة 1151 .
3) الهجرة العاملية إلى إيران في العصر الصفوي /157 .
4) جامع الأخبار الشيخ محمّد بن محمّد السبزواري الفصل 21 ص 45 وفي نسخة… امتي على سائر الأنبياء قبلي .
5) نقلاً عن البحار /346/78 ح 4 .
5) بحار الأنوار /216 1 .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار