المقالات والبحوث

إحذروا تسويلات الكفار والملحدين ـ بقلم الشيخ حيدر اليعقوبي

إحذروا تسويلات الكفار والملحدين ـ بقلم الشيخ حيدر اليعقوبي
المصدر: واحة_ وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


إحذروا تسويلات الكفار والملحدين
في هذا الزمن الصعب الذي نحن فيه بأمس الحاجة الى التوكل على الله تعالى ، والتقرب اليه طلباً لرضاه ورحمته الخاصة والعامة ..
نلاحظ مع الأسف وجود من يروج وينشر أفكاراً تدعو للإلحاد والكفر بالله الخالق الواحد جل جلاله ..
فهذه ملاحظات وتنبيهات أحببت بيانها ، تتعلق بمؤلفات ومنشورات وتعليقات هؤلاء الملحدين ، الذين رضوا لأنفسهم الكفر والجحود بخالقهم وولي نعمتهم عز وجل ..
وهي ملاحظات ناتجة عن تتبع وتأمل في كتاباتهم وأفكارهم ، وأهم هذه الملاحظات :

١- توجد لديهم عدة مواصفات وميزات مشتركة ..
فهم إجمالاً يميلون الى الإنحلال الخلقي ، وعدم التقيد بالمبادئ والقيم الأخلاقية ، بل هم يدعون الى ذلك ويتهمون المتدين والملتزم بالجهل أو التخلف .
ولديهم في الغالب تكبر وعناد بلا موجب ، حيث لاينتبهون الى كلام الآخرين الا بالمقدار الذي يريدون الرد عليه ، ولا يركزون الا على كلامهم وآرائهم ، وكأنهم يبنون على عصمتهم ، مع أنهم لايؤمنون بالعصمة .

٢- كلامهم ليس منطقياً ، وانما هو مبني على الجدل والتشكيك والسطحية ، واللف والدوران والمغالبة في النقاش .
وليس لهم قدرة على التأسيس والتأصيل ، لأنهم سيواجهون مشاكل وإشكالات كثيرة ، لذلك يلجأون الى الهجوم على المقابل ، لإشغاله وإجهاده ، لإيهام الآخرين بأنهم غلبوه بذلك .
ليس لديهم شيء جديد ، فكل مايقولوه معاد ومكرر ، ومردود عليه .
ولكنهم يعتمدون على الصياغة المبهرة والكلمات البراقة ، مستغلين غفلة الناس وعدم إطلاعهم على المصادر الأصيلة .
وهم يراهنون على قلة الثقافة عند الناس لإنشغالهم بأمور الحياة والمعيشة ، فيبهرونهم بما هو قديم ضعيف لا قيمة له عند الواعين المثقفين ..
أو يستغلون ردود أفعال الناس من أخطاء بعض المصاديق أو التطبيقات التي لاتحسب على الدين واقعاً ، ولكنهم يستغلونها للتأثير على هؤلاء الناس .

٣- هم يريدون تفصيل قوانين الحياة والوجود على حسب مقاسات عقولهم وإدراكاتهم ، وعلى مقدار فهمهم وإستيعابهم ..
وكأنهم تلاميذ مدرسة يريدون وضع قوانين المدرسة والدراسة ومقررات المناهج على حسب مستواهم وفهمهم وذوقهم ورغباتهم ، مع ان هذا غير ممكن وغير صحيح ..
وكأنهم ركاب سفينة أو طائرة يريدون قيادتها وتوجيهها على حسب قابلياتهم وتصوراتهم ، مع أن القضية أكبر من ذلك .

٤- هم يضعون شروطاً مسبقة وحدوداً مصطنعة لأي حوار أو نقاش ، مع أنهم لايقبلون بأي خطوط حمراء من المقابل ..
وهذا خلاف العلم والمنطق ، وخلاف العدل والإنصاف .

فالحذر مطلوب ، ولابد للإنسان أن يحمي نفسه ويحفظها من مخاطر الذين يتحدثون بكلمات منمقة ليضلوا البشر ويبعدونهم عن عالم النور والأمل والرجاء ، ليدخلونهم في دوامة الجهل واليأس والفراغ ..
يبعدونهم وينفرونهم عن الله الخالق الواحد ، وعن رسله ورسالاته المتتالية ،
ويقربوهم ويحببوهم الى الشيطان وجنده وأوليائه ..
يناقشون ويشككون في دين الله وشريعته بأمور حلها موجود وجوابها حاضر لمن دنى فتدلى ، وطلب العلم من أهله ..
بينما يوقّعون على بياض لأفكار ومناهج مبنية على السفسطة واللف والدوران ، ومملوءة بالتناقضات والإشكالات ، بحيث لايسمعون ولايلتفتون الا لأنفسهم ، وكأنما معهم براءة من النار ..
يرفضون ان يتبعوا رب العالمين ورسله وأولياؤه ، ويلهثون خلف أناس مملوئين بالعقد والأمراض المعنوية ..
يظلمون الدين الإلهي بقياسه على أفراد أو مجاميع تنتسب اليه وتدعي أنها تمثله ..
مع أن الإسلام لا يمثله حقيقة الا المتمسكون به قولاً وفعلاً ، الذين يجسدون أخلاقه ويحفظون مبادئه ، وهم أحسن الناس وأفضل الناس اذا تتبعت سيرتهم .
فهل يصح هذا ؟
هل يصح ان نحاسب الدين الإلهي بسبب أخطاء من لم يتمسك به أصلاً ، ولا نحاسب تلك الإتجاهات المادية المنحرفة أو المناهضة للدين بسبب الأخطاء التي إنما وصلوا اليها بسبب تمسكهم وعملهم بتلك الضلالات والمناهج المنحرفة ..
هل يصح هذا في عالم العقل والمنطق ؟
ان من الجهل والظلم وهلاك النفس وتدمير المستقبل ما يفعله البعض من ترك التدين والإبتعاد عن الرسالات الإلهية بسبب أمور لا يفهموها لقصور أو تقصير ، بل أجزم أن التقصير هو السبب ، لأن الانسان يفترض به ان يواجه المشكلة بالسؤال والتعلم من أهل العلم الثقات ، وقد يحتاج الأمر أحياناً الى مقدمات موصلة للفهم والإستيعاب ، تماماً كما تحتاج بعض العلوم الى معايشة أو سفر أو غير ذلك حتى يحصل الفهم ويزول الإشكال .

وقد ذكرنا في منشور سابق أن الإسلام دين مضمون وعقيدة أمينة ، وهو يعتبر أضمن وأسلم الأديان و المعتقدات على الإطلاق ، وان إتباع الإسلام ضمان وأمان لكل إنسان ..
وفيما يلي توضيح وتفسير ما ذكرناه :
فالكافر أو الملحد الذي لا يوجد عنده إيمان بالخالق عزوجل ، أو بالأنبياء والرسالات من عند الله تعالى ، هو في الواقع يخاطر بنفسه ، ويغامر بآخرته ، ويقامر بمصيره ..
لنحسب المسألة هكذا كما في الرياضيات :
إن كان قولكما فلست بخاسرٍ
أو كان قولي ، فالوبال عليكما
فهل فكر الكافر و الملحد أنهما سيخسران حتماً اذا تبين لهما واقعاً أنهما على خطأ وضلال وباطل ..
أما المسلم المؤمن بالله تعالى ، والعامل بالإسلام فإنه لن يخسر شيئاً في جميع الأحوال ، فهو يعيش دنياه كما يعيشها الكافر والملحد ، إذ لم يمنعه الإسلام عن مقومات الحياة السليمة وأساسيات السعادة والنجاح في الدنيا ، وسيعيش هذا المسلم آخرته في الجنة والنعيم بإذن الله تعالى ،
في حين سيكون الويل والثبور والحسرة عاقبة أمر الكافر والملحد عندما يتبين له فيما بعد ان هناك آخرة وحساب وجزاء وعقاب .
فالكافر في الوضع الخطير ، والمسلم في الوضع الآمن .
وأما اليهودي والمسيحي فهما مطالبان واقعاً بالبحث عن الإسلام ، لأن الدين الاسلامي دين من الله تعالى مثل دين النبي موسى (ع) ودين النبي عيسى (ع) ، فكلها صدرت من الخالق عزوجل ، وكلها جاءت بآيات ربانية تشهد للأنبياء بالحق والتبليغ عن الله تعالى ..
وكما عبر النجاشي ملك الحبشة لجعفر : ان هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة .
و ماذكره هؤلاء من أدلة على نبوة النبي موسى (ع) والنبي عيسى (ع) تنطبق و تنسجم مع أدلة نبوة النبي محمد (ص) ، واذا لم يقبلوا بقصصنا ورواياتنا التي وردت الينا جيلاً بعد جيل ، فالمفروض كذلك أن لا يقبلوا بقصصهم ورواياتهم التي مر عليها أمد أطول ومدة أكثر .
واذا كانت هناك معاجز خاصة لبعض الأنبياء والرسل ، فهذا لايعني بالضرورة ان يكون صاحبها في مقام آخر غير مقام النبوة أو الرسالة ، وإنما هو تعدد مظاهر آيات الله تعالى على حسب الحاجة والضرورة ومتطلبات التأثير ..
فموسى(ع) ظهرت له عدة معاجز لم تظهر لعيسى (ع) ، وعيسى (ع) ظهرت له عدة معاجز لم تظهر لموسى(ع) ، ونبينا محمد (ص) ظهرت له عدة معاجز لم تظهر لغيره ، في حين يشترك الجميع بجملة من المعاجز .
نعم بما ان الاسلام لاحق لهما ، أي جاء بعدهما زماناً ، فيكون عندئذ حاكماً على رسالة النبي موسى (ع) والنبي عيسى (ع) اللتين سبقتاه زماناً ، شأنه في ذلك شأن كل أمر وحكم يأتي بعد حكم سابق ، خصوصاً وأنه يذكرهما بالإسم ويدعوهما اليه .
ولا موجب أبداً لأن يبحث المسلم عن اليهودية والمسيحية ، لأنه مؤمن أساساً بنبوة النبي موسى والنبي عيسى (عليهما السلام ) ، بل هو ينظر إليهما بتقديس وإجلال ، وينزههما عن كل سوء ، بمقدار أكبر وأكثر مما يتصوره اليهودي أو المسيحي ..
أما هؤلاء ( اليهود والمسيحيين ) فهم يحتاجون ان يبحثوا بوعي وصدق عن هذا النبي الذي أرسله الله تعالى بعد موسى وعيسى (ع) كما أرسلهما من قبله ، وكما أرسل الأنبياء من قبله ..
واذا لم يبحثوا عنه فإنهم يغامرون بدينهم وبمصيرهم ..
وسيخسرون كل شيء عندما يتبين لهم فيما بعد ان النبي محمد (ص) نبي الله ، وان الاسلام دين الله ..
أما المسلم فإنه مرتاح من هذه الناحية ، فهو يمشي في الطريق الأسلم ، ويسير على الصراط الأقوم ، وعمل بما هو أضمن وأكثر أمناً وأماناً في دنياه وآخرته ، في جميع الأحوال والتقادير ..
وهذه نعمة عظيمة خاصة بالمسلم ، وفضل كبير يمتاز به عن غيره .
( رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ )

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار