المقالات والبحوث

من هو السيّد بحر العلوم، ولماذا سُمّي بذلك الاسم ؟

من هو السيّد بحر العلوم، ولماذا سُمّي بذلك الاسم ؟
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


من هو السيّد بحر العلوم، ولماذا سُمّي بذلك الاسم ؟

هو السيّد السند محمّد مهدي بن مرتضى بن محمّد بن عبد الكريم بن مراد بن شاه أسد الله السيّد جلال الدين الطباطبائي المشتهر شهرة عظيمة عند اهل الفن والخبر بالسيّد بحر العلوم كان ايةً في العلم والتقوى حتّى اشتهر بكرامته العظماء، سيّد العلماء الاعلام ومولى فضلاء الاسلام علامة دهره وزمانه ووحيد عصره وأوانه.
حتّى ركنت واستقرت اليه الزعامة العظماء والمرجعية الكبرى بعد رحيل استاذه الوحيد البهبهاني من عام ١٢٠٥هـ إلى سنة وفاته ١٢١٢هـ ويذكر أن الشيخ جعفر كاشف الغطاء على مقامه جعل تحت حنك عمامته شيئاً من غبار نعليه، وهذا أن يدل على شيء إنما يدل على خلق وتواضع الشيخ الكبير(رحمه الله).
كانت السمة العامة في سيرته المباركة أخلاقه العالية بحيث تكهرب بسلوكه الاخلاقي عامة تلاميذه ومن يتصل به حتّى قال فيه تلميذه كاشف الغطاء من قصيدة كبيرة:
جَمَعْتَ من الأخلاق كُلَّ فضيلةٍ فلا فَضْلَ إّلا عَنْ جنابِكَ صَادِرُ
هذا وقد توجد في إجازاته على ما هو مذكور آيات الثناء عليه كما في إجازة استاذه الوحيد البهبهاني بقوله.. وبعد فقد استجازني الولد الاعز الأمجد المؤيد الموفق المسدد والفطن الارشد والمحقق الاسعد ولدي الروحاني العالم الزكي والفاضل الذكي والمتتبع المطلع الالمعي السيّد السند، والنجيب الأيد، محمّد مهدي ولد العالم الكامل الدين.. وفي اجازة الشيخ عبد النبي أحد اساتذته.. بدر سماء ارباب لكمالات النبيلة المحقق في المسائل، المدقق في الدلائل خلاصة الافاضل وسلالة العلماء الاكامل السيّد الأجل الابجل محمّد مهدي ادام الله ظله واحسن امره كله وجله ، فوجدته بحراً لا ينزف ووسيع علم لا يطرف، ما من فنّ الفنون الا وقد حقق، وما من علم من العلوم النظرية إلا وقد أصاب الحق، وذلك مع كونه في أول الشباب واترابه لن يصلوا إليه مع اكبابهم على العلوم في باب من الابواب.. وكان على جانبٍ عظيم من العطف والرحمة على فقراء الأمة وضعاف المسلمين بحيث يتحسس مشاكلهم وينفذ الى واقعهم المؤلم فيرعاهم رعاية شاملة تُقوي نفوسهم وتغني نفسياتهم أمام المجتمع وله في هذا المضمار قصص ومواقف جمة احصاها المترجمون له نشير إلى واحدة منها كنموذج لبقيتها:
ذكروا أن الحجة السيّد محمّد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة(قدس سره) وكان من أعاظم تلاميذه كان يتعشى ذات ليلة اذ بعث اليه السيّد بحر العلوم يدعوه للحضور بسرعة، فترك عشاءه وحضر بين يدي استاذه، فلما رآه السيّد(رحمه الله) أخذ يؤنبه بكلمات شديدة ، وذكر له ان احداً من اخوانه وجيرانه من اهل العلم كان يأخذ كل ليلة من البقال قسباً لقوت عياله ولهم قرابة الاسبوع لم يذوقوا الحنطة والارز ، وفي هذا اليوم ذهب إلى البقال ليأخذ القسب، فامتنع البقال من اعطائه لثقل دينه فظل هذه الليلة هو وعياله واطفاله بلا عشاء فأخذ السيّد محمّد جواد يتعذر بعدم علمه بالموضوع فقال له السيّد(رحمه الله): لو علمت بحاله وتعشيت ولم تلتفت إليه كنت يهودياً أو قال كافراً وانما اغضبني عدم تجسسك عن اخوانك وعدم علمك بحالهم.
فأمر له السيّد(رحمه الله) بصينية كبيرة فيها انواع الأكل وصرة من المال على أن يوصلها إلى ذلك الرجل ويتعشى معه ويستقر ويأتيه بالخبر حتّى يتعشى السيّد ، وبقي عشاؤه امامه لم يتناول منه شيئاً حتّى رجع السيّد العاملي من دلك الرجل واخبره باستقراره وفرحه بالطعام والمال، لانه كان مديناً فعندئذٍ تناول السيّد عشاءه وجرت القصة الى بعد منتصف الليل، والقصة مفصلة هذا مجملها(٢).
أما في ايامنا هذه اصبحت هذه القصص والحوادث مجرد حِبْر على ورق نقرأها ولم نطبقها، بل العكس من ذلك ننظر إلى الفقير نظرة استحقار وتكبر، فقد اقام احد الاشخاص في ايامنا هذه ـــ قبل أن اكتب هذا البحث بسنة او اقل تقريباًــ وليمة فخمة وعظيمة على حساب شخصيات لهم القيمة ــ بحسب نظره ــ وقدم لهم انواع الاكل والمشروبات إضافة إلى انواع الحلويات والمكسرات، والمثلجات، وعند انتهاء الوليمة جاء الطباخ الى ذلك الشخص، وقال له يا فلان لم يبق في القدور سوى ماء اللحم، فقال له فلان لا تكبوه ووزعه على الفقراء والمساكين، فلما سمع منه الطباخ هدا الكلام غضب غضباً شديداً وقال له يا فلان انت تتكلم بعدم جرح مشاعر الفقراء والمساكين وأن نعطيهم أفضل ما نملك ونشاركهم ونخفف من اثقل الفقر والاعوزاز.. والآن انت تحقرهم وتستخف بهم، مَنْ يقبل بهذا الماء الذي لا تتناوله حتى الكلاب السائبة ؟
أو كما سمعنا وشاهدنا أن احدهم عندما خطبت بناته لأحدهم قد وزع في ليلة قرانها( (املبس)) وقد كلفه ملايين الدنانير، وغيرها كثيرة، وفي نفس الوقت نرى الالاف من الفقراء والمساكين، بحاجة إلى هذه الاموال للحفاظ على ماء وجوههم ، فإلى الله تعالى نستغيث لما آل بنا الأمر بهذا الانحطاط الخلقي، وانما ذكرت ذلك حتّى تقاس هذه الامور بتلك القصة التي قام بها سيّدنا السند بحر العلوم قدس الله نفسه الزكية لكي لا يختلط الحال وتشتبك الامو

ر ما بينها .
وأما لقبه ببحر العلوم كما هو المذكور أمه حين سافر إلى ايران واقام في خراسان ستاً من الاعوام يدرس الفلسفة الإسلامية على يد رائدها ومدرسها الأوحد الفيلسوف الكبير الشهير الشهيد السيّد ميرزا محمّد مهدي الاصفهاني نزيل خراسان فاعجب به السيّد الاستاذ لشدة ذكائه وسرعة تلقيه وهضمه المشاكل والمسائل الفلسفية وعَرَفَ منه غزارة العلم وسعة الأفق حينما وقف على ذلك كله استاذه الفيلسوف الكبير اطلق ذلك اللقب الفخم ، وقال له يوماً وقد لهب اعجابه اثناء الدرس : إنما انت بحر العلوم فاشتهر سيدنا اعلى الله مقامه بذلك اللقب منذ تلك المناسبة وظل معروفاً به على مدى التاريخ(٣).
………………………………
١) رجال بحر العلوم/73/1.
٢) انظر ترجمته في مستدرك الوسائل/472/3، روضات الجنات/ ٢٠٣/7 الفوائد الرضوية/474 وغيرها .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار