المقالات والبحوث
البحث الذي قدمته مديرة مجمع المبلغات الرساليات -فرع الرصافة الثانية الاستاذة : وجدان الشوهاني في المؤتمر السنوي الثالث ليوم المنبر

البحث الذي قدمته مديرة مجمع المبلغات الرساليات -فرع الرصافة الثانية
الاستاذة : وجدان الشوهاني
في المؤتمر السنوي الثالث ليوم المنبر
الذي اقيم في المنصور جامع الرحمان
والذي حمل عنوان
الخطابة النسوية بين القصور والتقصير
________
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
يقول الله في محكم كتابه الكريم
((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ))
ومن هنا نقول إنَّ المنبر أمانة في أعناق مَن يرتقوه سواءً كانوا خطباء أم خطيبات فَهم ما بين أن يكونوا ممّن صان الإمانة فاجتنبوا الظلم والجهل أو لم يصونوها فوقعوا في نفق الظلم والجهل بصيغتهما المبالغة التي أشارت لها الأية الكريمة وحيث إنَّ الكلام في الخطابة النسوية بالخصوص فنحن نسلّط الضوء على الجانب النسوي من المنبر ونطرح من خلال عنوان البحث ثلاث أمور مهمة سنقف عليها لبيانها وهي
الأمر الأول / ما المراد من الخطابة النسوية ؟
الأمر الثاني / هل هناك قصور ؟
الأمر الثالث / أين التقصير ؟
ونبدأ بالأمر الأول
ما المراد بالخطابة النسوية ؟
وهنا جوابان أحدهما حتماً سيكون هو الصحيح
فأما الجواب الأول هو إنَّ المراد من الخطابة النسوية هو تعلَم وأجادة فن الخطابة والقاء الشعر الحسيني لذرف الدموع على مصيبةٍ بكى لها حتى الأنبياء
وأما الثاني فهو إنَّ المراد منها هو أن تكون مبتنية على الوعي الديني والمعرفة العاشورائية من خلال بيان رؤى أهل البيت (ع) بخصوص فاجعة عاشوراء وما خلّفتها من ثقافات وشبهات تحتاج الى كشف النقاب عن أجوبتها حتى نتمكن من تصدير نهضة الحسين (ع) للعالم أجمع فنستلهم العِبر من تلك النهضة وعند ذاك أمكن أستنزال العَبرة
اما عن الصحيح من الجوابين فنقول
أن كان الأول فالساحة اليوم حافلة بالخطيبات الحسييات
وإن كان الثاني فالجواب مؤلم لأن الساحة تكاد تكون خالية من هذا النوع من الخطيبات
وحيث إنَّ احد الجوابين هو الصحيح فنحن مع الجواب الثاني ودليلنا على صحته هو
إنَّ الخطابة فن من الفنون التي أشار لها القران وما ذلك الّا لأهمية المنبر لأنه يًعد الرافد المهم والأساسي لتغذية المجتمع والأمة بما يحتاج اليه ومن هنا كان المنبر وما زال مقدّساً ويمتلك من المكانة في نفوس الناس ما لا يمتلكه فنٌ آخر ولعل ارتباطه بالحسين (ع) اضاف له منزلة أعلى من السابق وحيث إنَّ المرأة هي واحد من أهم اقطاب هذا المجتمع لأن الرجل المرأة قطبي المجتمع بل إنها القطب المهم لكونها المعلم الأول في المجتمع الأصغر المسمّى بالأسرة وهذا المعلم هو اول من يغذي مجتمعه الصغير بما يحتاجه فإن كان المعلم غني بالمعارف رصين العقيدة وصحيح الفكر سنضمن مجتمعاً مثقفاً بثقافة أهل البيت (ع) إن كان الأختيار صحيح وإن كان المعلم غير واعٍ فالنتيجة تكون عكسية ومن هنا يتضح إن المراد من الخطابة النسوية هو الجواب الثاني وعليه ندخل في الأمر الثاني
هل هناك قصور ؟
والكلام في هذه النقطة مهم لكون الساحة اليوم تكاد تكون خالية من الخطيبات المثقفات بالثقافة الحسينية كما أشرنا
فهل في المرأة قصور من حيث الوعي والأدراك
وهل إنَّ الساحة الاسلامية عموماً والعاشورائية خصوصاً لم تعطنا أنموذجاً للخطابة النسوية
ألا توجد قدوةً وأسوةً نتأسى بها
ألم تكن مولاتنا زينب (ع) أول خطيبة حسينية خلّفتها عاشوراء كما كان الإمام السجاد (ع) أول خطيب حسيني
وبالتالي فنحن نمتلك أهم خطيبة حسينية تمتلك من الوعي والأدراك ما لا يمكن تصوره حتى خاطبها المعصوم بقوله ( أنتِ عالمة غير معلَّمة )
قد أخذت على عاتقها بعد ما جرى في عاشوراء تثقيف النساء بالثقافة الحسينية وبمفاهيم الحسين (ع) التي خرج من أجلها حتى شكَّلت مولاتنا زينب (ع) نقطة خطر على الحكم الأموي فجاء الأمر بترحيلها من مدينة جدها الى الشام او مصر على الاختلاف في ذلك في حين إنَّ الإمام السجاد (ع) مع كونه الخطيب الأول لم يتعرض للترحيل كمولاتنا زينب (ع) ليس لأن هناك خللاً في عصمة أو إمامة أو ثقافة الإمام (ع) حاشاه بل لان المرأة تمتلك من العاطفة ما لا يمتلكه الرجل وبإمكانها خلق جيل حسيني بكل سهولة إن كانت واعية ومدركة لأبعاد تلك النهضة وهذا هو السبب الذي دعى الحكم الأموي لأتخاذ أمر ابعاد مولاتنا زينب (ع) حتى يضمنوا السيطرة التامة على زمام الأمور ولا يفتحوا باب النهضة على حكمهم الظالم
وبالتالي لا قصور في المرأة ولكن هناك تقصير واضح وهذا هو آخر الأمور في بحثنا وهو
أين التقصير ؟
فمن المؤسف اليوم أننا نجد الخطابة النسوية لا تليق بالفكر الحسيني
لأن الحسين فكرة وسلوك وعقيدة بل إن الحسين هو الأسلام كله ولسنا نطالب المرأة بإن تكون مجتهدة حتى تتصدى للمنبر بل نطالب بإن تكون على الأقل ملَّمة بأهم الأمور المعرفية على مست
وى العقيدة والسلوك العملي
فالتقصير واضح للعيان والدليل عى وجود تقصير هو إننا مع كوننا نجد إن ساحة الخطباء عامرة بالخطابة ولعلها بلغت ذروتها في يومنا هذا لكن نجد إنها لا تؤثر بالشارع تأثيراً قوياً وذلك لان القطب المهم معطَّل
كما وان ساحة الخطابة النسوية بالمعنى الأول يمكن أن نقول عنه بإنه عامرٌ بالخطيبات لكنه لا إثر له ايضاً بل يكاد يكون خطير ويشكَّل كارثة حقيقية لكونه يغذي المجتمع بخرافات واساطير لا تمت للحسين (ع) بصلة وترك الساحة لهكذا نوع من الخطابة النسوية ينبيء بخطر لنسف المنبر الحسيني النسوي
ومن هنا فنحن اليوم نحتاج الى وقفة حقيقية وندعوا جميع النساء للأنخراط في الجامعات الحوزوية لكي يتثقفن بثقافة أهل البيت (ع) وعلى المثقفات اللواتي تثقفن بثقافة اهل البيت (ع) اللواتي تعلَّمن علومهم (ع) أن لا يقفن مكتوفات الايدي
فالمنبر أمانة وصيانة الامانة يكون بتصحيح مسار الخطابة النسوية والسير بها بالاتجاه الصحيح لان المنبر هو الرافد المهم لتغذية المجتمع بما يحتاج والمرأة هي اهم اقطاب هذا الرافد ففي تصحيح مساره سنضمن ثقافة حسينية تأخذ على عاتقها تمهيد الطريق لظهور الإمام الحجة (عج) وخلق قيادات مهدوية
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
© Alhawza News Agency 2019