المقالات والبحوث

الكتب الغير معتبرة التي اصبحت مصادر لعاشوراء الحسين (ع)

الكتب الغير معتبرة التي اصبحت مصادر لعاشوراء الحسين (ع)
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

الكتب الغير معتبرة التي اصبحت مصادر لعاشوراء الحسين (ع)

 الشيخ حسين الخشن

مما يؤسف له أنّ الكتب غير المعتبرة في هذا المقام كثيرة وهي لا تزال متداولة ومنتشرة ويتم طبعها باستمرار، وفيما يلي نشير إلى بعضها: 

1ـ كتاب «إكسير العبادات وأسرار الشّهادات » للدّربندي، والمعروف اختصاراً بأسرار الشهادة، وهو من الكتب التي أدخلت إلينا العديد من الأخبار التي لا أصل لها، وأعتقد أنّ المحدث النوري المعاصر لهذا الشيخ قد أوضح الأمر بشكل جلي حول شخصية الدربندي وذهنيته وكيفية جمعه لكتابه المذكور، مؤكداً أنّه لا يمكن الوثوق بكتابه، وإن كان هو رجلاً صالحاً في نفسه، ومن أهم الدلائل التي ذكرها المحدث النوري لإثبات عدم الوثوق بكتاب «أسرار الشهادة» أنّ الدربندي اعتمد كمصدر لكتابه على بعض المجاميع المجهولة التي نهى بعض كبار الفقهاء آنذاك عن نشرها أو قراءتها، لما تضمنته من الأكاذيب. والغريب أنّ هذا الكتاب وأمثاله لا يزال في محل التداول ويطبع مراراً وربما اعتمد البعض عليه، «مع أنّ فيه الغث والسمين بما لا يخفى على نقّاد فنّ الحديث»، كما قال العلامة الخبير السيد الخونساري الصفائي.

2ـ كتاب «المنتخب» للطريحي من العلماء المتأخرين، وكتابه هذا لا يمكن التعويل عليه، فهو لا يذكر لنا مصادره، وإنما يرسل الأحاديث إرسالاً، وقد أشار المحدث النوري إلى أن هذا الكتاب مشتمل على ما هو موهون وما ليس كذلك، وهكذا فقد غمز المحدّث الشيخ عباس القمي من هذا الكتاب ومن كتاب «نور العين» الآتي، حيث قال تعليقاً على خبر ضرب السيدة زينب (ع) لرأسها في مقدم المحمل: «لا يوجد ذكر المحمل إلا في خبر مسلم الجصاص، وهذا الخبر وإن نقله العلامة المجلسي، لكن مستنده هو كتاب منتخب الطريحي وكتاب نور العين، ولا يخفى على أهل الخبرة والفنّ في علم الحديث، حال الكتابين المذكورين، ونستبعد القول بأنّ زينب نطحت جبينها بمقدم المحمل حتى سال الدم وإنشادها تلك الأبيات؛ فإنها أجلّ من ذلك وهي عقيلة الهاشميين، عالمة غير معلّمة، رضيعة ثدي النبوة، وذات مقام شامخ في الرضا والتسليم». 

وكتاب المنتخب هذا هو - بحسب الظاهر - أول من روى قصة حديث الكساء بالطريقة غير المشهورة والمتداولة أخيراً في بعض المجالس.

والواقع أنّ المتأمل في الكتاب سيجده مليئاً بالقصص الخيالية المرسلة إرسالاً دون سند أو إشارة إلى مصدر، والغريب أنّ الكثير من قصصه هي من منفرداته، والغالب عليها الطابع الإعجازي وبعضها معاجز ذات بعدٍ وتأثيرٍ كبيرين، مما يفترض ويحتم - بحسب طبيعة الأمور - أن يكون نقلها عاماً ومشهوراً، لا أن ينفرد بنقلها بعض المتأخرين!

ومن الأمثلة على ذلك: خبر الطير الذي تمرّغ بدم الحسين (ع) ثم طار إلى المدينة المنورة وهو ينوح ويبكي، وقد سقطت منه العديد من قطرات الدم على امرأة يهودية مصابة بالجذام والعمى فشفيت من ذلك، وعلى أثر ذلك أسلم أبوها وخمسمائة من قومها، والسؤال هل يبقى الدم طرياً كل هذه المدة؟! ثمّ أين كان هؤلاء الخمسمائة من اليهود إلى زمن الإمام الحسين (ع)؟! والحال أنّ اليهود قد تم إجلاؤهم عن المدينة في زمن رسول الله (ص)! وتمّ إجلاؤهم من الجزيرة العربية بعد وفاته (ص)!

3ـ كتاب «نور العين في مشهد الحسين»، المنسوب إلى أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الإسفراييني الشافعي (419هـ)، هذا الكتاب - أيضاً - لا يمكن الاعتماد عليه لعدم الوثوق به، واحتمال الوضع فيه وارد، لجهة أنّ أسلوبه لا يتلاءم مع أسلوب علماء القرن الرابع كما نبّه عليه المحقق المعاصر السيد عبد العزيز الطبطبائي (رض) والذي رجح أن «الكتاب منحول منسوب، فأسلوبه لا يلائم مصنفات القرن الرابع».

إلى غير ذلك من الكتب غير المعتبرة والتي نبّه عليها بعض العلماء والباحثين، ومنهم الشيخ الريشهري، فقد أورد في كتابه «موسوعة الإمام الحسين (ع)» الصادر مؤخراً، عشرة مصادر تحت عنوان «المصادر غير الصالحة للاعتماد» في مجال معرفة أحداث النهضة الحسينية، منها ما ذكرناه ومنها مصادر أخرى، كـ «محرق القلوب» و«معالي السبطين»، و«ناسخ التواريخ» وغيرها من الكتب المتداولة.

لمزيد من البحث، 

مراجعة عنوان "المصادر غير المعتبرة للثقافة العاشورائية"،

????المصدر :كتاب "الحسين (ع) ثائرًا ومصلحًا"، ص 245.

 الشيخ حسين الخشن

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار