المقالات والبحوث

البعد الاجتماعي لعيد الغدير - بقلم ام منتظر الكاظمي

 البعد الاجتماعي لعيد الغدير - بقلم ام منتظر الكاظمي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

البعد الاجتماعي لعيد الغدير

 

شرعت الشريعة وعلى لسان اهل البيت ع اربعة أعياد للمسلمين  , فعن سالم : سألت ابا عبد الله (ع) : هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والاضحى والفطر ؟ قال : نعم , أعظمها حرمة .

قلتُ: وأي عيد هو جعلت فداك ؟

قال : اليوم الذي نصب فيه رسول الله (ص) امير المؤمنين ع وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه .. (1)

فعيد الغدير وأن عُدّ من الاعياد الاربعة إلا انه عيد انفرد وتميز عن البقية فهو من أكبر الاعياد الدينية , بل هو عيد الله الاكبر , فيه أكمل الله دينه وأتمم نعمته على عباده ورضي لهم بهذا الدين الاسلامي شريعة ومنهاجا الى يوم القيامة .

فيه نصب الرسول (ص) وزيره علي بن ابي طالب (ع) خليفة للمسلمين من بعده لتطبيق الاهداف الالهية وتبليغها ومواصلة طريق الانبياء .

وجاء الامر الالهي بالتبليغ والتنصيب بقوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )) (2)

فانقاد الرسول (ص) لامر ربه ووقف في ذلك اليوم  وفي تلك الظروف لتبيغ رسالة السماء العظيمة ويقول : 

ألست أولى المؤمنين من انفسهم ؟ قالوا : بلي يا رسول الله . فقال (ص) : 

من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ) (3) 

وبعد بلاغ الرسول نزلت آية الإكمال وهي (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (4)

وهذا دليل واضح ان اكتمال اهداف الرسالة  وضمان عدم وقوع انحراف او فراغ تشريعي او قيادي او سياسي بعد الرسول (ص) انما يتحقق باستمرارية القيادة الالهية المخوّلة من الله تعالى لمن يعيُّنه .

ان لواقعة الغدير ولهذا الحدث الكبير ابعاد كثيرة ومتعددة , ولنركز هنا على بُعدها الاجتماعي , الذي حريٌّ بنا ان نعطي لهذا البعد حجمه الطبيعي ونركز عليه ونقرأه قراءة واعية ونعمل على تطبيقه على ارض الواقع.

فحادثة الغدير وان كانت جديرة لاثبات مسألة الولاية والايمان بامامة علي بن ابي طالب (ع) عقائديا وفكريا إلا ان لها جوانب اجتماعية مهمة تجسدت بامور منها :

_ ارادة النبي (ص) في تجميع كلمة المسلمين على ولاية علي (ع) واقامة الحجة عليهم فتقوى بذلك اواصر الأخوة الاسلامية في المجتمع  الاسلامي بل والبشري عموما , فيكون كتلة واحدة تقف بوجه الاعداء .

نعم , اراد للمسلمين ان يكونوا كالجسد الواحد يترحم احدهم على الاخر ويتألم اذا تألم اخاه , ويواسيه في احزانه ويشاركه افراحه. وهذا المبدأ دعا له الاسلام ومارسه الرسول (ص) في حياته وأمر به , حيث قال :

( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) (5)

_ من الامور الاخرى التي تجسدت في تلك الواقعة ، هي ان عرض الولاية لامير المؤمنين (ع) تم في تلك الظروف الصعبة , وفي ذلك الجو الحار وبعد مشقة الحج لتاتي مسألة تحمل الولاية وعرضها والايمان بها والحفاظ عليها . 

وهذه رسالة لنا لنثبت على ولايته (ع) ونتحمل الظروف الصعبة والمشقة  التي تمر بالانسان وقد تجعله يضعف امام مغريات الدنيا ولذائذها او صعوبات الحياة ومشاقها فيقل تمسكه بولاية اهل البيت ع والسير على نهجهم ,بل عليه ان لايجعل اي ظرف يثنيه عن حبه وولائه لهم ع 

_ وايضا من الامور والرسائل الاجتماعية التي وصلت لنا عبر رسالة الغدير والاختيارية الالهية لعلي بن ابي طالب ع بعد النبي الاكرم (ص) هي ان المجتمع يحتاج  الى القائد الواعي الاجتماعي الذي يفكر بالمجتمع  وبمصالحه المستقبلية  للدين والدنيا . 

وهذا القائد .. وهذه الشخصية تجسدت في امير المؤمنين (ع)  , وهنا جاء دور النبي (ص) ليجعل من هذا الشخص الذي يحمل تلك الروح المسؤولة والواعية والقيادية خليفة له من بعده , تلتف حوله تلك الثلة المؤمنة المصدقة بما نزل من السماء على لسان النبي..

والاحتياج  لهذه القيادة الواعية الاجتماعية القريبة من الناس , والعارفة بكل شؤون حياتهم بصغيرها وكبيرها , قديمها وحديثها , مستمرة في  عصر العصمة  وفي عصر الغيبة الى عصر الظهور المبارك .

نسأل الله وبمناسبة عيد الغدير الاغر ان يجعلنا من المتمسكين والسائرين والثابتين على ولاية ونهج علي بن ابي طالب (ع) 

انه سميع الدعاء 

المصادر:

(1)الكافي 4-149-3

(2)سورة المائدة 67

(3) سنن ابن ماجه (ج1-ص134) .. مسند احمد (ج2-ص112)

(4)سورة المائدة 3

(5)اخرجه احمد ومسلم عن النعمان بن بشير

 

بقلم ام منتظر الكاظمي

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار