المقالات والبحوث

تأملات في حديث حول الامام المهدي عليه السلام بقلم السيد علاء المشايخي

تأملات في حديث حول الامام المهدي عليه السلام بقلم السيد علاء المشايخي
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


تأملات في حديث حول الامام المهدي عليه السلام
بقلم السيد علاء المشايخي

 

قال رسول الله ص:( "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي يملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما" ).
هذا الحديث من الاحاديث المتواترة عند الفريقين فقد رووه جل علماء ومحدثي العامة والخاصة بأسانيد مختلفة والفاظ تكاد تكون متفقة مع اختلاف يسير ونحن ان شاء الله نحاول ان نضع الحديث على طاولة البحث والتأمل والتدقيق لنفهم اسراره وننهلمن عذب فراته ونستضيء بنوره لان كلامهم كما ورد في الزيارة الجامعة كلامكم نور ونحن جالسين على اعتاب حضرة الغني المطلق الله جل وعلا نلتمس منه نورا ينير به صدورنا وقلوبنا لتكون امنة مطمئنة يوم الفزع الاكبر.
ومن التأمل والتدبر يمكن استفادة مجموعة من المباحث في هذا السفر الكريم نذكر أهمها:
اولا : كلمة ولدي ووردت في بعض الروايات منيوقولهم (المهدي منا اهل البيت) وهما مفاهيم قرآنية حيث ورد عن الله جل وعلا قوله : (فمن تبعني فانه مني ) وهذا معناه ان كلمة مني الواردة في القران والروايات تعني العلقة السببية التامة الكاملة بين النبي من جهة وبين المقصود الاخر وهذه العلقة تكون سببا لحب الله تعالى للآخر قال تعالى: ( ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) حيث ان اتباع النبي والمحافظة على العلقى السببية بينك وبين النبي توجب محبة الله لك ومغفرة ذنوبك كما صرح بذلك الكتاب الكريم فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم, وبما ان هذا الرجل المعبر عنه في الحديث الشريف معد لأكبر مهمة عبر تاريخ البشرية والتي تعتبر النتيجة الصالحة لجهود جميع الانبياء والمرسلين فينبغي ان يكون على اعلى مستويات العلقة السببية بالنبي صلوات الله عليه واله واعلاها هي ان يكون مطيعا تاما وكاملا للأوامر والنواهي الالهية وهذا معناه العصمة بأحد شقيها الواجبة او المستحبة, وسياتي بيان ان المقصود هنا خصوص العصمة الواجبة.
ومنه ينقدح للذهن ان المدار في عالم التشريع وفي عالم القران ليس هو العلقة النسبية, العلقة النسبية لا قيمة لها اذا لم تقترن بالعلقة السببية قال تعالى: (ونادى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِين َقَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) فهنا الله جل وعلا ينفي كون ابن النبي نوح عليه السلام منه لأنه لم يتبع تعاليمه ولم يهتدي بهداه, فالعلقة الاهم عند الله العلقة السببية فاذا اجتمع السبب مع النسب كان بها واذا افترقا فالسبب مقدم على النسب :
لعمرك ما الانسان الا بدينه فلا تترك التقوى اتكالا على النسب
فقد رفع الاسلام سلمان فارس وقد وضع الشرك الشريف ابا لهب
ولذا ورد في حق سلمان: سلمان باب من ابواب الله سلمان منا اهل البيت فكلمة منا معناها هنا كما هو معناها في القران تعني تمامية الاتباع وكمال الاعتقاد.
ثانيا: كلمة يخرج وهذه الكلمة تحتمل امرين كل منهما قال به جمع من المسلمين وهما:
الاول: ذهب علماء ومحدثي المذاهب الاسلامية الى ان المهدي ع رجل يولد في اخر الزمان ويرجع نسبه الى الامام الحسين ع فاثبتوا الانتساب ونفوا الولادة .
الثاني: ذهب علماء ومحدثي مذهب اهل البيت الى ان المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المولود في الخامس عشر من شعبان المعظم لسنة 255 للهجرة في سامراء العراق فيكون عراقي الجنسية ومن ابوين عراقيين وفق النظم الحديثة.
اذن جميع المسلمين متفقون على اصل وجود مصلح عالمي من ذرية الرسول الاكرم يملا الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ولكن يختلفون في انه ولد وهو غائب في زماننا الحاضر ام انه يولد في اخر الزمان, والصحيح هو راي علماء مذهب اهل البيت بدليلين :
اولا: حديث الثقلين حيث قال النبي ص:( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ) ومنه يتبين ضرورة وجود معصوم الى قيام الساعة فاذا ضممنا لها ان خلفاء النبي 12 كلهم من قريش يثبت ان الامام الثاني عشر لا زال حياً وهو المطلوب واستدل له ايضا بما ورد في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ التوبة: 119، وتقريب الاستدلال بالآية: انها ظاهرة بوجوب الكون مع الصادقين ومشايعتهم في اقوالهم وافعالهم, والخطاب الالهي جار في جميع المؤمنين في سائر الازمنة والامكنة، فلابد في كل زمان من وجود صادق يجب اتباعه، وليس المراد بالصادق صادقاً ما والا لزم وجوب متابعة كل صدق وهو باطل اجماعاً، بل الصادق في جميع اقواله وافعاله وهو المعصوم، فيلزم وجود المعصوم في كل زمان ووجوب متابعته، وهذا ما ذكره الفخر الرازي في تفسيره وهو احد اهم علماء العامة ولكنه خصه بزمن النبي

الاكرم ص.
ثانيا: ان عند المسلمين كافة من الروايات التي تدل على العقيدة المهدوية في مختلف تفاصيلها عشرات الالاف من الروايات والقسم الاكبر منها وارد عن النبي وائمة اهل البيت صلوات الله عليهم وهي تثبت بما لا يقبل الشك صحة هذه العقيدة بتفاصيلها وفي محل الخلاف بالخصوص وهو مولد الامام المهدي ع يوجد عندنا جمع من الروايات تقول إنه ابن أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام): 146 رواية, وروايات تقول انه الثاني عشر من الائمة وعددها:136 , والتي ذكرت ولادته الشريفة عددها: 214 رواية, والتي ذكرت ان له غيبة طويلة او غيبتان: 101 رواية, والتي ذكرت ان عمره الشريف طويل جدا: 318 رواية.
وفي هذا الدليل لا نحتاج الى اثبات عصمة الامام بل يكفي انهم في اعلى درجات الوثاقة والنزاهة لقبول قولهم.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار