المقالات والبحوث

مُقاربة ٌ منهجيَّة في بيان مَدرك حُجيَّة قول الرجالي (الحلقة الرابعة) علي جميل الموزاني

مُقاربة ٌ منهجيَّة في بيان  مَدرك حُجيَّة قول الرجالي  (الحلقة الرابعة)  علي جميل الموزاني
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

مُقاربة ٌ منهجيَّة في بيان

مَدرك حُجيَّة قول الرجالي

(الحلقة الرابعة)

علي جميل الموزاني

 

      ولو طالعنا مقدمة كتب كل من المحمدين الثلاثة لوجدناهم قد صرحوا في كيفية اختيارهم للأحاديث وما هو الدّاعي لتلك المصنفات الحديثية, فها هو الكليني يقول في مقدمة الكافي (وذكرت أن أمورا " قد أشكلت عليك، لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها، وأنك تعلم أن اختلاف الرواية فيها لاختلاف عللها وأسبابها، وأنك لا تجد بحضرتك من تذاكره وتفاوضه ممن تثق بعلمه فيها، وقلت: إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يُجمع فيه من جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدي فرض الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، وقلت: لو كان ذلك رجوت أن يكون ذلك سببا " يتدارك الله تعالى بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملتنا ويقبل بهم إلى مراشدهم. فاعلم يا أخي أرشدك الله أنه لا يسع أحدا "تمييز شئ مما اختلف الرواية فيه عن العلماء عليهم السلام برأيه، إلا على ما أطلقه العالم بقوله عليه السلام: " اعرضوها على كتاب الله فما وافى كتاب الله عز وجل فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه " و قوله عليه السلام: " دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم " وقوله عليه السلام " خذوا بالمجمع عليه، فإن المجمع عليه لا ريب فيه " ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله ولا نجد شيئا " أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم عليه السلام وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليه السلام: " بإيما أخذتم من باب التسليم وسعكم ")(1).

 

      ويذهب شيخ الطائفة الطوسي اعلى الله مقامه الى أبعد من ذلك فيقول (ذاكرني بعض الأصدقاء أيده الله ممن أوجب حقه "علينا" بأحاديث أصحابنا أيدهم الله ورحم السلف منهم، وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد، حتى لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه، حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا، وتطرقوا بذلك إلى إبطال معتقدنا، وذكروا أنه لم يزل شيوخكم السلف والخلف يطعنون على مخالفيهم بالاختلاف الذي يدينون الله تعالى به ويشنعون عليهم بافتراق كلمتهم في الفروع، ويذكرون أن هذا مما لا يجوز أن يتعبد به الحكيم، ولا أن يبيح العمل به العليم، وقد وجدناكم أشد اختلافا من مخالفيكم وأكثر تباينا من مباينيكم، ووجود هذا الاختلاف منكم مع اعتقادكم بطلان ذلك دليل على فساد الأصل حتى دخل على جماعة ممن ليس لهم قوة في العلم ولا بصيرة بوجوه النظر ومعاني الألفاظ شبهة، وكثير منهم رجع عن اعتقاد الحق لما اشتبه عليه الوجه في ذلك، وعجز عن حل الشبهة فيه، سمعت شيخنا أبا عبد الله أيده الله يذكر أن أبا الحسين الهاروني العلوي كان يعتقد الحق ويدين بالإمامة فرجع عنها لما التبس عليه الامر في اختلاف الأحاديث وترك المذهب ودان بغيره لما لم يتبين له وجوه المعاني فيها)(2).

 

      وفي العدة يقول (فأما من تأخر عن زمان الصحابة والتابعين فلا يمنع من أن يكون فيهم من يدخل في الأحاديث الكذب عمداً ويكون غرضه الافساد في الدين كما روى عن عبد الكريم بن أبي العوجاء انه لما صُلب وقُتل قال: (اما انكم ان قتلتموني لقد أدخلت في أحاديثكم أربعة آلاف حديث مكذوبة) وهذا واحد من الزنادقة والملحدين، فكيف الصورة في الباقين)(3).

 

      ويذكر الشيخ الصدوق في مقدمة كتابه الفقيه الغرض الذي دعاه الى التأليف وهو طلب من أحد الأشراف قائلاً (وصنفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده، ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي - تقدس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعول وإليها المرجع)(4). 

 

فهو يصرح بانه ذكر من الاحاديث ما يحكم بصحته بينه وبين الله تعالى ومن خلال مطالعة كتابه الفقيه نرى بان مبناه في تصحيح الحديث هو مبنى أُستاذه محمد ابن الحسن ابن الوليد(5) فيقول في ذلك ( كل ما لم يصححه ذلك الشيخ - قدس الله روحه – " أي ابن الوليد" ولم يحكم بصحته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح)(6).

 

(يتبع)

 

هوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الكافي, الشيخ الكليني, ج١, ص ٨-9.

2- تهذيب الأحكام, الشيخ الطوسي, ج١, ص٢-3.

3- عدة الأصول, الشيخ الطوسي, ج١, ص٩٦.

4- من لا يحضره الفقيه, الشيخ الصدوق, ج١, ص ٢-3.

5- البجلي الخزاز أبو جعفر الكوفي. ثقة ، عين ، نقى الحديث ، ذكره الجماعة بهذا روى عن يونس بن يعقوب وحماد بن عثمان ومن كان في طبقتهما ، وعمر حتى لقيه محمد بن الحسن الصفار وسعد. رجال النجاشي, ص345.

6- من لا يحضره الفقيه, الشيخ الصدوق, ج٢, ص٩٠.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار