المقالات والبحوث

كلمات للذكرى بمناسبة قرب أيام شهـر رجب، بقلم سماحة الشيّخ حيدر اليعقوبي

كلمات للذكرى بمناسبة قرب أيام شهـر رجب، بقلم سماحة الشيّخ حيدر اليعقوبي
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


كلمات للذكرى بمناسبة قرب أيام شهـر رجب، بقلم سماحة الشيّخ حيدر اليعقوبي

شهر رجب من الأشهر الـحرم , فالمفروض مراعاة حرمته من الناحيتين الـمادية والـمعنوية ، وذلك بإجتناب المـحرمات ، وترك السيئات ، وتنزيه النفس عن الشبهات ، طاعة وحباً وإخلاصاً لله تعالى ، وهذا هو المفروض طبعاً في كل الأيام والشهور ..
وانما يُقدم الإنسان لنفسه ، ويتزود لآخـرته .
( منْ عَمِلَ صَالِحًا ، فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ )
و القتال فيه حرام ، وعقوبة القتل فيه مشدّدة ، ولا أشد ولا أدهى من قتل الإنسان نفسه وتدميرها بإهلاكها في شهواتها وملذاتها , وإبعادها عن مولاها وخالقها عزوجل ..
وانما تحـيـى النفس وتستخلص بمجاهدتها ومحاربة رغباتها المضرة أو المحرمة ، قربة إلى الله تعالى ،
وقد قال الله تعالى : ( فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ )
ومعلوم ان الشيطان والنـفس الامارة بالسوء هما اللذان يبدآن القتـال والعـدوان على الإنسان ، فالمفروض دفعهما وجهادهما وقتالهما , على كل حال , وفي كل زمان . .
وفي المصادر ان رجب شهر عظيم البركة لم تزل الجاهلية تعظمه قبل مجيء الإسلام ، ثم تأكد شرفه وعظمه في شريعة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،
وهو الشهر الأصم ، وانما سمي بذلك لان العرب لم تكن تُـغير ( تغزو) فيـه ، ولا ترى الـحرب وسفك الدماء ، وكان لا يسمع فيه حركـة السلاح ، ولا صهيل الخيل .
وفي الإقبال وغيره عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ألا ان رجب شهر الله الأصم وهو شهر عظيم ، وانما سمي الأصم لأنه لا يقاربه (لا يقارنه) شهر من الشهور حرمة وفضلاً عند الله ، وكان أهل الجاهلية يعظمونه في جاهليتها ، فلما جاء الإسلام لم يزده إلا تعظيماً وفضلاً ) .
وفي مجمع البحرين للطريحي ان اسم رجب مشتق من التعظيم , حيث ذكر ان الترجيب : التعظيم .. ولذلك يسمونه شهر رجب الـمـرجب أي الـمـعظم .
والمتعارف عند العلماء وغيرهم تسمية هذا الشهر برجب الأصب ، وفي مفاتيح الجنان عن الصادق (ع) عن النبي (ص) : (رجب شهر الاستغفار لأمتي ، فأكثروا فيه الاستغفار فانه غفور رحيم ، ويسمى رجب الأصب ، لان الرحمة على أمتي تصب صباً فيه ، فاستكثروا من قول استغفر الله وأسأله التوبة ) .
كذلك يستحب جـداً الصوم في شهر رجب , كله أو بعضه , ولو يوم منه ..
وفي الحديث عن المعصومين (ع) : ( رجب نهر في الجنة أشد بياضاً من اللبن , وأحلى من العسل ، فمن صام يوماً من رجب , سقاه اللَّه عز وجل من ذلك النهر ).
وفي بعض الروايات ان من عجز عن صيام رجب , لضعف أو علة , فيتصدق عن كل يوم برغيف ، فان لم يقدر سبّح الله تعالى في كل يوم من أيام رجب بتسبيح خاص ( سبحان الإله الجليل ، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له ، سبحان الأعز الأكرم ، سبحان من لبس العز وهو له أهل ) .
وفي رجب أيضاً تستحب العمرة ، بل ورد ان أفضل العمرة عمرة رجب .
وفي رجب بعثـة (مبعث) نبينا المصطفى محمد (ص) خاتم الأنبياء والمرسلين (ع) ، وهذه خصوصية لرجب على غيره من الشهور ، ولعله لذلك ورد في بعض الروايات ان شهر رجب شهر النبي (ص) ..
وفي مفاتيح الجنان ان من المندوب في شهر رجب زيارة الإمام الرضا (ع) , ولها في هذا الشهر خـصوصية زائدة , كما ان للعمرة فيه خـصوصية زائدة .
و تستحب زيارة الإمام الحسين (ع) في أول رجب , وفي النصف منه .
والمستحبات في شهر رجب كثيرة ..
حيث توجد فيه عدة أعمال مستحبة عامة ، وعدة أعمال مستحبة خاصة ببعض لياليه وأيامه ، فيحسن مراجعتها وعمل ما امكن منها قربة إلى الله تعالى .
ومن هذه المستحبات أعمال ليلة الرغائب ، وهي أول ليلة جمعة , من شهر رجب ,
ومنها ( دعاء الإستفـتاح ) الذي يسمى بعمل أم داود , وتفصيلهما في كتب الأدعية والمستحبات .
نسأل الله تعالى ان يـجعلنا مـمن يرجب (يعظم) شهر رجب , بإقامـة حـقه وحفـظ حرمته ، وندعوه عزوجل ان يوفقنا لكل ما يـحبه ويرضاه , وان يفتـح علينا أبواب رحمته وهدايته ، وان ينعم علينا بالقبول والرضا .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار