المقالات والبحوث
لـــمن أراد النــــــجاح....! رؤية قرآنية
لـــمن أراد النــــــجاح....! رؤية قرآنية
بقلم: الشيخ محمد الجوراني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين واللعنة الأبدية الدائمة على أعدائهم أجمعين
النجاح غاية أي إنسان يسعى للكمال وينشده دوما في حياته وسلوكه وفكره ولا يكاد هذا المفهوم يختلف فيه احد من الناس لأنه معقود بفطرتهم وهو مرادهم وسعة النجاح تختلف من فرد إلى أخر بحسب ما ينشده هو وما يصبوا إليه وكبر النجاح وصغره بحسب السعة الوجودية للإنسان الساعي والمريد لذلك وأما أساس النجاح وشكله ونوعه فيعود إلى عدة أمور مهمة
1- تحديد الهدف: هي نقطة السعادة والتحول والمراد في حياة كل إنسان ببعديه القصير المدى والبعيد المدى وكما قال تعالى في الأول ((فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)) [1] وقال ((وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا)) [2] والبعيد المدى قال تعالى ((وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ))[3] وقال ((وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ))[4], فالأول متعلقة الدنيا والثاني متعلقة الآخرة والأخير مهيمن على الأول وحاكم عليه لأنه أصل هدف الخلق والغاية من وراءه قال تعالى ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) [5] ويمكن الربط بين الهدفين دون الفصل بينهما بعد معرفة حقيقة أصل الخلقة وتذويب كل شيء فيه , ولا ينسى إن لكل إنسان هدف أولي وهدف غائي والأول نصف الحقيقة والثاني كل الحقيقة وهو ما يريده سبحانه من عبيده فطالب العلم مثلا هدفه طلب العلم هذا يسمى أولي لكن ماذا بعد طلب العلم هو هذا المطلوب أي الهدف من الهدف وهنا يجب التركيز على الهدف الغائي لأنه الكاشف عن الحقيقة والموصل لها أكيدا
2- وضوح الهدف : الشيء الواضح والبين ينفع كثيرا في الوصول إليه وتحقيقه لا أن يسير الإنسان في الغموض وعدم الدراية والفهم وعدم استيعاب مفردات الحياة وغيرها - تصور إن سائقا حدد هدف مسيره وتحرك نحوه لكن اختار الطريق الذي فيه ضباب وتعرجات كثيرة فهل انه يصل بسلام او لا يصل أصلا فضلا لو انه انحرف عنه فتأملوا..! قال تعالى ((يَا أَيُّهَاالْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)) [6]
وقال ((إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ))[7], فهل يوجد أكثر وضوحا من هذا الهدف
3- السعي بمحددات الهدف : محددات كل شيء أسس عامة وصحيحة للانطلاق من خلاله فلكل هدف محددات وملامح توضحه وتبين كيفية الوصول إليه فهذا القران يقول ((وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ))[8], انظروا إلى كلمة سعيها وضميرها العائد على الآخرة وهي الهدف ولم يعد إلى الساعي لان طبيعة السعي وحركته المطلوبة إنما يحددها الهدف وعلى ضوء ذلك تتم الحركة
4- ثمار الهدف وآثاره : الإتقان في العمل وتحقيق ما تقدم من النقاط يوجب الثمرة والآثار أكيدا ووجوده كائن "فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا وأما حجمه ومقداره تكشف عنه الآية المباركة ((وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)) [9], وبعد ذلك انظروا ما عبره عن أصل السعي مهما كان شكله ((وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى)) وبعد ذلك أيضا قال ((ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى))[10], ولا يُنسى قاعدة اللطف الإلهي في كل ذلك أكيدا .
© Alhawza News Agency 2019