المقالات والبحوث

مؤهلات الحوار مسؤولية أخلاقية بقلم الشيخ عماد مجوت

مؤهلات الحوار مسؤولية أخلاقية     بقلم الشيخ عماد مجوت
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

مؤهلات الحوار مسؤولية أخلاقية 

 

بقلم الشيخ عماد مجوت

 

 

   مدنية الإنسان تفرض عليه التحرك في الوسط الإجتماعي , ولا يمكن له أن يعيش منطويا على نفسه , وهو ما يدعوه لأن يتلمس وسائل التعامل مع الأخرين من جهة , ووسائل الأقناع من جهة اخرى , ومن هنا كان للقرآن الكريم طريقته الخاصة في تأصيل وسائل التعامل والأقناع في آن واحد , والأساس فيها أن يكون صاحب روح مرنة قابل لأن يستوعب الآخرين , وهو ما يعبر عنه القرآن بشرح الصدر : " أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ "(الشرح:1) . ويقابله الأنقباض وعدم الأريحية , كما في قوله تعالى :" فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ " (الأنعام:125) . 

 

  ومن هنا كانت ثقافة الحوار متوقفة على هذه الأريحية , قال تعالى : " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ "(آل عمران:159) . وهي التي تمثل ركيزة التصدي للحوار كما عن أمير المؤمنين (عليه السلام) :"آلة الرئاسة سعة الصدر"  (نهج البلاغة: الحكمة 176) . والذي لا يملك هذه الأريحية فأنه يوجب تعكير صفو الإخاء , أو زيادة الشحن والتوتر في ما بينهم , قال تعالى :" وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " (العنكبوت: 46) . فالأصل عدم جواز الجدال إلا بالتي هي أحسن , والأخذ بالمشتركات .

ومن هنا كانت وسائل التعامل هي وسائل الأقناع , وهذه هي المعالم الأساسية التي رسمها النبي (صلى الله عليه وآله) حيث يقول : " إن الرفق لم يوضع على شئ إلا زانه ، ولا نزع من شئ إلا شانه "(ميزان الحكمة :ج4ص106) . وعنه (صلى الله عليه وآله): لو كان الرفق خلقا يرى ما كان مما خلق الله شئ أحسن منه (ميزان الحكمة :ج4ص106).  وعنه (صلى الله عليه وآله): إنا امرنا معاشر الأنبياء بمداراة الناس كما امرنا بإقامة الفرائض (ميزان الحكمة :ج4ص106) . فالمعاملة الى جنب الفرائض , ولا معاملة لتحقيق النجاح إلا أريحية الخلق .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار