المقالات والبحوث

سلسلة: أشهدُ أنّ دمَكَ سكنَ في الخُلد(5) الشيّخ عماد الهلالي

سلسلة: أشهدُ أنّ دمَكَ سكنَ في الخُلد(5)   الشيّخ عماد الهلالي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

(5)سلسلة: أشهدُ أنّ دمَكَ سكنَ في الخُلد

الشيّخ عماد الهلالي 

 

5ـ (أشهدُ أنّكَ حجّةُ اللهِ وابن حجّتهِ)

 

حجّة الله أي ما يحتج الله به على العباد.

 

وفي أي موضوع؟ 

 

قد يقال أنه يحتج عليهم إذا أذنبوا، أو إذا أنكروا الخيار الديني الصحيح، أو إذا قالوا ما جاءنا من نذير وليس لنا من يعلمنا، وقد يكون في الإيمان بالله عز وجل تكويناً.

 

أمّا حجّة الله على من أذنب فهو أن يقال له أن الحسين (عليه السلام) مرّ بظروف قاسية ومع ذلك التزم طاعة الله ولم يعصه ولم يتهاون في دينه، فلا عذر للمذنب حينها، وهذا الاحتجاج قد يكون يوم القيامة وقد يكون في نفس المذنب حين يريد أن يبرر لنفسه فإنه سيحضر في نفسه موقف الحسين (عليه السلام)، وهو من رشحات الوعي في يوم القيامة أيضاً.

 

وأمّا حجّة الله في التكليف والخيار الديني فإنه (عليه السلام) كان واضح المسار في رفض بني أمية ورفض الإسلام الأموي فإذا جاء شخص وقال أنني لا أعرف الإسلام وما هو موقفه من كذا وكذا لأن الحكام المسلمين فعلوا ما لا أقبله وما لا حجة فيه، فيقال له إنك لا يمكن لك أن تحمل الإسلام أفعال بني أمية لأن الحسين (عليه السلام) سيد شباب أهل الجنة رفض هذا النموذج المزيف للإسلام، وهذا إحدى الحجج من هذا المستوى.

 

وأمّا حجّة الله على من يدعي أنه ما جاءه من نذير، فإنه سيقال له إن الحسين (عليه السلام) نذير لك ومنبّه لك على أهمية الإيمان بالله والقضية الدينية التي كانت حاضرة عنده بحيث لم يتنازل في سبيلها أي تنازل، وقد وصلت قصة الحسين (عليه السلام) ومواقفه إليك وكان ينبغي عليك أن تبحث عن سرّ الصراع الدامي، فليس من المعقول أن ملحمة مدوية مثل الطف تحصل وأنت لا تسمع عنها شيئاً، ولو اطلعت عليها لعلمت بسهولة أين يكون الحق وأين يكمن الباطل، ولا تأتي البطولات والنبل الذي جاء به الحسين إلا من الحق، ولا تأتي الخسة والنذالة التي جاء بها أعداء الحسين إلا من الباطل، فكان يمكنك معرفة الحق والباطل وخطورة القضية الإلهية من هذه القضية أو على الأقل كانت ستنبهك وتبعثك على البحث والتنقيب، وستثيك فيك دوافعها العاطفية والعقلية.

 

وأمّا الحجّة التكوينيّة على الإيمان فإن الله سبحانه لا يُعرف بصورة ولا بوهم وخيال، وهناك شيء في الأنفس يجعلها تؤمن بالله عز وجل إذا قدمت المقدمات وأزالت الموانع عن منبهاته وموجهاته، وهذا الارتباط كأنه من يد الغيب ومن عطاء الله عز وجل، وهو موجود في كل نفس.

 

ومع الإيمان بالله هناك نذير ومنبّه إليه بحيث لا يمكن إهماله، وهناك شوق وحب للوصول إلى قربه، وهذا المقامات وإن كانت موجودة في سلسلة الخلق والتنزل إذ أن أول ما خلق الله النور ثم أقامه في مقام القرب ثم في مقام الحب ثم في مقام الرجاء.. ولكن ليس من السهل أن يعود الإنسان القهقرى، فكان للأنبياء دور في تعبيد طريق العودة، وإظهار تلك المقامات في النفوس بقوس صعود أو طريق عودة مناظر، وبداية العودة تكون من إلفات النفوس إلى آيات الله في الخلق وأسمائها الملكوتية وهي أول تأسيس من آدم (عليه السلام) ثم تتابع الأنبياء لإظهار طريق العودة إلى الله، حتى وصل الأمر إلى الإمام الحسين (عليه السلام) فأدى أمانته القديمة بإظهار مقام الحب والفناء في الله للوصول إلى قرب لا تحول بينه وبين الله فيه الأنانية. 

وصار ذلك المقام حجة لله على الناس في مقام الحب، وظهر نوره في النفوس ببركة الحسين (عليه السلام). 

ولو أن البشرية انحرفت عن طريق العودة إلى الله لكان ذلك أقرب إلى هلاكها وإفنائها لأن المسيرة الكونية والسماوات والأرض وكل شيء قائم بالحجة كما في الحديث، وقيامة بالحجة وقوامه يعني أن كل تنزلاته التكوينية مشتقة من تلك الحجة الأولى وآخرها الحجة التي تناسب ذلك الشيء في الفعل والصفة والموقف المحدود، ولولا الحجة لساخت الأرض بأهلها. وهذا الموضوع من أثرى المواضيع العقائدية ولا بد من التركيز عليه والتوسع فيه، وإن لم يتسع المجال الآن فسنعود له في آونة أخرى إن شاء الله تعالى.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار