المقالات والبحوث
لـــماذا غاب المهديّ (عليه السلام) ؟
لـــماذا غاب المهديّ
(عليه السلام) ؟
إنّ هذا السؤال يجاب عليه بالنقضِ والحل:
أمّـا النقض / فإن قصور عقولنا عن إدراك أسباب غيبته، لا يجرنا إلى إنــكار المتضافرات من الروايات، فالاعتراف بقصور أفهامنا أَولـــــى من رد الروايات المتواترة، بل هو المتعيّـن.
وأمّـا الحل / فإن أسباب غيبته واضحة لمن أمعن فيما ورد حولها من الروايات، فإن الإمام المهدي (عليه السلام) هو آخر الأئمة الاثني عشر الذين وعد بهم الرسول، وأناط عــزّة الإسلام بهم، ومن المعلوم أن الحكومات الإسلامية لم تقدرهم، بل كانت لهم بالمرصاد، تلقيهم في السجون، وتريق دماءهم الطاهرة، بالسيف أو السم، فلو كان ظاهراً، لأقدموا على قتله، إطفاء لنوره، فـــلأجل ذلك اقتضت المصلحة أن يكون مستوراً عن أعين الناس، يراهم ويرونه ولـــكن لا يعرفونه إلى أن تقــــتضي مشيئة الله سبحانه ظهوره، بعد حصول استعداد خاص في العالم لقبوله، والانضواء تحت لواء طاعته، حتى يحقق الله تعالى به ما وعد به الأمم جمعاء من توريث الأرض للمستضعفين(1).
وقد ورد في بعض الروايات إشارة إلى هذه النكتة، روى زرارة قال:
سمعت أبا جعفر (الباقر (عليه السلام)) يقول: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، قال: قلت ولم؟ قال: يخاف، قال زرارة: يعني القتل.
وفي رواية أخرى: يخاف على نفسه الذبح(2).
_______________
(1) محاضرات في الإلهيات للعلاّمة السبحاني: ج2,ص 395-396.
(2)كمال الدين: 281، الباب 44، الحديث 8 و 9 و 10.
إِلَهِي إِنْ حَرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَرْزُقُنِي، وَإِنْ خَذَلْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَنْصُرُنِي، إِلَهِي أَعُوذُ بِكَ مِنَ غَضَبِكَ وَحُلُولِ سَخَطِكَ، إِلَهِي إِنْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتأْهِلٍ لِرَحْمَتِكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تَجُودَ عَلَيَّ بِفَضْلِ سَعَتِكَ، إِلَهِي كَأَنِّي بِنَفْسِي وَاقِفَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَقَدْ أَظَلَّهَا حُسْنُ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ، فَقُلْتَ (فَفَعَلْتَ) مَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَتَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِك.
إِلَهِي كَيْفَ أَنْقَلِبُ مِنْ عِنْدِكَ بِالْخْيبَةِ مَحْرُوماً، وَقَدْ كَانَ حُسْنُ ظَنِّي بِجُودِكَ أَنْ تَقْلِبَنِي بِٱلنَّجَاةِ مَرْحُوماً، إِلَهِي وَقَدْ أَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي شِرَّةِ (الْشِرَةِ) ٱلسَّهْوِ عَنْكَ، وَأَبْلَيْتُ شَبَابِي فِي سَكْرَةِ ٱلتَّبَاعُدِ مِنْكَ، إِلَهِي فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ أَيَّامَ ٱغْتِرَارِي بِكَ وَرُكُونِي إِلَىٰ سَبِيلِ سَخَطِكَ، إِلَهِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ إِلَيْكَ، إِلَهِي أَنَا عَبْدٌ أَتَنَصَّلُ إِلَيْكَ مِمَّا كُنْتُ أُوَاجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ إِسْتِحْيَائِي مِنْ نَظَرِكَ، وَأَطْلُبُ الْعَفْوَ مِنْكَ إِذِ الْعَفْوُ نَعْتٌ لِكَرَمِكَ.
© Alhawza News Agency 2019