المقالات والبحوث
امامة الصبي والاختبار الصعب
المصدر: (واحة) وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف
امامة الصبي
والاختبار الصعب
...............................
نقلت لنا الاخبار صورا من الازمة النفسية والعقدية والحيرة في اتخاذ الموقف والتي عاشتها الامة امام صغر عمر الامام الجواد ع .
هلموا بنا ونحن نحيي ذكرى شهادة شباب الأئمة ع ، لنقف على رواية تصور شيئا من تلك الاجواء الحالكة التي احتار فيها العلماء والعامة .
ونعقب بعدها برواية اخرى تصور احد مواقف الامام الجواد ع لحل هذه الازمة .
ثم نقف متاملين لنستجلي دروسا وعبرا من الروايتين .
الرواية الاولى :
الناس ولأول مرة يمرون بهذا الوضع، فإن أغلبهم لم يتصور أن يكون حجة الله صبيا، فاجتمع كبار الشيعة ومنهم الريان بن الصلت ويونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى وآخرون وخاضوا في الكلام حول المأزق الذي يمرون به حتى بكى بعضهم لشدة الحيرة.
فقال يونس: دعوا البكاء حتى يكبر هذا الصبي.
فقال الريان بن الصلت: إن كان أمر من الله جل وعلا فابن يومين مثل ابن مائة سنة وإن لم يكن من عند الله فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة أو بعضه، وهذا مما ينبغي أن ينظر فيه.
الرواية الثانية :
روي أن الإمام الجواد صعد المنبر في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بعد رحيل والده فقال :
( أنا محمد بن علي الرضا، أنا الجواد، أنا العالم بأنساب الناس في الأصلاب، أنا أعلم بسرائركم وظواهركم وما أنتم صائرون إليه، علم منحنا به من قبل خلق الخلق أجمعين وبعد فناء السماوات والأرضين، ولولا تظاهر أهل الباطل ودولة أهل الضلال ووثوب أهل الشك لقلت قولا تعجب منه الأولون والآخرون .....................
دروس وتأملات :
1 .اهمية مسالة الامامة واثبات وجودها وديمومتها بشخص المعصوم عليه السلام ، وبالتالي اهمية استقامة الطائفة وصحة عقائدها ، وبقاء وجودها بوجود الامام المفترض الطاعة المنصوص عليه ، الثابتة امامته بالدليل .
روي عن الامام الرضا ع :
( إِنَّ الْإِمَامَةَ زِمَامُ الدِّينِ وَ نِظَامُ الْمُسْلِمِينَ وَ صَلَاحُ الدُّنْيَا وَ عِزُّ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ الْإِمَامَةَ أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي وَ فَرْعُهُ السَّامِي ، بِالْإِمَامِ تَمَامُ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ تَوْفِيرُ الْفَيْءِ وَ الصَّدَقَاتِ وَ إِمْضَاءُ الْحُدُودِ وَ الْأَحْكَامِ وَ مَنْعُ الثُّغُورِ وَ الْأَطْرَافِ )
...............
2 . وعي وحكمة ورسالية طبقة من علية القوم وهم العلماء ، واهتمامهم بهذا الموضوع الخطر والحساس في حياة الناس وعقائدهم ودينهم .
ومتابعتهم الحثيثة لتفاصيله وتثبيته بالدليل القاطع .
فتراهم يجلسون ويتحاورون ويتابعون ويحملون قلقا رساليا ازاء الامر .
وعلى هذا النهج سار العلماء العاملون والفقهاء المجاهدون على امتداد اجيال التشيع خصوصا في الغيبة الكبرى فهم حصون الاسلام وملاذ المستضعفين
روي عن الامام الهادي ع :
(لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه، بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل ) .
...................
3 . قوة شخصية الانسان الرسالي الواعي المتفاني في ذات الله وهو يقف ويتكلم بكل ثقة عن عقائده ، ويدفع الشبهات عن ثوابت دينه ، ويفتخر بهويته .
وهذه رسالة من الامام الشاب لبعث الهمة وتحفيز الارادة عن اتباع الطائفة الحق
للوقوف والثبات ، والاعتزاز بالهوية الاسلامية ، والتصريح بها ، والدفاع عن ثوابتها بكل ثقة .
روي عن الامام علي ع قال :
(إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفا سفها )
وروي عنه ع :
(من رقى درجات الهمم عظمته الأمم)
وعنه ع :
( المؤمن مشغول وقته ، شكور ، صبور ، مغمور بفكرته )
.................
4 . اثبات الكفاءة بالعمل لا بالعنوان فقط ، فالامام الجواد ع اثبت امامته وكفاءته بعلمه لا بعنوانه الديني فقط كما يفعل الكثيرون .
حيث يعتمد بعض الناس على اسم اسرته ، وتاريخ اسلافه ، او منصبه ، وكثرة حواشيه وخدمه والمصفقين خلفه كي يثبت وجوده ، ويقنع الناس بنفسه .
قال الشاعر :
ليس الفتى من قال: كان أبي
إن الفتى من قال: ها أنا ذا . ................
5 . رعاية الإمام المعصوم لامة جده صلى الله عليه واله ،وهو صمام الامان لها عند انزلاق الأقدام، وتيه الافهام ، وتزاحم سحب الحيرة .
فتحرك الامام الجواد ع وتصريحه بامامته ، وتثبيت امتداده الطبيعي لابيه الرضا ع ، واقامة الدليل على حجيته على العباد سكن روع القريبين ، وسد افواه البعيدين .
وهذا يورثنا اطمئنانا سرمديا ان الدين محفوظ بعصمة ووجود الإمام ظاهرا او مستورا .
وان الناس لا تبقه في حيره مهما كثرت الادعاءات، وتكاثرت فرق الضلال والاضلال .
( فإنا نحيط علما بأنبائكم ولا يعزب عنا شيء من أخباركم ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون على إنا غير مهملين
لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء أو اصطلمكم الأعداء ) .
.........................
الشيخ عمار الشتيلي
26 ذ ق 1438
وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019
© Alhawza News Agency 2019