المقالات والبحوث
الشيخ علی رضا بناهیان: إن نسبة العمل إلى الإيمان ليس من قبيل نسبة الفاكهة إلى الشجرة بل إنما هو من قبيل نسبة الأوراق إليها.
الشيخ علی رضا بناهیان: إن نسبة العمل إلى الإيمان ليس من قبيل نسبة الفاكهة إلى الشجرة بل إنما هو من قبيل نسبة الأوراق إليها.
انظر ما الذي اعتدت عليه؟ فإنك ستعشقه!
نمط_الحياة_أوقع_تأثيرا_من_العلم_والإيمان (الجلسة1) القسم الأول
ربما نبالغ في الاهتمام بالعلم والإيمان، ولكن القرآن قد أكّد على العمل أكثر!
لقد اشترطنا على أنفسنا أن لا نعمل صالحا إلا بعد ما بلغنا ذروة الإيمان والعشق؛ ولكنها رؤية خاطئة.
إن عدم الاكتراث بقيمة العمل بالقياس إلى العلم والإيمان يشكّل ثغرةً كبيرة في ثقافتنا الدينية.
لا يجوز أن نتّهم كلّ ذي نقص في عمله بنقص في إيمانه.
إن عدم الاكتراث بقيمة العمل بالقياس إلى العلم والإيمان والحب وفكر الإنسان يشكّل ثغرة ثقافية كبيرة ولا سيما في ثقافتنا الدينية.
نحن نزعم أن العمل ثمرة العلم والإيمان ونتيجتهما، فلابد أن نزيد من علمنا وإيماننا باستمرار لكي نجني هذه الثمرة. غير أنه ليس من الصواب أن نؤكد بلا انقطاع على زيادة الإيمان و الرغائب المعنوية بصفتها طريقا إلى العمل. نحن في هذا البحث بصدد الوقوف أمام هذا الخطأ الشايع والراسخ بين الناس.
العمل بالطبع هو نتيجة الإيمان والعلم والرغبة؛ ولكن ليس ذلك مسوِّغا لاتهام كل ذي نقص في العمل بنقص في إيمانه، ومن ثَمّ نخطط لشحنه بالمعلومات بغية زيادة إيمانه ورغباته الجيّدة.
ربما نبالغ في الاهتمام بالعلم؛ يعني نزعم أن مشاكل الإنسان تعالَج بتعليمه، أو نزعم أن العلم أكثر تأثيرا من العمل، أو أن التعليم هو أول ما يجب أن نبادر به دائما! ولكن ليس التعليم هو الخطوة الضرورية الأولى دائما، إذ ربما يقتضي استيعاب بعض المعلومات قابليةً، كما قد يقتضي الانتفاعُ بالمعلومات قابليةً أيضا، وإنما تحصل هذه القابلية بالعمل.
الاهتمام المُفرِط بالإيمان والحبّ يعني أن نعمد إلى تعزيز إيماننا ورغباتنا من دون إصلاح سلوكنا ونوصّي غيرنا دائما بتصعيد الإيمان! هذا وأن الله قد أكد في القرآن على العمل أكثر ممّا أكد على زيادة الإيمان. كما أن القرآن لم يُكثر في استخدام كلمة "واعلموا" ولكن ما أكثر ما أمر بعملٍ ما.
لقد جاء في القرآن كرارا «اتقوا الله» والمتقي هو من راقب عمله. ثم ذكر مصاديق ومفردات من الأعمال وقال افعلوا كذا... اعملوا كذا...
إن اعتبرنا العملَ ثمرةَ الإيمان، عند ذلك لا نعمل إلا بعد ما غَمَرنا نشاطٌ واندفاع شديدان! فإن قيل: لماذا لا تصلي في أول وقتها؟ قلنا: "لستُ متحفّزا لذلك" فكأننا مترقبون أن نصبح كأحد العارفين الواصلين ونبلغ ذروة الإيمان والعشق، لنعمل بعد ذلك صالحا. هذه هي رؤيتنا العامة عن العمل ولكنّها خاطئة.
إن نسبة العمل إلى الإيمان ليست من قبيل نسبة الفاكهة إلى الشجرة بل إنما هي من قبيل نسبة الأوراق والأغصان إليها. كما أن أوراق الشجرة تتلقّى الأكسيجين والنور ثمّ تقوم بتقوية جذور الشجرة غبر عمليّة التركيب الضوئي، كذلك العمل يؤول إلى تعزيز الإيمان. فبمجرّد أن أدّي نَزْرٌ يسيرٌ من الإيمان إلى العمل، تبدأ حركة الإنسان ثمّ يُصبح هذا العمل نفسُه سببا لتعزيز الإيمان.
كم نحن بحاجة إلى المعلومات؟ لا نحتاج إلا قليلا! وكم نحن بحاجة إلى العمل؟ كثيرا! إذ أن العمل والسلوك أوقع تأثيرا في الإنسان من العلم. لأنه قد لا يرقى العلم إلى درجة التأثير، ولكنّ العمل مؤثّر قطعا. كثيرٌ من الناس يعلم ولكنّه لا يفعل وعلمه خالٍ من التأثير، فلا يؤمن ولا يعشق. وما أكثر العلم الخالي من التأثير ولكن لا عملَ دون تأثير. إن أثر العمل قطعيّ، إن كان مصحوبا بشرائطه.
قد لا يرغّب العلمُ الإنسانَ ولكنّ العملَ يرغّبه قطعا، ومثال ذلك هو «الأنس». فعلى سبيل المثال قد تمرّ بجدار مدرستك في أيام الصبا، فتحنّ إليها وتقول: «آه... إنه جدار مدرستي» وذلك لأنك قد أنست بجدار مدرستك وعشقته! ولكنك لم تعشق الله والفضائل على الرغم من كل المعلومات التي تحظى بها عن الله والفضائل.
إن أردت أن تعشق شيئا، فاعشقه بالعمل والسلوك! وإن شئت أن تعشق الحسين (ع) فقل في صبيحة كلّ يوم وفي ساعة محدّدة «صلى الله عليك يا أبا عبد الله» وقل: «يا حسين! بودّي أن أعتاد عليك لكي أعشقك ولكي أكون عارفا بحقّك» فإنّ من شأن العادة أن تبلور العشق في وجود الإنسان.
نحن نكره العادة غالبا، فيقول أحدنا: «لا أريد أن أتعوّد»! في حين أن عادات الإنسان هي التي تشكّل عصارة وجوده. فقد قال الإمام الباقر(ع): «عَوِّدُوا أَنْفُسَكُمْ الْخَيْرَ»(الخرائج/۲/۵۹۶) فعوِّد نفسك الخير لكي تصبح عاشقا وعارفا! وانظر على ماذا اعتَدت؟ فإنك ستعشقه! إن الأمر بهذه البساطة! فلا يُنجز بمطالعة الكتاب! وهل يمكن أن يحصل بالقوّة كُرهاً!
#جامعة_الإمام_الصادق – 29/ذي الحجة/1439
© Alhawza News Agency 2019