المقالات والبحوث

كيف يهدي الله من يعيش في جزر منعزلة / بقلم الاستاذ عماد الهلالي

كيف يهدي الله من يعيش في جزر منعزلة / بقلم الاستاذ عماد الهلالي
المصدر: واحة_ وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


كيف يهدي الله من يعيش في جزر منعزلة
بقلم الاستاذ عماد الهلالي

في الكافي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: (إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال (أي تستصعبه)، فمن أقرّ به فزيدوه، ومن أنكره فذروه) ج1، ص 370، وبالنظر لمنطلقات هذا المنهج في الحديث الشريف من حكمة وترفق، يمكن توسعة الاستفادة منه لإعطاء تصور عن سؤال يتم تداوله مؤخراً.
فنقول: إن الله سبحانه يتلطف بعباده في الأخذ بأيديهم نحو الهداية فيعرض لهم شيئاً من الحق فإن قبلوه وعملوا به أعطاهم شيئاً آخر وهكذا كلما زادوا عملاً بما عملوا زادهم علماً، فـ(مَن عمل علم ومن علم عمل)، وإذا عاندوا ما عرفوه من الحق أمسك عنهم وتركهم، وليس معنى الترك أنهم لا يتحملون مسؤولية العمل المترتب على العلم الباقي الذي أنكروا ما قبله بل يتحملون ذلك ولله الحجة البالغة إذا حاسب العبد يوم القيام فقال له: لماذا لم تعمل؟ فيجيب العبد: لم أعلم، فيقول له الرب: فلماذا لم تتعلم؟ فتنقطع حجته. وهكذا حاسب الله تعالى المشركين على ترك الزكاة مع أنها تحتاج إلى مقدمة وهي الإيمان أولاً، فقال تعالى في سورة فصلت: [وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ] (الآيتان: 6-7) ذلك أن من رفض شيئاً فهو يتحمل مسؤولية ما يترتب عليه بمستوى من التحمل، ولأن العمل وفق شرع الله خير ومنجٍ من عذاب الدنيا.
ولو أن الإنكار أو الكسل يعذر صاحبه عن ترك ما لم يتعلمه لأنكر جميع الناس وتهربوا من الإجابة والتعلم، ويكون مثلهم كمن يغلق نوافذه وينكر شروق الشمس لأنه لم يرها.
فهناك مؤاخذة على الحرمان من مراتب العلم التي لم ينلها الإنسان، ولكنها على كل حال أقل عذاباً ممن عمل وخالف.
وإن الدين عميق ولا يمكن للعالم أن يدعي أنه محيط بكل ما فيه ولعلنا بعض العلماء اليوم لو عُرض عليه شيء من العلم فوق طاقته لأنكره ولا سيما في مراتب الولاية التي هي أعمق من علوم السماوات والأرض.
ومن هنا يمكننا أن نتصور جواب الشبهة الرائجة أن الذين يعيشون في مناطق منعزلة عن المجتمع الإسلامي لا سبيل إلى هدايتهم فيخرجون من حل هذه المشكلة ويرتبون عليها أن الله لن يحاسبهم، وعليه فكل شخص يحاسب بحسب ما يعرفه.
وكأن الله لا يقدر على هداية من يخلقه، أو أنه أراد هدايتهم فعجز عن تدبير إيصال الهداية إليهم.
وإن ظاهر هذا الدنيا ليس كل شيء والهداية تتبع القوانين الملكوتية في باطن الدنيا، ولا ندري لعل الله جعل سبلاً للهداية في نفس كل إنسان من حيث لا يشعر، ولعل شيئاً أضيف إلى نفوسهم يجعل استشفافهم للآيات في كل شيء ينظرون إليه حولهم مما يفتح سبل الهداية لكل نفس ترى الكون من سماء وأرض ونجوم وغروب وبحر وأشجار..
وفي الحديث أن النبي سُئل هل بعثت إلى قريش خاصة أم إلى العرب عامة؟ فقال (صلى الله عليه وآله): والله، ما مِن أسود أو أحمر في شرق الأرض وغربها إلا وأكلّمه بلسانه.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار