المقالات والبحوث
الطاعة في منظومة فقه اهل البيت (عليهم السلام) بقلم السيد علاء المشايخي الحلقة الثانية
الطاعة في منظومة فقه اهل البيت (عليهم السلام)
بقلم السيد علاء المشايخي الحلقة الثانية
يوجد عند المسلمين نظريتان في تعيين الخليفة بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم هما: الاولى: مختار جمهور العامة وقد اختاروا نظرية الشورى وان الامر بعد رسول الله صلى الله عليه واله للامة فهي تختار من تراه مؤهلاً للحكم والخلافة الاسلامية.
الثانية: نظرية النص وان الخلافة الاسلامية لا تصح الا بتعيين الله عز وجل وذلك تبعاً للشروط التي اشترطوها ائمة اهل البيت عليهم السلام في الخلافة عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم واهمها العصمة.
واشار الشهيد محمد باقر الصدر الى نكتة لطيفة تدل على مختار ائمة اهل البيت ع وهي ان الله تعالى علم ان الامة بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم سوف تتنازع في الخليفة بعده الذي عبرت عنه الآية بأولي الأمر ولذا لم يأمر بطاعة اولي الأمر طاعة استقلالية لان الامة ستختلف في تشخيص من هم اولي الامر بعد رحيل النبي الاكرم لذا قال فان تنازعتم في شيء وشيء نكرة اي في علي هل الخلافة بعد رسول الله اي ان علي هل هو اولي الامر الذي امر الله ورسوله بطاعته فالمرجع هو الله جل وعلا ورسوله الكريم صلى الله عليه واله وليس المرجع نظرية الشورى في اشارة واضحة الى نظرية النص التي يقول بها الشيعة الامامية الاثني عشرية ايدهم الله تعالى
ويعد من اهم الابحاث المعاصرة في الآية الكريمة وهو ان المرجعية ثبتت لله تعالى ولرسوله ولائمة اهل البيت عليهم السلام كما تقدم, ولكن هنا سؤال مهم وهو اين اهل البيت في عصرنا؟ وجوابه ان الامام الفعلي في عصرنا والذي تجب علينا طاعته هو الامام الحجة ابن الحسن الغائب بأمر الله الذي يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجورا, وهنا يرد تساءل اخر وهو ان الامام غائب ولا يمكن لمواليه وقواعده الشعبية الاتصال به فمن هو المرجع بعد الامام عج ؟ والجواب ان المرجع في عصرنا الذي امر الله تعالى ورسوله والائمة صلوات الله عليهم بطاعته هو الفقيه الجامع لشرائط المرجعية والفتوى عبر الية الرجوع في الفتيا (التقليد) التي اخترعها الائمة عليهم السلام لتصحيح اعمال العباد وبيانه يتم في عدة نقاط:
الاولى: ان الاحكام الالهية على نحوين:
اولهما: احكام الهية في اصول الدين (العقائد) وفي مثلها لا يجوز التقليد بل يجب ان يكون لدى الانسان دليل على كل حكم عقائدي فيجب ان يكون لديه الدليل على وجود الله تعالى وعلى ضرورة بعثة الانبياء وعلى التوحيد وعلى العدل الالهي وعلى المعاد ولو بالجملة لان معنى العقيدة ما انعقد عليه القلب والقلب لا ينعقد الا بمعرفة الدليل ليذعن وجدان الانسان للمسالة.
ثانيهما: احكام الهية في فروع الدين فالله تعالى عندما خلق الانسان في هذه البسيطة بعث له الانبياء عليهم السلام ليبلغوهم بالأوامر والنواهي الصادرة عن الله تعالى وفي زماننا وردت هذه الاوامر والنواهي في القران الكريم حيث يوجد المئات من الاوامر والنواهي فيه وايضاً وردت في كتب الحديث التي وصلتنا عن طريق علمائنا بروايتهم عن الائمة المعصومين وفيها الالاف من الاوامر والنواهي فهنا العقل يحكم بان هناك اوامر يجب امتثالها ونواهي يجب تركها وهي ثابتة في ذمته وداخلة في عهدته, وان الانسان غير مفوض في اعماله بمقتضى عبوديته وطريق الخروج من هذه التكاليف ينحصر في ثلاث امور لا رابع لها:
الاول: الاجتهاد
الاجتهاد يطلق ويراد به معنيان:
اولهما: الاجتهاد المقابل للنص وهذا النوع قد ذمه ائمة اهل البيت ونهوا عنه وورد في وسائل الشيعة للحر العاملي باب كامل من الاحاديث التي تنهى عن الاجتهاد بهذا المعنى فليس هو المقصود من قولنا الاجتهاد.
ثانيهما: استفراغ الوسع في تحصيل الحكم الشرعي الفرعي وذلك يتم عبر دراسة علوم اللغة والمنطق والفلسفة والفقه والاصول والتفسير حتى تحصل ملكة استنباط الحكم الشرعي لدى المكلف وهذا يحتاج من 10-20 سنة مع توفيق الله لنيل تلك المرتبة العظيمة, قال تعالى:( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) وهذا هو المقصود من المجتهد عندنا الا ان هذا الطريق غير متيسر لأغلب المكلفين لانشغالهم بأمور معاشهم وعوائلهم ومكاسبهم.
الثاني: الاحتياط
وهو الموقف العملي الذي تبرئ به ذمة المكلف من التكاليف لإتيانه بما يستدعي الفراغ اليقيني, وله ثلاثة انحاء احتياط بالفعل واحتياط بالترك واحتياط بالتكرار وهذا الطريق اصعب من سابقه بل يتعسر ويتعذر على اغلب المكلفين لاحتياجه الى العلم والجهد الكبيرين.
الثالث: التقليد
التقليد يطلق ويراد به معنيان:
اولهما: التقليد المذموم الذي نص الكتاب الكريم على ذمه وهو اتباع ما عليه الاباء والاجداد ولو كانوا جاهلين وهذا النوع قد اتفقت كلمة علماء الامامية على تحريمه فليس هو المقصود هنا.
ثانيهما: وهو عمل المكلف على وفق راي الفقيه الجامع لشرائط المرجعية والفتيا بجعل العمل قلادة في رقبة الفقيه امام الله وامتثاله
يعد معذرا للمكلف فيما لو علم عدم مطابقته الواقع وهذا هو المقصود من التقليد في الفروع وهو ايسر الطرق لعموم المكلفين فما بينه وبين تحققه الا ان يعقد العزم على الرجوع للفقيه المعين ثم يعمل وفق ما ادى اليه اجتهاده.
وفي الفترة الاخيرة ظهرت العديد من الافكار التي تحاول حرف الناس عن الطريق المستقيم الذي امرنا الله عز وجل ورسوله باتباعه, وذلك عبر تسويق افكار منحرفة للشباب والناس السذج الذي لا يمتلكون حظا من العلم والمعرفة فتنطلي عليهم الخدعة ويصيروا ادوات لتمرير مشاريع الاخرين في تقويض المذهب وطمس معالمه واثاره من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون, ونحن بحول الله سنتعرض لبيان بعض الادلة الدالة على وجوب التقليد
© Alhawza News Agency 2019