المقالات والبحوث

الدعوة إلى الله بقلم فاتن طاهر الاسدي

  الدعوة إلى الله    بقلم فاتن طاهر الاسدي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

 

 المجمع العلمي لجامعة الزهراء 

 

 

 الدعوة إلى الله 

 بقلم فاتن طاهر الاسدي

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (25) سورة يونس .

 

الدعوة الى الله شرف لايناله الا من يحبه الله .. فما هى الا استعمال من الله أراده لعبده لينال بذلك شرف التأسى بالانبياء والسير على نهج الصالحين والتمتع بحلاوة القرب منه سبحانه وتعالى .. فاذا أردت أن يحبك الله فاسأله دائما أن يستعملك لا أن يستبدلك . 

( قل هذه سبيلى أدعوا الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين ) يوسف 108 .

 

 

الى فتاة الدعوة

 

لم تكن الدعوة الاسلاميه مقتصره على الرجال فقط ولم تكن حكرا عليهم ، انما دخلت المرأة المسلمه ميدان الدعوة وعملت به بل وان اول من اتخذت هذا الطريق ( الدعوة الى الله ) هي سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام فقد كانت تتصدى للاجابة على اسئلة النساء وكانت داعية بالرغم من صغر سنها بابي هي وامي , وقد وصلنا عنها الكثير من الروايات  الصحيحة التي تناقلتها الاجيال المسلمه الى يومنا هذا .

 

 

حكم عمل المرأه في الدعوة :

 

كما أن الرجل مطالب بالدعوة إلى الله تعالى على قدر علمه واستطاعته فكذا المرأة مطالبة بالدعوة إلى الله تعالى على قدر علمها واستطاعتها، ويدل على هذا عموم قول النبي صلى الله عليه واله : بلغوا عني ولو آية.. وهذا الخطاب وإن كان موجها للرجال إلا أنه يشمل النساء أيضا لعدم ورود ما يدل على التخصيص، والخطاب إذا ورد بلفظ المذكر كان خطابا للنساء ايضاً إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها...

 

 

 

فضل الدعوة الى الله : 

ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله  : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لاينقص ذلك من أجورهم شيئا "  

قال تعالى (وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) .. فالقرى وإن كان فيها ظلم لا تهلك إذا قام فيها المصلحون بما يجب عليهم من الدعوة والعمل لله .. فإذا غلب على القرية الإصلاح حفظها الله من العقوبات الدنيوية .. بفضله ومنه سبحانه . 

الداعية مأجور حتى بألمه ونَصَبه ، فالأجر عند الداعية غير مرتبط بما يقوله فقط .. ولكن كل أمور الدعوة والجهاد في سبيله مأجور عليها المؤمن حتى التعب والمعاناة .. (إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون) فهل يكون هؤلاء البعيدين عن الله وتعاليمه أكثر تفاعلا في دعوتهم وهم الذين لا يرجون هذا الأجر العظيم والرزق الكبير .. حتى في الألم والضيق .. 

 

 

 

 أجر الداعية

  

 فأجره على الله .. ولا يأخذه من العباد .. ولذا كان عظم الأجر .. فالكريم لا يعطي لمن يحب إلا عظيما .. فأي أجر أعظم من أن يكون المعطي رب العالمين ومالك الأملاك وأكرم الأكرمين .

 

 

اشكالات العمل الدعوي :

 

*** الضعف والوهن الروحي :  

فالضعف بقيام الليل والتكاسل للصلاة وقلة إلاقبال والتوجه الروحي الى الله.....وقراءة القران ... وقلة الإقبال على الدعاء ......كل ذلك واكثر أصبح صفة للمعظم من الدعاة  وهذا مؤشر خطير على الانحدار في تربية وبناء الدعاة  مما يؤثر في العمل ويعكس صورة غير جيدة للدعاة , لذا ندعوكم للعودة لدعوة الإسلام وتربيته الدعوية الروحانية وندعوكم لـ : 

1) تخصيص وقت  يومياً لقراءة  القران الكريم  

2) الصلاة فوراً متى ما سمعت النداء " لما في ذلك من الاجر وتهذيب النفس . 

3) الدعاء .... فالأصل فيك أيتها الداعيه ان تكون يديك دائما مرفوعتان الى ربك تساله .... تدعوه بما في قلبك ليرفع الظلم عنا و ليحقق لنا نصره الذي وعد به عباده المؤمنين المستحقين لذلك النصر  

4) الحرص على قيام الليل ....  

5)البناء الذاتي .... فعليك ايتها الداعية الحبيبة ان تبادري لبناء نفسك واعدادها لتكوني على قدر المسؤولية وان لا تنتظري ان يبنبك انسان اخر , ويمكن ذلك عن طريق : قراءة الكتب بان تخصصي لنفسك ساعة يوميا لقراءة الكتب الدعوية التربوية و ان تستمعي للمحاضرات  .  

6) زيارة المرضى والمستشفيات وعوائل الشهداء والايتام والمحتاجين .. لتهذيب النفس وتذكر فضل الله عليك بصحتك وعافيتك ، بالاضافه الى بث روح المحبه والموده والعطف بين الناس . 

7)  الحرص على اداء النوافل , بالاضافه الى العلاقات الاجتماعيه التي تخدم الداعيه في دعوتها . 

 

*** انغماس وانشغال الكثير بامور الدنيا....  

فبعض الدعاة لا يعطون الدعوة الا  فضول أوقاتهم ..... والله تعالى يقول ( يا ايها الذين امنوا لا تلهكم اموالكم و اولادكم عن ذكر الله ) .... فلا نريد دعاة منشغلين بامور دنياهم ولا يعطون دعوة الله الا فضائل اوقاتهم .  

 

*** الابتلاء وسقوط الداعية: .... 

فقد يتساقط البعض نتيجة مغنم مادي او صديقه سيئه او خوف وضعف في النفس ....

 

والحل هنا عائد للداعية نفسها فالأصل بكل داعية سارت بهذا الطريق ان تعرف انه لا بد من الابتلاء ولا بد من الاختبار قال تعالى ( احسب الناس ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) ، وتاريخ الدعوات مليء بالمحن والاختبارات والكثير من الدعاة الذين ثبتوا على الحق.  

إن الابتلاء عطاء من الله لمن أحبهم من عباده، ومنحة عظيمة لمن اصطفاهم من رسله وأنبيائه وأوليائه، ولا يدرك هذه الحقيقة إلا من مسَّ الإيمان شغاف قلبه، وصار الله ورسوله واهل بيته أحب إليه مما سواهم ، فذاق طعم الإيمان، ولمس حلاوته، فغدا العذاب في سبيله عذبًا سائغًا شرابه، والنعيم في هجره ملحًا أُجاجًا .

 

*** الاخلاق :  

احد أهم الأسلحة التي يُحارب بها الداعية .... فان تجاهلت هذا السلاح قُتلت فيه ..... فالداعيه حيث كانت وفي اي زمن فهي تعكس صورة عن دعوتها وعن إخواتها فلتحرص ان تكون هذه الصورة صافية نقية .. وتكون على قدر المسؤوليه التي وضعت لها ، وكم من قلوب تستطيع ان تدخلها وتتملكها باخلاقك وتعاملك . 

 

*** التعلق بالاشخاص : 

ظاهرة خطيرة وتساهم في الهدم .....فالداعيه الصادقة  عندما ارتضت لنفسها ان تكون ضمن صفوف هذه الدعوة فقد اخترات فكرة ومنهج ولم تختر أشخاص , فان تاه الشخص او ضل او تساقط عن الطريق فلا يعني لك ذلك أن تتركي الدعوة او ان ضعفا بالدعوة كان السبب في سقوطه، فمن الخطأ التمسك بالعروه من اجل الباب  ومن الخطأ ايضا ترك الدعوة بسبب الاشخاص 

 

*** عدم وضوح الهدف : 

فقد تجد احيانا أن الداعية لا تدرك حقيقة هدفها من الدعوة ، ولا تعلم مقدار الأمانة التي تحملها . 

 

 

ميادين الدعوة :

 

١_ المدرسه والجامعه : مصدر هام وكبير من مصادر الدعوة إلى الله تعالى لكل فتاة من فتيات الإسلام تاقت نفسها إلى العمل من أجل نصرة دين ربها سبحانه وتعالى، وذلك نظرًا لهذه الكثافة العددية للطلاب، بالإضافة لقضائهم فترات طويلة وعلى مدى سنوات مع بعضهم البعض. 

 

١_ المساجد والحسينيات : إن المساجد هي بيوت الله في أرضه و مكان لإعلان العبودية له و مقر لعباده المتقين فيها يتربى المؤمنون و من محاريبها يتزودون الإيمان ، و من فوق منابرها يذكرون و ينصحون و يدعون إلي الإيمان و الخير، و في ساحتها يتلقون العلم و معرفة الحلال و الحرام , و قد ملئت بأشخاص يحسون بنعمة الأخوة و الألفة و الوئام، تلتقي متراصة كالبنان ، فتتفاعل القلوب و يرتبط بعضها ببعض ، و تزداد محبة و وثاقًا ، فتزكوا نفوسهم و تطيب قلوبهم، فتمتلئ رحمة و حنانًا على بعضهم ، و عطفًا على فقيرهم و معوزهم، و شفقة على صغيرهم  و مريضهم ، و تتفاعل أشخاصهم ، فتنطلق متعاونة فيما بينها على البر و التقوى في كل أمر من شأنه الصلاح، و يحقق للمجتمع الفلاح و للأمة النفع و الخير و النجاح، وللداعيه المسلمة مكان هام في المسجد والحسينيات فهي قادرة على تجميع الفتيات لحلقات التحفيظ وتجويد القرآن الكريم بالاضافه الى عقد حلقات العلم لتعليم المسلمات امور دينهن وما يخصهن من الشرع ، والداعيه المسلمه ستكون قادره بسهوله على التعرف على احتياجات اخواتها المسلمات في المجتمع الذي تعيش فيه ، وبالتالي قادره على ايجاد الحلول المناسبه والتوضيحات حول الامور المبهمه لدى النساء. 

 

٣_ المنزل والمجتمع :  

أنّ البناء الذي تمارسه المرأة في المجتمع تارة يكون عملاً مباشراً، وأخرى من خلال علاقتها النفسيّة والأخلاقيّة بالزّوج والأبناء. فالزّوجة التي توفِّر أجواء الراحة وحُسن المعاشرة للزّوج وتحقِّق له الودّ والمحبّة والاستقرار النفسيّ كما ينبغي للعلاقة بينهما، فانّ مثل تلك الأجواء النفسيّة تؤثِّر على شخصيّة الزّوج وعلاقته الاجتماعيّة بالآخرين وفي قدرته على الإنتاج والعطاء، ذلك لانّ الوضع النفسيّ للانسان يؤثِّر في مجمل نشاطه وعلاقاته بالآخرين.  

أمّا حينما تكون الحياة الزوجيّة مليئة بالمشاكل والقلق والتوتّر، فانّ ذلك ينعكس على شخصيّة الزّوج وعلى عمله وانتاجه وعلاقاته بالآخرين. وكما تنعكس الأجواء النفسيّة في الأسرة على الزّوج، تنعكس كذلك على الأبناء. 

 

 

 من وسائل الدعوة إلى الله : 

هناك عدة وسائل تفيدالاخوات في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: 

أولًا: التوجيه الفردي: 

أو النصيحة الفردية، وهي كانت دعوة النبي صلى الله عليه واله أولًا، كان بعد نزول الأمر بالبلاغ، يكلم الناس على حدة، يكلم كل واحد منهم على انفراد يبلغه رسالة الله تعالى. 

إرشادات للدعوة الفردية: 

1- ليكن شعارك في الدعوة إلى الله تعالى قوله سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك} ، وقول الله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} ، فباللين والحكمة تفتح لك القلوب المغلقة.

 

2- اجعلي نصيحتك في السر لا العلانية؛ فكما قيل: النصيحة في السر نصيحة، والنصيحة في العلن فضيحة، فالنفس البشرية تأبى الظهور في محل النقد، لذلك لا تنصحي زميلاتك علانية. 

تعمدني بنصحك في انفرادي             وجنبني النصيحة في الجماعــة 

فإن النصح بين الناس نــوع              مـن التوبيخ لا أرضى سمـاعه 

3- لا تنكري إلا على ما تتأكدين أنه مُحرَم، ولا تنكري على أمر تظنينه محرمًا، فإنه يشترط العلم بتحريم المنكر لإنكاره. 

4- تحيني الأوقات المناسبة للنصيحة حتى يكون ذلك أدعى للاستجابة، فلا تنصحي مثلًا زميلتك وهي مشغولة، أو وهي في مزاج سيء. 

5- قبل أن تشرعي في النصح قدِّمي بين يدي ذلك التعارف والابتسامة، والسؤال عن الأحوال . 

6- يمكنك الاستعانة بالغير في النصح، فمثلًا إذا أردت توجيه النصح لفتاة ورأيت زميلة لها مقرَّبة إلى قلبها يمكنها نصح زميلتها فيمكنك الاستعانة بها، فالذي يهمنا هو توصيل الحق من خلال أي طريق مشروع. 

7- الهدية تفتح القلوب المؤصدة وتؤلف القلوب، فاحرصي قدر المستطاع على بذل الهدية لمن ترغبين في دعوتها. 

8- ابدئي بمن تكون مظنة الاستجابة لدعوتك، حتى تكون رفيقتك على درب الخير، وتعينك على طاعة الله وأمر الدعوة إليه.  

9- إن قوبلت دعوتك بعدم القبول فلا تيأسي، فإن الأجر يأتيك بالجهد لا يتوقف على النتائج، وإن من أنبياء الله من لم يستجب لهم سوى رجل أو رجلان، ومنهم من لم يستجب له أحد على الإطلاق، ومع ذلك هم بلِّغوا كما أمرهم الله، فما قصَّروا في تبليغ الحق إلى الأنام) 

 

ثانيًا: توزيع المواد المسموعة والمقروءة: 

فيمكنك اختي الداعيه أن تقومي بالدعوة إلى الله دون الحاجه الى لباقة أو قدرة على الإقناع، وذلك عن طريق إهداء الشريط الهادف أو \"السي دي\" مسجل عليه مواد نافعة من مواعظ وخطب تحفز إلى التزام طريق الخير. 

وكذلك بتوزيع الكتيبات الصغيرة والرسائل، وهي تمتاز بسهولة إكمال قراءتها بالكامل نظرًا لصغرها، كما أنها تتناول غالبًا موضوعًا محددًا. 

ثالثًا: الانترنت: 

فيمكنك أن تدعي صديقاتك ، وترسلي إليهن \"إميلات\" يرفق بها ملفات طيبة كالمواعظ أو الحكم أو القصص المؤثرة، فهي وسيلة طيبة، حيث أنها تقرأها على انفراد، وليس فيها تعرض لشيء من الإحراج قد يكون مع الاتصال المباشر. 

رابعًا: المشاركة في الأعمال الخيرية: 

فيجب أن تكوني عنصرًا فاعلًا يفيد الناس، فساهمي في أي أنشطة وأعمال خيرية في الجامعة، وبإمكانك التنسيق مع صديقاتك الطيبات في التفكير في طرق لإفادة الزميلات في الجامعة، وتفعيل تلك الأفكار. 

فعلى سبيل المثال: يمكن القيام بتلخيص المحاضرات ومنحها لمن يريد أن ينسخها؛ حتى يكون في ذلك تسهيلًا على زميلاتك. 

والرسول صلى الله عليه واله يقول: (والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه)، والمؤمن معطاء باذل للمسلمين، يحب لهم الخير، ويسعى في حاجاتهم؛ لأنه تربطهم به رابطة تفوق كل وشيجة، وهي رابطة الأخوة الإيمانية. 

 

 

كوني زهرة الامل :

 

أن الطريق إلى المعالي في هذه الدنيا ليس مفروشًا بالسجاد ، ومن ثم فإن من المهم جدًّا أن نفكر جيدًا في المصير الذي سنئول إليه , وإن العمل من أجل المستقبل الدنيوي والأخروي سيظل ضعيفًا ما لم نجعل لأنفسنا أهدافًا واضحة، ونقوم بالعمل من أجلها على نحو صارم وجاد، وقد ثبت مما لا يحصى من التجارب والمشاهدات أن الوقت سوف يتفلت من بين أيدينا، ويضيع سدى ما لم نضغط عليه بآمال وأهداف مستقبلية.  

أختي الداعيه ....... كوني زهرةً للأمل تنشر عبق رائحتها الزكيه في الاجواء ليُزهر الامل من جديد في الارض القاحله ، واعلمي انك ستكونين زهرة للامل بفجر جديد للاسلام المحمدي على يد سيدنا ومولانا الحجة ابن الحسن روحي لتراب مقدمه الفداء .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار